السفاح مات.. والعقبى للآخرين
وليد رباح /الولايات المتحدة الأمريكية
تحضرني عندما ( نفق) السفاح شارون كلمة : اذ ربما يتعظ الاخرون ..
وكلمة (نفق) ليست هي جمع الانفاق التي نستخدمها عند سياقتنا أو سيرنا اسفل جسر او فوق نهر مغطى او حتى انفاق غزة .. وانما تقال (للماشيه) اوالسوائب على اختلافها عندما ( تفطس) .. اذ لا يجب ان نقول ماتت القطة او الخنزير او العنزه .. وانما نقول نفق\نفقت .. ذلك درس بسيط باللغة العربية لمن لا يفهمونها . وتوضيحا اكثر .. كثير من الكتاب او من يسمون انفسهم كذلك .. يرسلون مقالات لي لنشرها فيقولون مثلا : هرع الى ضرع امه.. والضرع لا يقال الا للبقره .. والمرأة ليست بقره وانما من صنف الانسان ولها ثدي تلقمه الصغير عندما يجوع .. وحتى ان ظن ( الكاتب ) انها صحيحة .. فكيف يهرع الطفل الى ذلك ( الضرع ) وهو لا يقوى على ان يهرع .. الا اذا ولد مكتمل النمو مثلما كان شارون .. وبشنب ايضا .
وكلمة ( مات ) هي كلمة عزيزة عليّ لا اذكرها الا للمحبين او من هم في الطريق لان احبهم .. والسفاح شارون أحبه بالقدر الذي احب فيه ( المجرمون) فقد امضى ثماني سنوات في العذاب .. يدخلون (خرطوما او انبوبا) في جرح غائر من جسده فيصرخ ولكن صراخه يختنق في حنجر ته فلا يظهر الا لنفسه .. .. ربما كان لا يرى ما يجري وهو في غرفة ( الانعاش ) وقد قلت قبل ذلك على رأي المصريين ( وابقوا قابلوني ان عاش ) .. وما حدش قابلني .. لانه ببساطة لم يخلد الا في اذهان من يماثلونه في الاجرام .
ولقد خمنت او ايقنت ان ثماني سنوات كانت كافية في نظر مجرمي السياسة في اسرائيل لان يحيا السفاح مرة اخرى .. فقاموا بخلع ( البرابيش او الخراطيم) عن جسده وصدره وقلبه عمدا .. ثم هرعوا الى المناديل الورقية لكي يمسحوا دموع التماسيح التي خرجت عنوة من مآقيهم . ليعلنوا للعالم موت ذلك الذي يحمل على كاهله الاف الثكالى واليتامى والاموات والشهداءالذين تركهم خلفه .. ولم تفلح الدموع في ان يكون للسفاح قلب انسان ليعتذر عما فعله ..
من يقرأ سيرة شارون يتخيل انه يقرأ سيرة الشيطان .. أوابليس .. او سيرة من ضرب الكعبة بالمجانيق او سيرة حرب البسوس ..او سيرة المذابح التي حصدت ارواح الهنود الحمر او سيرة يوشع بن نون .. ولا ادري ان كان يوشع هو النبي او [(استلف) احدهم اسمه لاقتحام اريحا .. وقال ( لقطعانه) : بالسيف وحده يحيا الانسان .. وغيرهم مما يحفل التاريخ أوالكتب الدينية بما صنعوا ..
وبما ان التاريخ يحوي من العبر الكثير .. فلم اقرأ حتى اليوم من هو اكثر وحشية من شارون .. حتى هولاكو كان اكثر رحمة منه .. ونيرون كان طفلا الى جانبه .. وعتاولة الاجرام عبر التاريخ كانوا تلاميذ له .. واني لاتخيل ان اولئك المجرمين عبر العصورقد انتقلت ارواحهم الى روح شارون فغدا كتلة ضخمة من الشر لا يماثله انسان على وجه البسيطه .. هذا ان كان انسانا ..
سوف لن نعدد الجرائم التي ارتكبها شارون في حياته خشية ان يفرح المستوطنون الذين سرقوا الارض واستباحوا العرض .. فحزننا فرحهم .. ونكبتنا فخرهم .. وموتانا يضحكونهم .. وعزاؤنا عزهم .. وحبنا كرههم.. ولم يخلق الله انسانا .. هكذا .. له من الشر ما كان في قلب تلك الكتلة الضخمة من الشحم واللحم الذي بناه على الصراخ والنحيب .. وان له في الطب الحديث اسما يقال : ( سادي) وهو يفرح لتعذيب الاخرين .. مثلما ينتزع من فلاح فلسطيني يعيش من ( حاكورته) التي يزرعها قطعة ارضه لكي تكون مأوى له عند موته .
كتب شارون سيرته قبل ان تستقبله غرفة الانعاش باشهر .. واغلب الظن ان تلك السيرة ( العطرة ) سوف تكون نبراسا لغيره من المجرمين .. ولسوف تدرس في اكاديميات اسرائيل على انه بطل من بناة دولة اسرائيل .. ولن يذكرون ما فعله شارون في حياته من ( مآثر) خلدته على طول الزمان .. فالقتل عندهم رحمة .. والتعذيب جنة الله .. وصراخ الايتام نعمة ..ودموع الثكالى كأنه عيد ( المساخر ) ..
وانى لاتمنى بعد موتي ان ارى شارون كيف يتقلب على الجمر الذي كوى به الالاف من البشر.. ببساطة لانهم عرب .. ففي سبيل قيام دولة اسرائيل .. لا بأس ان يحترق كل هذا العالم .. ولكي اقول له بعد عودتي الى قريتي وبيتي الطيني .. ها قد عدت يا شارون .. فماذا نفعك ان تأكل لحوم الموتى وتشرب في عظامهم نخب قيام دولة اسرائيل التي سادت ثم بادت .