صورة لبن راشد في «متجرك» في القدس مقابل 5 آلاف دولار
لا يكلون ولا يتعبون، لا يتركون وسيلة لمحاولة شراء الذمم والحصول على الدعم والتأييد إلا يتبعونها، ولا يتركون بابا إلا يطرقونه بحثا عن بصيص أمل لعل وعسى يقنعون أحدا بمباركة سياسات سيدهم، أو أسيادهم في الإمارات وتل أبيب وواشنطن. يركزون نشاطاتهم في المناطق الخاضعة للاحتلال، لاسيما في منطقة القدس، التي يقل فيها النفوذ الفلسطيني الرسمي، وتسوء الأوضاع الاقتصادية، ويُعتقل فيها يوميا الناشطون وحراس ومسؤولو المسجد الأقصى والأوقاف.
هذه هي مهمة زبانية محمد بن زايد حاكم إمارة أبوظبي الفعلي وشريكه محمد بن راشد آل مكتوم في دبي، منذ الإعلان الثلاثي عن اتفاق الشراكة مع نتنياهو وترامب في13 أغسطس الماضي، لغرض الترويج لهذا الاتفاق الخياني، مع دولة الاحتلال، والانحياز الكامل للمشروع الصهيوني، ضد مشروع الاستقلال الفلسطيني، والحفاظ على القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، وقبلة للمسلمين والمسيحيين.
لكن محاولاتهم بالتأكيد ستبوء بالفشل، كما باءت من قبل بالفشل وتحطمت على صخرة الصمود الفلسطيني، عموما وخصوصا صمود أهل القدس، التي يفتح الاحتلال أبوابها أمام زبانية بن زايد، ويمدّ لهم حبل حرية التحرك، للضغط على أهالي المدينة، مستغلين في ذلك ظروفهم الاقتصادية الصعبة، بسبب التضييق الاحتلالي عليهم، والضرائب الباهظة التي تفرض، خاصة على أصحاب الحوانيت والمتاجر في البلدة القديمة، التي تحتضن الحرم القدسي الشريف، ودرته المسجد الاقصى وكنيسة القيامة.
وقصة المقدسي عماد ليست إلا واحدة من الكثير من القصص التي يعيشها العديد من أصحاب المتاجر في البلدة القديمة، حيث تحاول سلطات الاحتلال تجفيف مواردهم كوسيلة للضغط عليهم، لإرغامهم على بيع متاجرهم بمبالغ وأرقام خيالية يسيل لها اللعاب، والرحيل عن البلدة القديمة، بل القدس وفلسطين، ولكن ذلك لم يحصل ولن يحصل.
محاولات زبانية محمد بن زايد فشلت وستفشل في شراء الذمم، كما يؤكد ذلك صاحب المتجر عماد، الذي يروي تفاصيل ما حصل له معهم، ويقول إن معارف له زاروه في متجره، وطلبوا منه أن يعلق «على جدار متجره صورة تبع دبي»، يقصد حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم، والحديث عنه كلمتين، تأييدا للتطبيع مقابل ألف دولار، وعندما رفض قالوا له ندفع لك ثلاثة آلاف دولار مقابل تعليق الصورة وكلمة في حقه، وقال عماد «بدهم مني أعلق صورته محل صورة أبوي! قالوا مجددا علق الصورة واحكي بضع كلمات جيدة بحق التطبيع، ونعطيك خمسة آلاف دولار، فقلت لا والله يا عمي، ناكلها خبزة وبصلة وزيت وزعتر ولا نؤيد التطبيع». محمد بن زايد لا يكتفي بتطبيع الإمارات، وأيضا البحرين، مع دولة الاحتلال، بل يريد جرّ المنطقة بأسرها إلى هذا الحيز، مستغلا بذلك طبعا ثروات شعب الإمارات، والدعم السياسي غير المسبوق من الزمرة الصهيونية المتحكمة بسياسات البيت الأبيض. والسودان الذي دخل نادي المطبعين أخيرا، خير دليل. وطبعا تبقى العيون على الصيد الكبير، السعودية التي رغم عدم دخولها النادي بعد، إلا أنها عضو مساند، وداعم أساسي له سياسيا وماليا. وباعتراف الزمرة الصهيونية الحاكمة، فإن ولي عهد السعودية محمد بن سلمان، لعب ويلعب دورا حاسما في إقناع مزيد من المطبعين، تمهيدا لخطوته المقبلة، مستغلا ثروة الشعب السعودي، كما حصل مع سودان الجنرال البرهان. فقد سدد بن سلمان الديون المفترضة على السودان وقدرها بضع مئات ملايين الدولارات، لرفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهي القائمة التي تضعها واشنطن راعية الإرهاب في العالم، من أسامة بن لادن لطالبان و»داعش» وحتى اسرائيل، إنها ديون حددتها واشنطن كتعويضات لمواطنين أمريكيين تضرروا، أو فقدوا أقرباء في عمليات «إرهابية» رعاها نظام عمر البشير، حسب زعمهم، بينما دعم نظام أبو ظبي اقتصاد السودان المطبع بأكثر من نصف مليار دولار ووعد بالمزيد، باختصار فإن نظامي أبوظبي والسعودية يمولان التطبيع مع إسرائيل ويتكفلان بكل نفقاته.
محاولات زبانية محمد بن زايد فشلت وستفشل في شراء الذمم
وأخيرا فإنه في كل مرة يعتقد الواحد منا أن نظام محمد بن زايد وصل الحد الأقصى في مواقفه الصادمة وتعاملاته مع العدو، يأتي هذا النظام بفعل آخر جديد، وهذا يقودنا إلى التأكيد على أن «الهيصة» التي شهدها البيت الأبيض في منتصف سبتمبر، إنما كانت إشهارا لزواج عرفي قائم بالسر لأكثر من 15 سنة، حصلت فيه دولة الاحتلال، رغم ذلك على أكثر من حقوقها، بتثبيت أقدامها في الإمارات، والتحكم بكل مفاصل الدولة، لاسيما الأمنية والنفطية والمالية.
وآخر سقطات بن زايد، ذاك الاتفاق الذي أبرمته الإمارات مع شركات استيطانية لاستيراد نبيذ مستوطنات الجولان السوري المحتل، رغم انتهاكه للقرارات الدولية. ووفق صحيفة «معاريف»، فإن تسويق النبيذ المصنوع في مستوطنة «كتسرين» في الجولان المحتل، سيبدأ الأسبوع المقبل، وتتولى شركة E&A عملية الاستيراد التي ستبدأ أولا في إمارة دبي، قبل أن تنتقل إلى بقية الإمارات. واعتبر مدير عام المصنع أن الاتفاق مع دبي «تاريخي» وأن «هذا اختراق لسوق جديدة ذات قدرة مميزة».
الاستيطان بجميع أشكاله غير شرعي، سواء في مرتفعات الجولان، أو الضفة الغربية، وأي إجراءات أمريكية أو إماراتية غير قانونية، والاستيطان مصيره كما مصير بن زايد، إلى زوال.
وأختتم بقصة نفاق ورياء غير معهودة لفلسطيني وصف إيهود باراك رئيس وزراء إسرائيل الأسبق بأوصاف لا تليق بجنرال سابق في جيش الاحتلال ملطخ بالدم الفلسطيني من رأسه حتى أخمص قدميه، قال هذا الفلسطيني واسمه عمار نجار في تغريدة أرفقها بصورة له مع باراك، «في العام الماضي، التقيت وجلست مع رئيس الوزراء السابق والكوماندوز الأسطوري إيهود باراك لصنع السلام. أولئك الذين يعرفون التاريخ هنا، يعرفون أن هذا قد يكون أحد أقوى الأعمال نحو مستقبل سلمي بعيد عن الماضي المؤلم الذي شهده جيل»، ولكن أين هو هذا السلام الذي تتحدث عنه يا عمار. هذا الفلسطيني مرشح عن الحزب الديمقراطي للكونغرس عن الدائرة 50 في ولاية كاليفورنيا/ كما ذكرت صحيفة «القدس العربي»، وكان يمكن أن تمر الأمور كخبر مزعج عابر تحت عنوان «منافق أفندي»، أراد أن يكسب بعض أصوات اليهود ومؤيدي إسرائيل في الانتخابات. ولكنه ليس فلسطينيا عاديا لا يربطه رابط بالقاتل باراك، بل هو فلسطيني له ثأر وحساب شخصيان معه، أو هكذا يفترض وفق عقليتنا العربية. هذا المرشح هو عمار النجار حفيد الشهيد أبو يوسف النجار، ولمن لا يتذكر هذا الاسم خاصة من جيل الشباب، نقرع أجراس الذكريات، فأبو يوسف النجار هو القائد الفلسطيني الذي اغتاله باراك شخصيا، أمام عيون أطفاله، «الكوماندوز الأسطوري» بينما كان يتخفى بزي امرأة. واستشهد في العملية التي تمت في إبريل 1973 وتعرف بعملية فردان في بيروت، مع اثنين من رفاقه هما كمال عدوان وكمال ناصر.
باراك هو من أكثر الضباط الاسرائيليين حصولا على الأوسمة، لكثرة من قتل من الفلسطينيين، شارك في اغتيال القائد خليل الوزير (أبو جهاد) في منزله في تونس، في ابريل ايضا من عام 1987. لقد تفوق عمار النجار حتى على نفسه في النفاق والانتهازية، وهو ينشر على موقعه في تويتر، صورته مع باراك. ربما يقول قائل إن الرئيس الراحل ياسر عرفات صافح باراك في مفاوضات كامب ديفيد عام 2000 من أجل «السلام». لكن السلام لم يتحقق، ومع غياب الحق العام يبقى هناك الحق الفردي أو بالمفهوم العربي الثأر الشخصي، وهذا موجود ليس عندنا فحسب، بل حتى عند المكسيكيين الذين تنتمي إليهم والدة عمار. وفوق ذلك يخلع عليه الألقاب المدحية وهو قاتل وسفاح ومجرم، فهذه قمة الرياء، فحتى «النفاق له حدود» يا عمار النجار.
وسوم: العدد 901