نتعاطف مع المظلوم ، لكن إلى أيّ حدّ ؟ ومَن منّا يَقبل أن يكون مكانه ؟
المصابون كُثر: بأبدانهم وأهليهم وأرزاقهم .. وكلُّ عاقل في قلبه شيء من الرحمة، يتعاطف معهم ، ويتمنّى لهم الخير، وأن يرفع الله عنهم المصائب !
ومِن سنّة الله في خلقه ، أن يبتليهم بالمصائب .. قال تعالى :
(ولنبلوَنّكم بشيءٍ من الخوفِ والجوعِ ونقصٍ من الأموالِ والأنفسِ والثمراتِ وبَشّر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون * أولئك عليهم صلواتٌ من ربّهم ورحمةٌ وأولئك هم المهتدون) .
وأسباب المصائب كثيرة ، منها الأمراض ، ومنها الجوائح الطبيعية، ومنها غيرذلك.. وكلها بقدر الله !
لكنّ الحديث ، هنا ، هو عن المظلومين ، تحديداً ، وعن المظلومين ، من قبل سلطات دوَلهم ، على وجه الخصوص .. فنقول :
إنّا نتعاطف مع المسجونين ظلماً ، ومع أُسَرهم : أطفالاً ونساء .. وندافع عن حقوقهم، مااستطعنا ، كلٌّ بالوسيلة ، التي يتمكّن من استعمالها ، قولاً وكتابة .. وغيرذلك !
وإنا نتعاطف مع المقتولين ظلماً : في الشوارع أو السجون ، ومع أسَرهم اطفالاً ونساء ، وندافع عن حقوقهم ، بما نستطيع !
وإنّا نتاطف مع المهجّرين ظلماً ، من أوطانهم ، بسبب خوفهم ، على حياتهم وحياة أسَرهم ، وندافع عن حقوقهم ، بما نستطيع !
وإنا نتعاطف مع الذين هُدّمت بيوتهم ، بالقنابل والصواريخ ، وباتوا في العراء ، مع أسرهم ، لايملكون من حطام الدنيا ، ولا من أساسيات الحياة ، شيئاً ، إلاّ خيمة ، تغطّي أبدانهم ، ولا تحفظها من حرّ الصيف ، ولا من برد الشتاء..هذا إذا وجدوها!
وإنا نتعاطف مع من غرقوا في البحار، أو غرق بعض أفراد أسرهم .. وهم يسعون إلى النجاة ، من ظلم الظلمة ، بالعبور إلى مكان ما ، من أرض الله الواسعة !
أجل ، نتعاطف مع هؤلاء جميعاً ، وندافع عن حقوقهم ، بما نستطيع من كلام !
لكن: مَن منّا يرضى أن يكون ، في مكان أيّ منهم ؛ بل: مَن يشعر، بواحد في المئة، من المشاعر التي تنتاب أيّاً منهم !؟
مَن منّا يعزف عن الطعام، حين يرى صورة العذاب ، الذي يصيبهم، تُعرَض أمامه، على شاشات التلفاز؟
مَن منّا يَقسم لقمة الطعام ، بين أسرته ، وإحدى الأسر الجائعة ، التي يراها أمامه ؟ ولا نقول : مَن منّا يقدّم طعام أسرته ، كلّه ، للأسرة الجائعة ؟
الكلام سهل ، لكن الفعل صعب .. وحسبنا أن نذكّر بقول رسول الله :
مَثلُ المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم ، مَثلُ الجسد ؛ إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائرُ الجسد ، بالسهروالحُمّى !
وسوم: العدد 898