السِّلْمُ .. وَ الحَرْبُ
السِّلْمُ لَيْسَ قَرَارًا سِيَاسِيًّا فَحَسْب .. السِّلْمُ قِيمَةٌ وجْدَانِيَّةٌ ، وثَقَافَةٌ سُلُوكِيَّةٌ، ونَهْجٌ أخْلَاقِيٌّ عَادِلٌ .. السِّلْمُ بَيْنَ النَّاسِ أصْلٌ ثَابِتٌ مُقَدَّسٌ .. وَالحَرْبُ بَيْنَهُم اسْتِثْنَاءٌ مَكْرُوهٌ مَذْمُومٌ, يَزُولُ بِزَوالِ مُبَرِرَاتِه لِقَولِه تَعالى:" فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ". ولِقَولِه تَعالى: "فَإِنِ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ ". وَالإسْلَامُ شَرَّعَ لِلسِّلْمِ قَوانِينَ عَلَى أسَاسٍ مِنْ قَوْلِه تَعالى:" لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ". كَمَا شَرَّعَ الإسْلاَمُ لِلحَرْبِ قَوانِينَ علَى أسَاسٍ مِنْ قَوْلِه تَعالى:" إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ". ويُقَرِّرُ الإسْلَامُ أنَّ مُبَرِرَاتِ الحَرْبِ هِي : الاعْتِدَاءُ والعِدْوانُ, واغْتِصَابُ الحُقوقِ, واسْتِلاَبُ المُمْتَلَكاتِ، والإخْرَاجُ مِنَ الدِيَارِ والأوْطَانِ .. أجَلْ مَا ذُكِرَ أعْلاَهُ هِي: قَواعِدٌ ومَبَادِئٌّ رَبَانِيَّةٌ رَاسِخَةٌ, لا يُسْتَثْنَى مِنْهَا أحَدٌ ، ولَا يُحَابَى بِهَا أحَدٌ ، مَا دَامَت أشْرَاطُها ومُبَرِرَاتُها قَائِمَةً.. يُؤيِدُ ذَلِكَ ويُؤكِدُه كُلُّ الشَرَائِعِ الرَبَّانِيَّةُ ، والفَلْسَفَاتُ الرُوحِيَّةُ ، والثَقَافَاتُ والمُواثِيقُ البَشَرِيَّةُ.. ومُواثِيقُ الأُمَمِ المُتْحِدَةِ تَرْعَى ذَلِكَ وتَنْتَصِرُ لَه .. أمَّا مَا عَدَى ذَلِكَ , وَمَا هُو خِلَافُ ذَلِكَ ، ومَا هُو خُرُوجُ عَلَى ذَلِكَ، وانْتِهَاكُ حُرُمَاتِه . فَهُو أمْرٌ بَاطِلٌ وظُلْمٌ فَاِدحٌ، وهُو عَرْبَدَةٌ أخْلَاقِيَّةٌ ، ورُعُونَةٌ سِيَاسِيَّةٌ مَرْفُوضَةٌ ومَقْبُوحَةٌ ومَمْقُوتَةٌ بِكُلِّ المعَايِيرِ المُعْتَبَرَةِ.. أجَلْ السِّلْمُ بَيْنَ النَّاسِ أصْلٌ ، والحَرْبُ اسْتِثْنَاءٌ .. وتَبْقَى قُدْسِيَّةُ حَيَاةِ الإنْسَانِ, وكَرَامَتِهِ, وحُرْيَّتِه ، وقُدْسِيَّةُ مُمْتَلكَاتِه ومَصَالِحِه ، وقُدْسِيَّةُ حُرْمَةُ وطَنِهِ ومُقَدَسَاتِه وسِيَادَتِه وأمْنِهِ، هِي المَعَايِيرَ الأسَاسَ الصَادِقَةَ لِأي سَلَامٍ عَاِدًل جَادٍ.. واللهُ غَالِبٌ عَلَى أمْرِهِ , وهُو سُبْحَانَهُ المُسْتَعَانُ.
وسوم: العدد 890