إذا كان استمرار الجائحة قد فرض التعايش معها لتسير الحياة سيرا عاديا فلا يمكن استثناء بيوت الله
إذا كان استمرار الجائحة قد فرض التعايش معها لتسير الحياة سيرا عاديا فلا يمكن استثناء بيوت الله عز وجل من ذلك على غرار كل أماكن التجمعات
ارتفعت مؤخرا أصوات تنادي بفتح بيوت الله عز وجل للعبادة على غرار كل أماكن التجمعات البشرية التي يخشى فيها من انتشار وباء الجائحة خصوصا المؤسسات التربوية التي يقضي فيها المتعلمون والمدرسون مددا زمنية أطول مما تتطلبه أماكن العبادة من وقت ، ذلك أن المؤسسات التربوية يقضي فيها من يرتادونها ست ساعات أو أكثر بينما المساجد لا يتجاوز فيه وقت الصلوات ربع ساعة في كل صلاة ، وهو ما مجموعه ساعة زمنية واحدة وربع الساعة في اليوم .
ويبدو هذا المنطق الذي يتحدث به من يطالبون بفتح بيوت الله عز وجل مقنعا ، ولا تملك معه الوزارة الوصية تبريرا لاستمرار صك معظم أبواب المساجد ، وقد عمدت إلى أسلوب انتقاء فتح المساجد باعتبارات لم تصرح بها إلا أن الملاحظ هو التمييز بين المساجد ،ذلك أن معظم المساجد في الأحياء الشعبية ظلت مغلقة بينما فتحت في أحياء أخرى غير شعبية ، وكأن الوزارة الوصية على الشأن الديني تظن بالمواطنين في الأحياء الشعبية غير ما تظنه بغيرهم في الأحياء الأخرى من وعي بخطر الجائحة أو مزيد احتياط منها .
ويبدو أن هذه الوزارة خلافا لباقي الوزارات لم تفكر كغيرها من الوزارات في موضوع التعايش مع الجائحة التي لم يوقفها قيظ الصيف كما قيل أول الأمر ،فكيف يوقفها حلول فصل الخريف ،وهو فصل الزكام المألوف الذي من شأنه أن يعقد الوضع الصحي في البلاد.
والمعهود في هذه الوزارة أنها تتصرف بنوع من الاستبداد خلافا لباقي الوزارات حيث تتخذ قرارات دون رقابة من قبيل إغلاق المساجد أوتوقيف الأئمة والخطباء لأتف الأسباب ... دون أن تراقب أو تقاضى أمام محاكم كما تقاضى أمامها مختلف الوزارات حين ترفع دعاوى ضدها .
ولقد فرضت هذه الوزارة على من يرتاد المساجد القليلة التي فتحت شروطا لا تختلف عما تشترطه باقي الوزارات بما فيها الوزارة الوصية على قطاع التربية من وضع للكمامات ، وخضوع لفحص درجة الحرارة في كل صلاة ، وفرض لإحضار السجاد ، وفرض للتباعد خلافا لما تؤدى بها الصلوات في الأحوال العادية مع تقنين وقت فتح أبواب المساجد .
وكان من المفروض أن يسري هذا على باقي المساجد التي ظلت مغلقة إلى حد الساعة ، والتي يكتفى فيها لحسن الحظ برفع الأذان فقط . وكان من المفروض أن تحيي سنة من السنن التي درج عليها المغاربة وهي طلب اللطيف في المساجد عسى أن يرفع الله عز وجل وباء الجائحة كما كان الحال عند اشتداد الأزمات .
ولا يعقل أن تعطل خطب الجمعة ، ولا يسري عليها ما يسري على الصلوات في المساجد التي فتحت بحيث يلتزم المصلون التباعد ، ولبس الكمامات ، وإحضار السجاد ، والتزام التعقيم ، فتؤدى صلوات الجمع عوض ما قررته الوزارة من إغلاق المساجد في أوقات الجمع حتى تلك التي سمحت بفتحها في باقي الوقات.
وكما عبر عن ذلك من يطالبون بفتح المساجد للعبادة مع استمرار الجائحة تعايشا معها على غرار باقي المرافق ، فإن عمّار المساجد هم أكثر المواطنين احتراما لضوابط الاحتراز المفروضة للوقاية من عدوى الوباء ، فلماذا يستثنون من التعايش معه وهم على هذه الحال من الانضباط ؟
نتمنى أن تراجع الوزارة الوصية قرارها بالإبقاء على معظم المساجد موصدة الأبواب خصوصا وأن الجائحة مستمرة ، وأن التعايش معها صار مفروضا لتسير الحياة سيرها العادي والطبيعي علما بأن أقل الأماكن عرضة للعدوى المساجد خلافا لما تظنه الوزارة الوصية مقارنة مع مختلف الأماكن من أسواق ممتازة وأسواق شعبية ، ومقاه ، وشوارع ، وحدائق ، وشواطىء ، ومصانع ومزارع ، ومدارس ...
وسوم: العدد 898