الدولة يحفظها جيشها .. أم عدالة حكّامها ، وحكمة العقلاء فيها ؟
سقطت دول كثيرة ، في التاريخ القديم والحديث ، لم تحفظها جيوشها ، من السقوط !
الجيوش مُعَدّة ، للدفاع عن الدول ، ضدّ العدوان الخارجي .. فكيف تَحفظ الدولة ، من أبنائها ، إذا تحرّكوا ضدّ نظام الحكم فيها ؟
إن الجيش - أيّ جيش - يتكوّن من أبناء البلاد ، جميعاً ، وفق قوانين ، تضعها الدول! فإذا اضطرب حبل الأمن ، داخل الدولة ، وسادت فيها الفوضى .. عاد كلّ عسكري في الجيش ، إلى حاضنته التي ينتمي إليها : أسرة كانت ، أم عشيرة ، أم قبيلة .. ولم يَجد الحاكم حوله ، من جيشه ، إلاّ مَن كان له ولاء خاصّ ! وهؤلاء لا يستطيعون حمايته، من غضب شعبه، إذا كان هو ظالماً، وكان الشعب ناقماً عليه ، ثائراً ضدّه!
لقد أثبتت أحداث التاريخ ، أن الجيوش عاجزة ، عن حماية الحكّام الظلمة ، مهما كانت ثقة الحكام كبيرة ، بهذه الجيوش !
لن نتحدّث عن التاريخ القديم.. حسبُنا ماورد في التاريخ الحديث ، من نماذج ، ماتزال قائمة ، وما تزال الأمّة تتجرّع الآلام منها ، منذ وقت طويل !
دول الربيع العربي ، أثبتت - بما لايدع مجالاً للشكّ- بأن مانقوله صحيح، في جملته؛ فهذه الدول ، التي كان بعضها يفخر، بقوّة جيشه ، وبقدرته على حماية الحكم الفاسد الجائر، من غضب شعبه .. هذه الدول اكتشفت ، بسائر عناصرها ، من حكّام ومحكومين ، أن الجيوش غير قادرة ، على حماية أنظمة الحكم الفاسدة ، من غضب شعوبها ، بل سرعان ما تفكّكت هذه الجيوش ، وطفق بعضُها يقتل بعضاً !
وقد أدرك بعض الحكّام الظلمة ، في بلادنا ، هذه الحقيقة ، فباتوا يعتمدون على أجهزة المخابرات ، بأنواعها : العسكرية والمدنية .. ثمّ اكتشفوا ، أن هذه الأجهزة عاجزة ، هي الأُخرى ، عن حماية أنظمة الحكم ، الظالمة الفاسدة ، من غضب الشعوب ؛ إذ سرعان ماتتفكّك هذه الأجهزة، ويعود كلّ منها، إلى الاحتماء بحاضنته، بعد أن تضعف مكانة الحاكم وقوّته !
وقد سئل أحد الصالحين ،عن تحصين الدولة ، فقال لسائله : حصّنها بالعدل !