لفّـة في أسواق مدينة حلب
نظمها ابنها – المهاجر القديم- عثمان مكانسي
وأنت قادم من ساحة الأحرار بالكلاسة بعد زعتر الناصر على يمينك بياع كعك (سخانة) وهناك حلاب يبيع الحليب، بعده بقليل درج حجر عريض وبطرفه (زحليطة حجر) هذا درج خراق الجلّوم ،تصعد الدرج وتمشي على يسارك باتجاه باب باب انطاكية تجد بيت صبري مدلل رحمه الله.. يمكنك أن تدخل الجلوم وحاراتها وقد تظل مستمراً لتصل مقدمة باب انطاكية ..
قبل أن تدخل ساحة باب انطاكية انظر فوقك تجد سور حجر عتيق ..يدل على أصالة سور حلب.. وإذا نظرت إلى الأعلى وجدتَ كرة حديد معلقة في سقف السور يسمونها (جلة معروف) وهو من ابطال المسلمين يحملها ويقاتل به ووزنها أكثر من مئة كيلو،تحتها إلى اليسار مسجد للمولوية مليء بالدراويش وضرب الشيش.. خذ يمينك وامشِ قليلاً تجد جامع الشعيبية القديم جيمع.. امش تصل لحمام بزدار ..
خلِّك ماشياً لتصل على مفرق إلى اليسار يأخدك لحمّام فقاس ، يا عيني على حمام الفقاس كم تغسلنا فيها، ودرج حي العقبة بعدها بمئة متر خلِّك ماشياً ناحي المدينة لتصل جامع البهرمية ( بناه بهرام باشا)فيه ساحة كبيرة وموضأ وقبة كبيرة رائعة ، ماذا أحكي لك عن مؤذن الجامع له دكان صغيره إلى باب الجامع الرئيسي يصلّح فيه (البوابير) ويهتم بالأذان على وقته رحمه الله ، ولا أنسى إمامه الشيخ كامل السرميني ، أعرف ولده الشيخ عدنان وهو شاذلي دعاني إلى طريقته رحمه الله وأخوه الشيخ هشام رحمه الله صاحبي. .. تمشي إلى الشرق فترى فرن الطابونة المشهور ، وقُدامه بياع الحمص المخفوق (طه) رحمه الله أقول له زد الحمض فيقول( صار فرقاعاً) اي شديد الحموضة
وتمشي فتجد نفسك في ساحة وعلى يمينك خان صغير قدامه ميزان كبير وعلى يساره خان القصابية وهو خان كبير جداً أكثر المستأجرين فيه تجار الخيش، ويطل من الشرق على سوق الخياطين الذي يوصل إلى خان الحرير،
خلِّك ماشياً إلى الشرق تجد نفسك في سوق السقطية المسقوف- وتكون الاسواق مسقوفة من باب أنطاكية إلى غاية سوق الزرب- هو سوق الخضرة والفواكه واللحمة بنوعيها الجمل والخروف، وبآخر سوق السقطية يمكنك أن تدخل خان الجمرك الكبير النظيف وقد كان في عهد العثمانيين للصرافين واهل المال والسفراء، وقد تدخل إلى الخان من سوق الشخاخ – إي سوق الشخاخ- الذي يوصل إلى كنيسة الشيباني التي صارت معملاً للدخان والتتن ، وفي آخر دكان في السقطية بائع عش البلبل ولحم العجين، في سوق السقطية بائعو الفستق والموالح وبزر وقضامة بسكر ويبيعون بالجملة – وهؤلاء يسكنون تحتنا في بناية جدي في سوق الخيش المشرف على سوق السقطية ، وبينهما سوق الحور الذي يباع فيه جلود البقر،
امشِ فوق – نحو الشرق لتدخل سوق العطارين ، وحين يبدأ السوق يبدو على يمينك سوق المَحْمَص فيه مدرستي ( العرفان) وعلى كتفها جامع العادلية مقر جماعة الشاذلية وكان شيخهم في السبعينات عبد القادر عيسى رحمه الله، ويوصلك سوق المحمص إلى باب قنسرين ومنه إلى التلة السوداء وحي الكلاسة والفردوس وحي المغاير الذي ولدت فيه.
وعلى يسار بداية سوق العطارين باب الجامع الكبير القبلية ،أما سوق الحبال فضيق ودافئ في الشتاء وبارد في الصيف يمتد غرب باب الجامع القبلي.وأول دكان على يسارك في هذا السوق الفوال العطري، كل اهل الجلوم والسقطية والعقبة والمنطقة كانوا ياكلون من فوله ، بصراحة فوله طيب ..
وإذا استمررت في المسير وصلتَ مفرق سوق القطن الذي يأخذك إلى بعض الحمّامات الحلبية القديمة ويوصلك إلى ساحة بزه وهو إلى اليمين، وعلى اليسار يمتد سوق النسوان ، تجد فيه النساء كل ما يخصهنّ وتجد السوق يغص بهنَّ،ثم خان الوزير ثم جمعية النبهاني والسويقة عند التاجر المشهور (الباتنجكي) رحمه الله .
أما سوق العبي فتباع فيه العباءات من صوف الخرفان للبدو والفلاحين وقد اشتريت عباءة حين كنت معلماً في الريف الحلبي- وحين تجتاز سوق العبي تصل سوق الزرب كان لجدي عثمان دكان فيه ، وجدي مات قبل أن يتزوج والدي رحمهما الله ورحم المسلمين .
وتخرج من سوق الزرب فترى قلعة حلب قدامك ،وعلى يمينك مستشفى الرازي ، زرت القلعة مرات ، ولم أحظ بدخول مستشفى الرازي بحمد الله ..
أيام طيبة ولّتْ مثلما ولّى أصحابها ، وكما ترانا نتبعهم واحداً إثر واحد.
وسوم: العدد 903