مفعول الكلمة

الحق كلمة ، والباطل كلمة

الخير كلمة ، والشّرّ كلمة

الإيمان كلمة ، والكفر كلمة

فالكلمة بذرة المعاني ، تُزْرَعُ في القلوب والعقول فتُثمر الصَّلاح والرَّشاد 

والإسعاد ، إذا كانت حقاًّ وخيرا ، أو تُنبت أشواك المآسي والفساد ، إذا كانت باطلا وشرًّا

قال عز وجل : " أَلَمْ تَرَ كَيفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلا ًكَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طيِّبةٍ أصْلُها ثَابتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤتِي أُكُلَها كلَّ حينٍ بإذن ربِّها ويضربُ اللهُ الأمثالَ للنَّاسِ لعلَّهم يتذكَّرونَ * ومَثَلُ كلمةٍ خبيثةٍ كشجرةٍ خبيثةٍ اجْتُثَّتْ من فوقِ الأرضِ مالَها من قرارٍ يُثَبِّتُ اللهُ الذينَ آمنُوا بالقولِ الثاَّبت في الحياةِ الدُّنيا وفي الآخرةِ ويُضلُّ اللهُ الظَّالمينَ ويفعلُ الله ما يشاء " (24-25-26 ) إبراهيم

والكلمة كالذرّة في انطوائها على قوى هائلة رغم صغر حجمها ، فهي تؤثِّر في المعاني والمباني ، وقد تؤدِّي إلى تغيير معالم الحياة في الزّمان ، فكم رفعت ناسا ووضعت ناسا ، وصانت نفوسا وقطعت رؤوسا ، وجلبت ثروات وسببت إفلاسا ، فالكلمة تملك قوة التَّغيير و التّدمير ... تدمير الباطل إذا كانت حقا ، أو تدمير الحقّ إذا كانت باطلا ، فالصّراع الأزلي بين الحقّ والباطل هو نزال مستمر بين كلمات الحقّ وكلمات الباطل ، وأقوى قوى الكلام قوى كلمات القرآن الكريم قال عز وجل : " لَوْ أنزلنا هذا القرآنَ على جَبَلٍ لرأيتَهُ خاشعًا مُتصدِّعا من خَشيةِ الله وتلكَ الأمثالُ نَضربُها للنَّاسِ لعلَّهم يَتفكَّرُونَ " 21 الحشر

وكلّ كلام يتبنى معاني كلمات القرآن من مقال أو قصيد ، فهو ينطوي على نسبة من تلك القوة ، حسب مقدار القرب من المعاني القرآنية

والمطلوب منّا نحن المسلمين أن نُكثر ونُحسن زرع كلمة الحقّ المستوحاة من كلمات القرآن بكلّ الفنون والمنابر ، كالشّعر ، النّثر ، المسرح ، السنما ، التّعليم ، الوعظ ....

ألا فلنَدَعْ كلمات الحق تنتشر وتمر، ولو كانت ذات طعم مر ، فسيتولَّى الله إنباتها في العقول والقلوب ولو بعد حين لتنتج ثمرا حلوا : يقينا دامغا أو خيرا سابغا

ولنُلقِ ما جعل الله في أيدينا من عِصِيِّ الكلام الحقّ على إفْكِ سحرة الزُّور والباطل فيحولها إلى حيَّات تلقفُ ما يأفكون ، أو قنابل تدمِّر ما يحبكون

المطلوب منَّا أن نحرِّر كلمة الحقِّ ولا نحاصرها بخوفنا وتهاوننا وتردُّدنا وحساباتنا فنبطل

مفعولها ، لأنَّنا إذا حاصرناها خلا المكان والزَّمان لكلمة الباطل ، فتدمِّر وتُفسد وتُشقي

فلا تحاصروا كلمة الحقِّ يا مسلون ، حرِّروها وانشروها ... لكن بالحكمة والصّدق والرّفق

وسوم: العدد 925