من جهاد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
[من كتاب: "الجهاد وأوضاعنا المعاصرة"، ص89، تأليف: حسان عبد المنان المقدسي]
عن أبي وائل أنّ خالد بن الوليد كتب: بسم الله الرحمن الرحيم، مِن خالد بن الوليد إلى رُستُم ومهران وملأ فارس، سلامٌ على مَن اتّبع الهدى، فإنّي أحمدُ إليكم الله الذي لا إله إلا هو. أما بعدُ فإني أعرِضُ عليكم الإسلامَ، فإن أقررتُم به فلكم ما لأهلِ الإسلام، وعليكم ما على أهل الإسلام، وإن أبيتُم فإني أعرِضُ عليكم الجزيةَ، فإن أقررتم بالجزية فلكم ما لأهل الجزية وعليكم ما على أهل الجزية، وإن أبيتُم فإنّ عندي رجالاً يُحبُّون القتال كما تُحبُّ فارسٌ الخمرَ. [رواه ابن أبي شيبة 12/555 بإسنادٍ حسن، وانظر "تاريخ الطبري" 2/309].
هذه حالُهم، فأين نحنُ منهم؟ استبدلنا الوهم والغشاوة بحب القتال، فأصبح حجاباً عن الحقيقة، له سلطانٌ على الإرادة، وحكمٌ على العزيمة، أصبحنا نَجِدُ القوةَ فينا ضعفاً، والمأمن مخافةً، فاللّه نرجو السلامة، وأن يُعيدَ إلينا القلوب المؤمنة، التي لا ترى الموتَ إلا جنةَ الخُلد، فيها يُنَعّمون، وفيها يؤجَرون الأجر العظيم، هؤلاء هم المؤمنون الذين لا خوف في نفوسهم، لا يخافون القوةَ مهما عَلتْ، ولا يخافون الأعداء مهما تزايدت، بل لا يزيدُهم ذلك إلا قوةً وصلابةً وطلباً للشهادة. قال الله تعالى في هؤلاء: (الذين قالَ لهم الناسُ إنّ الناسَ قد جَمَعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً، وقالوا: حسبُنا الله ونِعمَ الوكيل. فانقلبوا بنعمةٍ مِن الله وفضلٍ لم يَمْسَسْهُم سوءٌ، واتّبعوا رِضوان الله، والله ذو فضلٍ عظيم. إنّما ذلكم الشيطانُ يُخوّفُ أولياءَه فلا تخافوهم وخافونِ إن كنتم مؤمنين). {سورة آل عمران: 173-175}.
وسوم: العدد 920