القرار مرّة أُخرى : الفرديّ قاتل .. والجَماعيّ أشدّ قتلاً .. والحلّ في الشورى !
قال تعالى ، يخاطب نبيّه : (فاعفُ عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر..).
وقال الشاعر: إذا كنتَ في حاجةٍ مُرسِلاً فأرسلْ حكيماً ولا تُوصِهِ
وإنْ بابُ أمرٍ عليكَ التَوى فشاوِر لبيباً ولا تَعصِهِ
وقال شاعر آخر: ولا تَجعل الشورى عليكَ غَضاضةً فإنّ الخَوافيْ قوّةٌ للقَوادمِ
والسؤال هو : مَن صاحبُ القرار: أهو فردٌ أم جماعة ؟
فإذا كان فرداً ، فمَن هو؟ أيْ : ما أخلاقه ؟ ما قدراته العقلية ؟ وكيف يتّخذ قراراته ..؟
وإذا كان جماعة ، فمَن هي ؟ ما أخلاق أفرادها ؟ وما قدراتهم العقلية ؟ وكيف يتّخذون قراراتهم ..؟
عن القرار الفردي ، قال الشاعر:
لايَصلح الناسُ فوضى ، لاسَراة لهمْ ولا سَراةَ ، إذا جُهّالُهمْ سادوا
تُهدى الأمورُ بأهلِ الرأي ، ماصَلحتْ فإنْ تَولّتْ ، فبالأشرارِ تَنقادُ
قرار الفرد :
قد يكون خاصّا به .. وقد يكون في القرار حَيف بحقّ النفس .. أو يكون في صاحبه حماقة، أو مرض نفسي ! ومن القرارات الخاصّة : محاولة الانتحار .. تبذير الأموال .. إدمان المسكرات والمخدّرات..توزيع الأموال بالحلال، عند الموت ، وترك الأسرة في حالة فقر!
وفي هذه الأحوال ، يتدخّل أصحاب الشأن المقرّبون ، لشكم صاحب القرار، أو ردعه .. وقد يستعينون بالقضاء ، للحجر عليه ، بحسب القرارات التي يتّخذها !
قد يكون صاحب القرار، رئيساً لحزب ، أو قبيلة ، أو دولة .. ويستبدّ برأيه ، أو يغلّب مصاحه الخاصّة ، على مصلحة الهيئة التي يقودها ، فيدمّرالهيئة ! في هذه الحال ، يتدخّل أصحاب الشأن ، في الهيئة ، فيشكمونه ، إذا تمكّنوا من ذلك ، قبل تدميرهم !
قرار المجموعة :
قد تقود المجموعة : شركة ، أو قبيلة ، أو حزباً، أو دولة .. وكلّ فرد في المجموعة ، يُعَدّ شريكاً ، كامل الشراكة ، في صناعة القرار! وبعضهم أعرف من بعض ، في أمر ما .. فحين يراد اتخاذ قرار، في هذا الأمر، كلّ فرد من المجموعة، يرى أن من حقّه إبداء رأيه؛ بل يرى رأيه أصوبَ من رأي غيره .. ويحصل التنازع ، بين أعضاء المجموعة ! وقد يهدّد بعضهم الآخرين ، بأنه ، إذا لم يأخذوا برأيه ، سيستقيل ، أو ينشقّ ، أو يشكّل مجموعة أخرى : حزباً ، أو شركة ..! وقد يطالب بحصّته ، من أموال الشركة ، إذا كان القرار يخصّ شركة .. وهكذا ! ثمّ تحصل المجاملات ، والترضيات ، والتنازلات.. فيخرج القرار مِسخاً ، أو مشوّهاً ، أو ناقصاً ، أو ملفّقا ..! وحين تظهر نتائج كارثية له ، يتنصّل كلّ فرد في المجموعة ، من المسؤولية الفردية .. وكلّ منهم يتنصّل بطريقته الخاصّة ! وقد يزعم بعضهم ، أنه كان معارضاً للقرار ..! وهكذا تموت المسؤولية عن القرار، ولا يُعرف مَن قاتِلُه ! وحتى لو جرت محاكمة للمجموعة ، فمِن العبث أن يسوّى ، بين المعارض للقرار، والمتحمّس له !
الشورى هي الحلّ : إنه القرار الفردي ، الذي يتحمّل مسؤوليته فرد : يُحاسَب عليه .. ويرفد عقله بعقول الأخرين ، المختصّين في الأمر المطروح ؛ فيغنون عقله ، دون أن ينازعوه حقّه ، في صناعة القرار ! ونذكّر بالآية الكريمة ، في بداية هذه السطور!
وسوم: العدد 911