25 يناير ثورة علي المحتل
خليل الجبالي
مستشار بالتحكيم الدولي
لا يختلف إثنان أن أمريكا هي العقل المدبر للإنقلاب العسكري الذي تم علي الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي ، وأن العسكر والشرطة وبعض الوجوه الدينية إسلامياً ومسيحياً وحركة تمرد وحزب النور وغيرهم كانوا الأيدي التي تلوثت بدماء شهداء مصر بداية من مجزرة الحرس الجمهوري حتي اليوم.
ولا يختلف أحد أنه كانت هناك أخطاء سياسية في عهد الرئيس مرسي، كما لا يختلف أحد أن المصريين وعلي رأسهم الإخوان المسلمون خُدِعوا في المجلس العسكري ظناً منهم أنه حامي ثورة 25 يناير وأنه قد إنحاز مع الشعب في رغباته لنيل حريته والعيش في ظل العدالة الإجتماعية التي ينشدها، وأن الأحزاب السياسية بمختلف إتجاهاتها كانت تعمل أولاً لمصلحتها الحزبية، وتوجهاتها الفكرية، وأراءها السياسية قبل أن تضع مصلحة مصر في أولى أولوياتها، ومن هنا بدى الخلاف في الأحداث التي كانت تجري قبل الإنقلاب العسكري.
ولكن مما لا شك فيه أن الشعب بعد الإنقلاب العسكري إنقسم إلي شعبين كما يغنيه علي الحجار مغني الإنقلاب.
فشعب الإنقلاب العسكري بدي واضحاً للجميع في إزاحة الإسلاميين عن الحكم مهما قاموا به من قتل وتشريد وتدليس وكذب ومهما بلغهم ذلك من ضياع لكرمتهم، وشرف مهنتهم، وتغيير توجهاتهم حتي يسقط الإسلاميون بلا رجعة كما يودون.
فتري النصاري وعلي رأسهم تواضروس يكرسون أوقاتهم ، وينفقون أموالهم ويترسون قوتهم حتي لا تقوم للإخوان قائمة لتعود مصر نصرانية من جديد كما يوهمون.
وتري أحمد الطيب وشوقي علام وعلي جمعة وسالم عبدالجليل وعمرو خالد وغيرهم ممن ينتسبون إلي علماء الدين كيف باعوا ضمائرهم ليدعموا العسكر طواعية وكرهاً، ممتلئة نفوسهم حقداً وغلاً للإسلام السياسي كما يدعون.
أما حزب النور وأعضائه فلن نخوض في الحديث عنهم، فقد باعوا دينهم قبل أن يبيعوا ضمائرهم ، حتى بدى للشعب حقيقتهم ، فحسابهم علي الله أن يكشف سوءتهم كما كشف حقيقتهم أمام العالم.
لقد بدى للجميع عودة نظام مبارك بعد طوفان البراءات القضائية من قبل قضاة الإنقلاب لرجاله وعودتهم للحياة السياسية مرة أخري ليقفوا صفاً واحداً مع الإنقلابيين لعرقلة عودة الشرعية مرة أخري.
إن هؤلاء الإنقلابيين يظنون أنهم قد احتلوا مصر من جديد ، وأنهم سيحكمونها بيد من حديد، وأن نيران التعذيب ستنال كل من اعترضهم، فكل هذا لا يعنينا اليوم وخاصة في تلك اللحظات الحاسمة ، ولكن ما يعنينا هو كيف تلتحم كل الأحزاب السياسية مع الشارع المصري الموالي للشرعية والذي يسعي إلي إسترداد ثورته من جديد .
إننا أمام شرذمة قامت بإحتلال مصر في 30 يونيه بقوة السلاح، ومما لا شك فيه أن إرادة الشعوب هي الحاكمة ، وهي مصدر الشرعية الحقيقة، ومن ثم فهي النافذ حكمها علي كل مؤسسات الدولة مهما إشتدت قوتهم أو زاد عددهم، أو طغي قادتهم.
فالإرادة الشعبية لن يقف أمامها أحد وإلا ستجرفه إلي شواطئ الظلام ، أو غياهب السجون أو إلي جحيم الأخرة.
إن الدول التي إحتلت مصر في الماضي زال سلطانها كما حدث مع بريطاني العظمي أو فرنسا التي لا تقهر كما يدعون، فما بالك بأناس انقلبوا علي قادتهم أو ساقتهم أهواءهم، أو حركتهم دول كلعب الشطرنج لتحقق أغراضها؟
سيزولون حتماً.
إن الفاشية التي يقوم بها السيسي وزبانيته من عنف وسفك الدماء وسجن وتشريد وظلم للشعب المصري ستحركه حتي يكون ناراً ملتهبة علي هؤلاء الإنقلابيين.
إن ثورة 25 يناير القادمة هي ثورة حقيقة علي محتل يقوم بتدمير البلاد إقتصادياً، كما دمرها سياسياً ودولياً، وإستنزف كوادرها بين السجن أو القتل أو الطرد خارج البلاد.
إن صمود الشارع المصري في مسيراته ووقفاته المستمرة هي التي ألهمت القوي السياسية لتراجع أخطأها، ليلتئم فراقها، وتستعيد تلاحمها حتي تعود وحدتها من جديد للعمل صفاً واحداً تحت نصرة الشرعية وإسترداد الحرية وإزالة الإنقلاب العسكري المحتل بكل أطرافه.
( إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ (4) سورة الصف.