ماكرون يكشف عن وجهه الصليبي القبيح
الرئيس الفرنسي ماكرون يكشف عن وجهه القبيح
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يكشف عن وجهه القبيح ليعلن بكل وقاحة: "إن الإسلام يعيش اليوم أزمة في كل مكان بالعالم، وإن على فرنسا التصدي لما وصفها بالانعزالية الإسلامية الساعية إلى إقامة نظام مواز وإنكار الجمهورية الفرنسية".
الاتهامات التي أثارها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثارت ردود فعل غاضبة، فربما تكون المرة الأولى التي يوجّه فيها رئيس غربي اتهامات للإسلام كدين بشكل عام، فماذا يريد ماكرون أن يحقق من وراء تصريحاته التي استفزت مشاعر نحو ملياري مسلم حول العالم؟
لم يأت الرئيس الفرنسي ماكرون بشيء جديد باتهاماته للإسلام بأنه يعاني من مشاكل نفسية فهذه الاتهامات جاءت مقتبسة من كُتَّابٍ جُلَّ همهم التحريض على الاسلام.
الإسلام يرفض العبودية والاستبداد والإقصاء والإكراه
المسلم الذي يرفض الحرية والديموقراطية يعاني من عدم معرفته بالفكر الاسلامي وعلومه، فالإسلام يرفض العبودية ويحث على الحوار وحرية الرأي واحترام الديموقراطية ويؤكد ان الانسان حر بتعبيره وحر في اعتناقه لأي دين، تحت شعار “لا إكراه في الدين”.
الاسلام يحترم جميع الأديان. فأنت إذا ذهبت الى بلد إسلامي فإنك ستجد الكنائس الى جانب المساجد. وإذا أراد المسيحيون ببلد مسلم بناء كنيسة فلن يكون هناك اعتراض. وربما تعرفون أن رئيس وزراء سورية بعيد تحريرها من المستعمر الفرنسي كان مسيحياً هو فارس الخوري، وحمل حقيبة وزارة الأوقاف الإسلامية.
التطرف والعصبية والقومية موجود في جميع الأديان السماوية
التطرف الفكري موجود في جميع الأديان السماوية والفلسفية ومصدره الجهل بتعاليم الأديان، وأيضا الافتراءات، فالحروب الصليبية كان الحسد مصدرها الرئيسي والجهل عن الإسلام، لقد اضطُهِد النصارى في عهد الرومان بتحريض من حسد وجهل بعض اليهود، واضطُهد اليهود بتحريض من جهلة النصارى، وكذلك في الهند وماينمار.
واَضطهِدت محاكم التفتيش في اسبانيا المسلمين واليهود وكل مسيحي ليس من أتباع الكاثوليك، وذلك في عهد الملك فرديناند وزوجته ايزابيلا، إثر القضاء على ممالك الطوائف من المسلمين.
حرية الرأي مضمونة للجميع في جميع الأديان، ولكن حرية الرأي تُنتهك إذا لم يؤخذ بعين الاعتبار شعور الآخرين بأن كرامتهم تتعرض للإهانة.
الأوروبيون يعانون من مشاكل نفسية
في تصريح له حول الاسلام وحرية الرأي، قال وزير الخارجية النرويجي السابق إسبين بارث أن الاوروبيين يعانون من مشاكل نفسية وهي: أنه إذا ما استهزأنا بشخص أسود اللون أنُهِمنا بالعنصرية، وإذا ما انتقدنا سياسة اسرائيل نُتَهَم بالمعاداة للسامية ولكن إذا ما افترى أحدهم على الاسلام ندافع عنه بحجة حرية الرأي.
إذا أردنا حماية الرأي الحر والديموقراطية علينا احترامهما والمحافظة على بنودهما الأساسية وهي عدم جُرْح شعور الآخرين، وإذا أردنا التعايش بين الثقافات علينا حماية بنود الاسلام الذي ينص على احترام العقيدة والرأي الحر.
ماذا قال الرئيس الفرنسي؟
قال ماكرون في خطاب له، الجمعة 2 أكتوبر/تشرين الأول: "الإسلام يعيش اليوم أزمة في كل مكان بالعالم، وعلى فرنسا التصدي للانعزالية الإسلامية الساعية إلى إقامة نظام موازٍ وإنكار الجمهورية الفرنسية"، مضيفاً خلال زيارة لضاحية لي ميرو الفقيرة في باريس: "ما نحتاج لمحاربته هو الانفصالية الإسلامية، المشكلة في أيديولوجية تدعي أن قوانينها يجب أن تعلو على قوانين الجمهورية".
ماكرون أيضاً طرح تفاصيل مشروع قانون ضد ما سماه "الانفصال الشعوري"، استغرق تحضيره أشهراً وعرف عدة تأجيلات، ويهدف إلى "مواجهة التطرف الديني وحماية قيم الجمهورية الفرنسية"، على حد زعمه.
مشروع القانون الذي يسعى ماكرون لإقراره ينص أيضاً على "منع الممارسات التي تهدد المساواة بين الجنسين"، بما في ذلك "شهادات العذرية" التي تحرص بعض الأسر المسلمة على استخراجها قبل الزواج.
"الإرهاب الإسلامي والإسلام فوبيا" تهمة جاهزة يتشدق بها أعداء الإسلام
الخطورة في تصريحات ماكرون ليس في كونها نقدا للدين الإسلامي، فالرئيس الفرنسي ليس مفكّرا يطرح أفكاره للنقاش، بل هو المسؤول الأول في بلد يتراوح عدد المسلمين فيه بين 5 إلى 6 ملايين، وقد جاءت تصريحاته تمهيدا لمشروع قانون ضد ما سماه "الانفصال الشعوري" استغرق تحضيره أشهرا ويهدف، حسب واضعيه، إلى "مواجهة التطرف الديني وحماية قيم الجمهورية الفرنسية" وهو يهدف إلى فرض رقابة أكثر صرامة على الجمعيات الإسلامية والمساجد.
تأتي أقوال ماكرون بعد تصريح أيضا لوزير الداخلية جيرالد دارمانان قال فيها إن بلاده "في حرب ضد الإرهاب الإسلامي" وهو يجعل أي عمل عنيف يقوم به مسلم إرهابا يجرّم الدين كلّه وليس الأفراد الذين قاموا به فحسب، والحقيقة أن هذا التوجّه ليس اختراعا خاصا بماكرون ووزير داخليته، فقد كان الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، أحد نجوم هذا الخطاب منذ كان وزير داخليّة، وهو اتجاه واسع ليس ضمن اليمين الفرنسي المتطرّف، بل ضمن شخصيات وأطياف موجودة في أوساط اليمين واليسار الفرنسيين أيضاً، وقد زادت شعبية هذا الخطاب فلم يعد يستخدم خلال الحملات الانتخابية فحسب وهو يتجه، بفضل سياسيين مثل ماكرون، ليغدو سياسة رسميّة للدولة.
ردود فعل رسمية تندد بماكرون
يوم السبت 3 أكتوبر/تشرين الأول، أعلن الأزهر الشريف رفضه تصريحات ماكرون عن الإسلام، مؤكداً أنها "عنصرية وتؤجج مشاعر ملياري مسلم"، وذلك في بيان لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، بعد يومين من رفض شيخ الأزهر، أحمد الطيب، تصريحات وزير الداخلية الفرنسي التي تحدث فيها عن "الإرهاب الإسلامي".
بيان الأزهر أوضح أن "التصريحات الأخيرة الصادرة عن ماكرون اتهم فيها الإسلام باتهامات باطلة لا علاقة لها بصحيح هذا الدين"، وأضاف: "نرفض بشدة تلك التصريحات ونؤكد أنها تصريحات عنصرية من شأنها أن تؤجج مشاعر ملياري مسلم".
واستنكر البيان "إصرار البعض على إلصاق التهم الزائفة بالإسلام أو غيره من الأديان كالانفصالية والانعزالية"، مؤكداً أن هذا الإصرار "خلط معيب بين حقيقة ما تدعو إليه الأديان من دعوة للتقارب بين البشر وعمارة الأرض وبين استغلال البعض لنصوص هذه الأديان وتوظيفها لتحقيق أغراض هابطة".
كما هاجم مفتي سلطنة عُمان الشيخ أحمد بن حمد الخليلي الرئيسَ الفرنسي بشدة منتقداً تصريحاته التي وصفها المفتي بأنها هجوم غير مسبوق على الدين الإسلامي من جانب رئيس فرنسا، الدولة التي تتفاخر بالحريات والديمقراطية والمساواة.
وفي فرنسا، انتقد مدونون وسياسيون ماكرون بشكل خاص على اختياره مصطلحاً مثيراً للخلاف والفتنة داخل المجتمع، على حد قولهم، كما عبرت الهيئات والجمعيات الممثلة للمسلمين عن تخوفها من أن تسهم تصريحات ماكرون وخطته في انتشار خطاب الكراهية ودفع البعض إلى الخلط بين الدين الإسلامي وتصرفات المتطرفين.
وكتب مدون موجهاً كلامه لماكرون: "خدعة سحرية لطيفة للغاية! في كل مرة تكون فيها فرنسا في أسوأ حالاتها اقتصادياً واجتماعياً (إغلاق المطاعم والحانات والمستشفيات تحت الضغط وإفلاس وبطالة واكتئاب، وما إلى ذلك) تطل علينا قائلاً إن المشكلة في الإسلام".
إلى أين يريد أن يصل ماكرون بعدائه لتركيا؟
كثير من المحللين داخل فرنسا وخارجها ربطوا بين تصريحات ماكرون الأخيرة وبين عدائه لتركيا، في ظل الملفات السياسية المتعددة التي تتواجه فيها باريس وأنقرة سواء في ليبيا أو شرق المتوسط ومؤخراً في الصراع بين أذربيجان وأرمينيا.
ففي ليبيا تساند فرنسا ميليشيات شرق ليبيا بزعامة خليفة حفتر في مقابل دعم تركيا لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس المعترف بها دولياً وأوروبياً وأممياً، وتقف فرنسا في صف اليونان في نزاع الأخيرة مع تركيا بشأن حدودهما البحرية في شرق المتوسط.
وعندما اندلعت الاشتباكات المسلحة بين أرمينيا وأذربيجان الأسبوع الماضي، سارع ماكرون بالوقوف في صف أرمينيا رغم احتلالها 20% من أراضي أذربيجان وصدور 4 قرارات من مجلس الأمن الدولي تطالبها بالانسحاب، بينما أعلنت تركيا وقوفها بجانب أذربيجان حتى تحرير أراضيها.
وبالتالي فإن تصريحات ماكرون الأخيرة قد أثارت مشاعر المسلمين بشكل عام حول العالم وفي المنطقة العربية على وجه الخصوص، ورأى فيها كثيرون أنها جزء من حملة تستهدف الإسلام بشكل عام والمسلمين كافة وليس فقط محاربة التطرف كما يردد المسؤولون الغربيون وحلفاوهم من بعض الأنظمة العربية في المنطقة، وهو ما يزيد من حدة الاضطراب وعدم الاستقرار حول العالم رغم وباء كورونا الذي يتطلب التعاون لمكافحته.
يُعرف عن فرنسا أنها دولة علمانية، مبنية على فصل الدين عن الدولة، وقد انعكس هذا بوضوح في عدد من قوانينها، التي كان آخرها حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، وحظر ارتداء الحجاب في المدارس الحكومية. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يسير هو أيضاً في طريق علمانية الدولة الفرنسية، لكنه يريد دولة أقل تطرفاً، على حد تعبيره. وبالتالي فلا بد له من التدخل عبر "إعادة هيكلة الإسلام الفرنسي".
تخوف ماكرون من سرعة انتشار الإسلام في فرنسا
اعترف ماكرون خلال لقاء صحفي أُجري معه يوم 15 أبريل/نيسان 2018، أن الإسلام بدأ ينتشر بكثرة في فرنسا في السنوات الأخيرة، بعد ارتفاع أعداد المهاجرين، داعياً إلى الحفاظ على وحدة المجتمع باحترام الحريات الدينية، كما أشار إلى أنه يحترم المحجبات ولا يؤيد حظر الحجاب.
ووفقاً لتصريحات الرئيس الفرنسي، فإن الدين الإسلامي يعد ديناً جديداً في فرنسا، ويتراوح عدد معتنقيه بين 4.5 و6 ملايين شخص، أي ما يزيد عن 8% من إجمالي السكان، وحسب توضيحه فإن الإسلام الحقيقي لا يعرف التطرف، وظاهرة "الإسلاموفوبيا" نتجت عن تعاظم بعض التيارات المتطرفة.
محاولة إعادة هيكلة الإسلام
يعتزم "ماكرون" أن يعيد هيكلة إسلام فرنسا، عبر التقدم تدريجياً في خطته التي أجَّل الإعلان عنها إلى أن يكتمل العمل عليها، ويكمن هدفها الرئيسي في الوصول لدولة علمانية أقل تطرفاً، لا تُجبر الأفراد على الالتزام بالإيمان بأي دين، وذلك من أجل الحفاظ على التناغم الوطني.
وتتمثل التفاصيل في إعلان الرئيس الفرنسي، في 4 يناير/كانون 2018، عن أنه يعمل على بناء الإسلام من جديد في فرنسا، بما يضمن إقامة علاقة هادئة له مع الدولة والديانات الأخرى، وألمحت صحيفة "لو جورنال ديمانش" الفرنسية إلى وجود خطة حكومية شاملة، تتضمن إنشاء هيئات لتمثيل المسلمين في فرنسا، بالإضافة إلى برنامج تكوين وإعداد الأئمة، ووضع إطار لتمويل دور العبادة.
يتعلق ذلك بما أوردته صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية، حول القضايا المتعلقة بالإسلام التي فشل رؤساء فرنسا السابقون في حلِّها، وأهمها: استقلال الإسلام الفرنسي عن تأثير البلدان العربية والإسلامية، وتشديد الرقابة على تمويل دور العبادة، وتعيين أئمة فرنسيين كبديل عن رجال الدين القادمين من بلدان أخرى.
ردود إسلامية رافضة لما يحدث
أعلن أحمد أوغراش، رئيس "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية"، رفضَه لما سمَّاه وصايةَ الدولة الفرنسية على الإسلام، وطالب الرئيس "ماكرون" بعدم التدخل في عمل المجلس، بعد تصريحات الأخير المتعلقة بالعمل على إعادة تنظيم الإسلام في فرنسا.
وأكد "أوغراش" أن "ماكرون" بصفته رئيساً للجمهورية يمكنه فقط التقدم بتوصيات لتسهيل مهام المجلس، أما الإصلاحات فهي مسؤولية أعضاء المجلس فقط.
ولم يكتفِ رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بذلك، بل قال إن تعاون ماكرون مع باحثين مناهضين للإسلام من أجل إصلاح الإسلام تختفي وراءه نوايا سيئة، موضحاً أن تخريج أئمة فرنسيين يتطلب وقتاً، وإلى أن يحدث هذا فلا بد من التعاون مع بعض الدول الإسلامية، من أجل جلب الأئمة المسلمين.
فرنسيون مشاهير اعتنقوا الإسلام
لم يقتصر اعتناق الإسلام في فرنسا على العامة فقط، بل شمل عدداً من المشاهير على رأسهم:
1-مغنية الراب "ديامس"
من مواليد عام 1980 في قبرص وانتقلت إلى باريس وهي في الرابعة من عمرها، وذاع صيتها في فرنسا كواحدة من أفضل مغنيات الراب، واعتزلت "ديامس" الحياة الفنية عام 2009، بعدما اعتنقت الإسلام وارتدت الحجاب، وأكدت في لقاء صحفي أنها وجدت الراحة النفسية التي كانت تبحث عنها في الدين الإسلامي.
2-لاعب كرة القدم "نيكولا أنيلكا"
اعتنق الإسلام عام 2004، وأطلق على نفسه اسم عبد السلام بلال، كما أطلق على ابنه الأكبر اسم قيس، ولعب "أنيلكا" لأندية عالمية مشهورة مثل: الإسباني "ريال مدريد"، والإيطالي "يوفنتوس"، والإنكليزي "ليفربول".
3-لاعب كرة القدم "فرانك ريبيري"
لعب "ريبيري" في منتخب فرنسا ونادي "بايرن ميونيخ"، قبل أن يعتزل عام 2014، ليُعلن بعد ذلك إسلامه ويتزوج من مسلمة فرنسية من أصل جزائري، واستبدل اسمه ليصبح بلال يوسف محمد، وسمَّى ولدَيْه بسيف الإسلام ومحمد.
وهناك المئات من المفكرين والفلاسفة والعلماء والقادة من الفرنسيين الذين اعتنقوا الإسلام، وكانوا في مقدمة الدعاة لهذا الدين.
المصدر
*الجزيرة نت-2/10/2020
*عربي بوست-4/10/2020 و17/4/2018
*القدس العربي-5/10/2020
*المركز السوري للعلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية-4/10/2020
*ب ب س-2/10/2020
*وكالة الأناضول-15/3/2018
*صحيفة الراي-8/10/2019
وسوم: العدد 897