الحكام في الجزائر أجهزوا على ربيع الشعب الجزائري مرتين محاولين خداعه
الحكام في الجزائر أجهزوا على ربيع الشعب الجزائري مرتين محاولين خداعه والاستخفاف بإرادته من خلال صرف أنظاره عن المشاكل الداخلية للبلاد
لقد كان من المفروض بعد رحيل الاستعمار الفرنسي البغيض عن أرض الجزائر أن يبدأ فيها مسار الديمقراطية على غرار ديمقراطيات البلدان التي تتبنى النهج في سياستها إلا أن ما حصل مع الأسف الشديد هو حلول استبداد عسكري فيها بعد الاحتلال . وكانت ذريعة العسكر المستبد لتبرير استبداده هو قيادته لمقاومة الشعب للاحتلال ،علما بأن الشرذمة المستبدة منه قامت بتصفية بعض أعضاء قيادة المقاومة ، وزجت بالشعب الجزائري الذي كان يقاوم الاحتلال بشعار الإسلام والعروبة في إيدولوجية سوفياتية ملحدة وحاقدة على الإسلام . وظلت شعارات هذه الإيديولوجيا تضلل الشعب الجزائري المسلم، وهو يعاني منها الويلات اقتصاديا واجتماعيا حتى اكتشف بعد عقود تهافتها وفشلها حين جوعته شرذمة العسكر المستبدة ، وعبثت بمقدراته ، وأدخلته في دائرة ضنك العيش وقلة القوت تماما كما كان حاله في فترة الاحتلال. وكانت سياسة تلك الشرذمة هي صرف أنظار الشعب عن واقعه المزري إلى خارج البلاد ، وتحديدا إلى المغرب دولة الجوار حيث تحرشت به بعد سنة من استقلال الجزائر لتظهر أمام الشعب أن البلاد كانت ضحية لعدوان الجار الشقيق ورفيق الكفاح ضد الاحتلال الفرنسي وهي لمّا تلملم جراحها النازفة بعد .
وبعدما ساءت الأوضاع داخل البلاد في بدايات السبعينات ،ومل الشعب الجزائري أسطوانات شرذمة العسكر التي كانت تعده برفاهية عيش موهومة ، فكرت في صرف أنظاره مرة أخرى نحو البلد الجار ، فاختلقت كيانا وهميا على ترابها في مدينة تندوف، وزجت ببعض أبناء ربوع الصحراء المغربية المحررة في مخيمات أشبه ما تكون بمعتقلات ، واعتمدت في ذلك على كتلة المعسكر الشيوعي الحاقد ، وجلبت منه مرتزقة للقتال ، وقد أثبت الوقائع ذلك من خلال قتل الجيش المغربي وأسر فلول منهم ومن غيرهم ممن غرر بهم من الصحراويين المغاربة .
وظلت شرذمة العسكر المستبدة تتاجر بقضية الصحراء المغربية ، والأوضاع داخل البلاد تزداد سوءا حتى ضاق الشعب الجزائري ذرعا بذلك ، وثار لكرامته من أجل إنهاء فترة الحكم المستبد ، والدخول في مسار ديمقراطي ، فكان أول ربيعه قبل أن يعرف أي قطر عربي الربيع . ولما تبينت الشرذمة الحاكمة أن الأمر سائر في اتجاه انتصار الديمقراطية على الديكتاتورية العسكرية ،عمدت إلى انقلاب دموي دامت دمويته عشر سنين أدى خلالها الشعب التواق إلى الانعتاق ثمنا باهظا حيث أزهق من الأرواح ما يعادل ما أزهق المحتل الفرنسي منها في قرن وثلث قرن . وكانت ذريعة الشرذمة المستبدة هو ما سمته محاربة الإرهاب الإسلامي ، وهي فكرة شيطانية تلقفتها عن جهات خارجية كان قد أقلقها خيار الشعب الجزائري الميّال للعودة إلى ماضيه الإسلامي المشرق بعد ظلام فترة الاحتلال الفرنسي البغيض .
واستمر الوضع سوءا في الجزائر ، وظلت الشرذمة الحاكمة تستخف بالشعب ، وتعده الوعود الكاذبة دون أن يرى من ذلك شيئا . وقد صفت جسديا بعد الإجهاز على ربيعه الرئيس الشهيد محمد بوضياف لما رأت عزمه الأكيد على تغيير مسار الديكتاتورية الجاثمة على البلاد ثم ظلت الشرذمة تتناوب على كرسي الرئاسة حتى آل الأمر إلى عبد العزيز بوتفليقة الذي ظل يطوف البلاد طولا وعرضا وهو يهرج ، ويحاول تضليل الشعب عن طريق تبرير تردي أوضاعه الداخلية ويعزو ذلك إلى الجوار المغربي مستخفا به ، وعابثا بعواطفه حتى انتهى به الأمر بما انتهى إليه سابقه هواري بومدين إلى شلل أقعده لكنه ظل متشبثا بكرسي الرئاسة والشرذمة تعيث في البلاد فسادا، وتسطو على عائدات ثروات النفط والغاز ، وتخزنها في البنوك الأجنبية، الشيء الذي قدح شرارة ربيع الشعب الجزائري الثاني والذي جاء متأخرا عن ربيع الشعوب العربية الأخرى، لأنه كان قد ذاق عذاب ربيعه الأول فأوجس من الثاني خيفة . ومع ازدياد سوء الأحوال المعيشية، خرج الشعب الجزائري إلى الشوارع مطالبا بالديمقراطية من جديد عن طريق مسيرات سلمية حتى لا يواجه مصيرا شبيها بمصير ربيعه الأول . ولما أدركت الشرذمة أن نهايتها قد قربت لجأت إلى حيلة تنظيم انتخابات صورية أوصلت إلى كرسي الرئاسة أحد أفرادها ليبدأ معه فصل جديد من مسرحية صرف أنظار الشعب عن أوضاعه المزرية داخليا والتي لا نهاية لتدهورها المستمر . وهكذا عاد الرئيس الحالي إلى مستنقع ما يسمى قضية الشعب الصحراوي ليحركه مرة أخرى مستخفا هو الآخر بالشعب وساخرا منه عن طريق التنطع والعنترية العسكرية ليوهمه بأن قضية الشعب الصحراوي أهم من قضيته، علما بأن مقدرات هذا الشعب، وما يدفعه من ضرائب تصرف على تسليح عصابات البوليساريو المتورطة في الفساد وتجارة المخدرات والسلب والنهب وقطع الطرق .
ولمّا تصدى الجيش المغربي لقطاع الطرق من هذه العصابات، وفك حصارا كان مضروبا على النقطة الحدودية الكركرات مع مورتانيا الشقيقة، ثارت ثائرة الشرذمة الحاكمة ،وأخذت تهدد بدق طبول الحرب ، وأوعزت إلى عصابات البوليساريو التملص من قرار أممي وإعلان العودة إلى استفزاز القوات المسلحة الملكية على تخوم الجدران الرملية عند حدود المغرب الشرقية .
ومع شديد الأسف يبدو أن حيلة الشرذمة المستبدة الحاكمة لا زالت تضلل الشعب الجزائري وتصرفه عن أوضاعه الداخلية المزرية خصوصا مع ظرف انتشار واستفحال وباء كوفيد 19 ،وذلك عن طريق توريطه في المضي قدما في وهم مساندة عصابات إجرامية خارجة عن القانون الدولي دون أن ينتبه إلى أن سبب تردي اوضاعه المعيشية والصحية هو انفاق الشرذمة الحاكمة على تلك العصابات بسخاء لتسليحها وتشجيعها على القرصنة وقطع الطرق، وذلك حتى لا يعاود هذا الشعب المسكين الكرة من أجل بعث الحياة من جديد في ربيعه الذي صودر منه عن طريق حيلة انتخابات فاقدة للمصداقية ومكرسة لاستمرار حكم شمولي مستبد .
فمتى سيحسم هذا الشعب العظيم أمره بجد ، ويكسر قيد الاستبداد ليعيش بعد ضنك العيش حياة الكرامة والعزة والرفاهية والتقدم في ظل ديمقراطية حقيقية ضاعت منه مرتين وليحقق حلم وحدة مغاربية على غرار وحدة المعسكر الغربي التي تعيش شعوبها رفاهية العيش والتقدم ؟؟؟
وسوم: العدد 904