كَثُر القتلى والأسرى، وليس في هؤلاء وأولئك: حياةٌ للأجيال، ولا فِدىً وعتقُ! فلمَ؟
قال الشاعر أحمد شوقي ، في قصيدة ، يتحدّث فيها ، عن دمشق ونكبتها ، في عهد الاحتلال الفرنسي :
ففي القتلى لأجيالٍ حياةٌ وفي الأسرى فِدىً لهمُ وعِتقُ !
فهل تختلف الأجيال ، بعضُها عن بعض ؟ لاشكّ ! وهل يختلف القتَلة والآسِرون، بعضُهم عن بعض ؟ بالتأكيد !
لقد قامت ثورات كثيرة ، في عهد الاحتلال الفرنسي ، وفي عهود الاحتلال ، عامّة، فقمعتها السلطاتُ المحتلّة ، بوحشية .. ثمّ خرجت الدول المحتلّة ، من المناطق التي احتلّتها ، وعاشت الشعوب في حقب جديدة ، في ظلال حكومات جديدة ، تُدعى : حكوماتٍ وطنية !
فما الذي جرى ويجري ، في عهود الحكومات الوطنية ، وتحت ظلالها (الوارفة)!؟
صار القتلى من أبناء الشعوب ، تحت ظلال حكوماتها الوطنية ، بالألوف ؛ بل بعشرات الألوف ، حتى بات بعض العقلاء ، يَعقدون المقارنات ، بين قتلى العهود الاستعمارية ، وقتلى العهود الوطنية .. فيترحّمون على أيام الاستعمار؛ لا حبّاً به ، ولكن كرهاً ، لما وصلت إليه الدول وشعوبها ، في العهود ، التي تسمّى وطنية ، أو يَدّعي حكّامها أنهم وطنيون !
صار المعتقلون والمحبوسون ، ظلماً ، يُعَدّون بعشرات الألوف ، إضافة إلى المُغيّبين قسراً، الذين لايعرف أحد مصيرهم ، على مدى سنين طويلة ! وكلّ ذلك ؛ لأن الحكام ينظرون بريبة ، إلى كلّ من لايوالي حكمهم ، أو ينافق لهم ، بَلهَ ، مَن يعترض على طرائقهم في الحكم ، أو في إدارة الدولة !
صار المشرّدون عن أوطانهم ، في ظلال الحكومات الوطنية، يُعَدّون بالملايين، من: أطفال ونساء ، وشيوخ وعجَزة ! وقد فرّهؤلاء ، من حكوماتهم الوطنية ، للنجاة بأنفسهم وأولادهم ، من ظلم هذه الحكومات !
مَن ثار ضدّ هذه الحكومات الوطنية ، اتُّهم بالخيانة ، أو العمالة للأجانب ؛ لأنه تحرّك ضدّ حكم وطني !
فأين أحمد شوقي ، من هؤلاء وأولئك ؟ وأين بيته الشعري ، الوارد في بداية هذا الكلام ؟ وهل دبّت الحياة في الأجيال ، بسبب كثرة القتلى ؟ وهل تحرّرت الأجيال ، من قيود الرقّ والعبودية ؟ أم يُعَدّ ماجرى ، تحت ظلال الحكومات الوطنية ، دروساً، لابدّ أن تعيَها الأجيال ، وضرائبَ ، لابدّ أن تدفعها الشعوب .. حتى تُفرّق : بين حاكم وطني حقيقي ، وآخر مزيّف ، صنعته الدول التي استعمرته ، ذات يوم ، ونصبته وكيلاً عنها ، في حكم شعبه !؟
وسوم: العدد 897