غُبارالحرب ، وغُبار السياسة : كلّ منهما ، مُهمّ في ميدانه !
كانت الحروب ، تجرى على الأرض ، وحدَها .. وكان الغبار يتطاير، ويغمر رؤوس المحاربين ، ورؤوس خيولهم !
وقد قال أحد الشعراء :
كأنّ مُثارَ النَقع ، فوقَ رؤوسِنا وأسيافَنا ، ليلٌ تَهاوَى كَواكبُهْ !
وقد روي ، عن أحد المقاتلين ، أنه كان ينفض ثيابه ، بعد عودته من كلّ حرب .. ثمّ جمع الغبار، الذي كان يعلق بثيابه ، وصنَعَ منه لبنة ، طلب أن توضع تحت رأسه ، في قبره ، لتكون شاهدة على جهاده !
أمّا اليوم ، وقد تنوّعت وسائل الحروب ومجالاتُها ، فصارت تجري في : البرّ والبحر والجوّ.. أمّا اليوم ، فلم يعد غبار الدبّابات والسيارات ، وحده ، يغمر ساحة الحرب ، بل صار الدخان ، الذي تنفثه الطائرات والصواريخ ، يملأ الأجواء ، كذلك ؛ سواء انطلقت الطائرات والصواريخ ، من الأرض ، أم من البحر!
بَيدَ أنّ عمليات التمويه ، التي تمارسها الدبّابات ؛ بإثارة الغبار حولها ، ماتزال تمارَس حتى اليوم ، في صراع الدبّابات .. يضاف إلى الغبار، ما تطلقه الدبّابة ، من دخان كثيف ، لتضليل المحاربين الأعداء ، وإزعاج مقاتليهم ، بالأدخنة والأتربة !
أمّا الصراع السياسي ، فله غباره الخاصّ ، ودخانه الخاصّ ! وكلّ منهما يثار، في ظروف معيّنة ، للتضليل والتمويه ، وتحويل الأنظار، في اتّجاهات مختلفة ، يريد مثيرُ الغبار أو الدخان ، صرف الأنظار نحوها ، للتغطية على مايريد تغطيته ، من أهدافه أو مآربه !
وواضح ، أنّ الإعلام يؤدّي ، في هذا المجال ، وظيفة مهمّة جدّاً ، بل يكاد الإعلام ، وحدَه ، يكون ميدان صراع هائل ، بين القوى المتصارعة ، أو المتنافسة ! وقد يثير الإعلام غباراً كثيفاً ، أو دخاناً كثيفاً ، حسب الحالة والحاجة ! بل ربّما كان الإعلام بخاراً ، ينطلق من مطبخ سياسي ، تُشتمّ ، عَبرَه ، رائحة الطعام ، الذي يُعَدّ في المطبخ ؛ فتبنى عليه مواقف ، من أنماط مختلفة !
وسوم: العدد 902