كيف ستكون سورية المستقبل؟ (ج1)

كنا طرحنا في مقالنا السابق بعنوان (هل يمكن تصحيح مسار الثورة السورية؟!) خطة عمل جادة، لتصحيح مسار الثورة. 

وقد لاقت - بفضل الله تعالى - تأييداً، ودعماً جيداً إلى حد ما، كبداية مشروع ضخم جداً، يُراد منه تصحيح مسار الثورة، وتحرير سورية من المحتلين جميعاً. 

والآن نعرض في مقالنا هذا، عن تصوراتنا للشكل السياسي، والاجتماعي، والإداري لسورية المستقبل.   

في سورية المستقبل! ستكون الحرية، هي أغلى وأثمن وأعظم شيء يملكه الإنسان! وسيمتلكها كل إنسان يعيش على أرض سورية، بقوة الحق والعدل.. وليس هبةً ولا منحةً، ولا هديةً من الحاكم.  

كل إنسان يولد أو يعيش على أرض سورية! سيكون حراً طليقاً.. يتكلم بما يشاء، ويعبر عن آرائه وأفكاره بما يشاء، وينتقد من يشاء، من أعلى مسؤول في الحكم إلى أدناه. لا يخاف إلا الله، ولا يخاف أن يُسجن أو يُعتقل، أو يُذل أو يُهان. 

حرية التعبير، والرأي، والنشر في أي وسيلة إعلامية موجودة على أرض سورية – أياً كانت – مكفولة لكل إنسان حر يعيش على أرض سورية. 

له الحقُ كل الحق! أن ينشر ما يشاء، وكيفما يشاء، وفوراً وبدون تأخير، ولا اعتراض من أي حواجز أمنية، ولا مطالبات بموافقات استخباراتية، على شرط أن يكون ضمن حدود الله أولاً.. فلا يُسب الله، ولا رسله، ولا دينه، ولا يُنتقص منهم شيء – فهذه خطوط حمراء! لا يُسمح بتجاوزها إطلاقاً – وثانياً ضمن إطار الأخلاق، والدين، والفضيلة، والآداب العامة. 

 فلا يجوز أن يُتهم أي إنسان! إلا بدليل وبرهان. ولا يُقذف أي إنسان! إلا بحجة وإثبات. ولا يجوز أن يُسب، ولا يُشتم أي إنسان، بكلمات بذيئة نابية! 

ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً! يُستدع إلى القضاء ليُحاكم، ويُجلد ثمانين جلدة أمام الملأ، إن لم يأت بالشهود، والإثبات. 

 ولن يُسمح لملوك، وأصحاب الصفحات، والمجموعات الفيسبوكية، والمواقع الإعلامية – أيا كانت - بالتحكم بعقول الناس، وآرائهم! فلا ينشرون إلا بعد موافقة جلالتهم!  

بل يجب عليهم، أن يتركوا الباب مفتوحاً على مصراعيه، لينشر من شاء، بما يشاء! على شرط أن يكون باسمه الحقيقي وليس المستعار، وإن نشر ما يُسيئ! فسيطاله القضاء، ويعاقبه، ولو صعد إلى السماء. 

ولن يُسمح لهم بأن يكونوا أوصياء على الناس البتة. وإذا مارسوا هذه العادة الاستبدادية القبيحة مع أي أحد من الناس! سيتعرضون إلى المحاكمة القضائية فوراً، ويُقال لهم أجيبوا على هذا السؤال (متى استعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟!) ويُعطون إنذاراً أولياً! بألا يتحكموا في نشر أي مقال مهما كان. 

وإذا كرروا هذه العادة الشنيعة، والهواية الاستبدادية التسلطية مرة أخرى! بألا ينشروا إلا بعد موافقتهم، أو يمنعوا النشر بأي حجة - سوى المحظورات الآنفة الذكر -.. ستغلق مواقعهم، ويُسجنون. 

لن يكون في سورية المستقبل! اضطهاد للإنسان الحر الشريف، ولا قمع للرأي، ولا حجر على العقول، أن تفكر بما تشاء، ولا حظر من التعبير بما تشاء، ضمن الضوابط المذكورة أعلاه. 

وكل من يحاول أن يمارس أي وصاية على الناس، أو تكميم للأفواه، أو شراء للذمم، أو رشوة للعقول، لتقول ما يخالف قناعتها، وما يؤيد الراشي.. سيلق أشد العذاب، وتقطع يداه ورجلاه من خلاف.  

الحرية تاج! من حق كل إنسان يعيش على أرض سورية أن يلبسه، ولا يحق لأي مخلوق كان، أن ينزعه عن أي إنسان! بأي ذريعة من الذرائع، أو حجة من الحجج! ومن يفعل ذلك ظلماً وعدواناً! يعاقب على ما ارتكبت يداه.  

الحرية! هي شريان الحياة.. ومن يقض على الحرية، يقض على الحياة. 

ومن يقض على الحرية، فهو ظلوم جهول، ومستبد وطاغية كَفَّار، يجب محاربته وقطع يديه ورجليه من خلاف، وصلبه في جذوع الأشجار. 

لا مساومة على الحرية في سورية المستقبل، ولا تنازل عنها قيد أنملة! ومن يعمل على تقييدها أو تحجيمها، أو حظرها أو خنقها، فإنما يعمل على سحق الحياة الإنسانية، ومحق الحضارة الإنسانية، وإماتة الإبداع والابتكار السوري.. الذي تميز به على العالمين عبر العصور. 

وإننا على ثقة ويقين.. بأننا سنحقق هذه التصورات الجميلة، البهية لسورية المستقبل بدمائنا وأرواحنا، وبعزيمتنا وإراداتنا، واعتمادنا على المولى عز وجل. 

فمن أراد لروحه أن تشرق، وتسمو إلى أعلى عليين. ومن أراد أن يحظ بتلك الحياة الكريمة العزيزة. أو على الأقل! أن يحظ أولادُه بها.. فيكونوا هم سادة سورية المستقبل.. بدلاً من عصابات بشار، والدهماء والرعاع. 

فليضع يده في يدنا.. ولنمضي كلنا في طريق واحد.. على تحقيق هذا المشروع الكبير الذي عرضناه قبل أيام. 

وإننا على ثقة ويقين.. بأننا سنجبر العالم كله.. أن يركع تحت أقدامنا.. فليس الفيتناميون بأفضل منا.. ولا أعز منا.. حينما أجبروا أمريكا أن تركع تحت أقدامهم.. وتنسحب صاغرة ذليلة.. تولي الأدبار.. ولها ضراط.. يصم الأذان.. كضراط الشيطان حينما ينادى بالأذان.. كما ورد في صحيح مسلم (إذا نُودِيَ بالأذانِ أدْبَرَ الشَّيْطانُ له ضُراطٌ، حتَّى لا يَسْمع الأذانَ). 

فهيا – يا أحبتي – إلى المعالي.. إما أن نعيش أعزة كرماء.. سادة الدنيا.. أو نموت أعزة كرماء.. وندخل الجنان من أي باب نشاء..    

وفي سورية المستقبل! لن تكون فيها انتخابات هزلية، ومسخرة، واستهزاء بالعقول البشرية - بذريعة ما يُسمى الديموقراطية الكذوبة، الوهمية - حيث يتنادى الدهماء، والرعاع، وأوشاب الناس، وأراذلهم! من كل حدب وصوب.. من القرى، والأرياف، والبوادي! وهم لا يعرفون من ينتخبون، ولماذا ينتخبون؟! وقد تم مسبقاً شراء أصواتهم ببضع ليرات معدودة. 

وفي سورية المستقبل! لن تكون هذه الصور الفولكلورية الحزينة، المأساوية (التراجيديا) المضحكة (الكوميديا) حيث يتراكض الناس القطيع، منذ الصباح الباكر، ليقفوا طوابير طويلة، لأجل أن ينتخبوا من اشترى أصواتهم ببضع ليرات معدودة. 

ولن تكون هناك ترشيحات لمجلس التصفيق، والهتاف، وتمتلئ الشوارع باللافتات، والشعارات الخداعية، التضليلية (الديماغوجية). 

ستُمحى هذه المظاهر الجاهلية، البدائية، المتخلفة، المُضحكة، كلياً من أرض سورية المستقبل، والتي كانت وما تزال متبعة منذ قرن من الزمان، في طريقة انتخاب أعضاء ما يُسمى مجلس الشعب، ومن ثًمَ انتخاب الشخص الوحيد المرشح لرئاسة الجمهورية. 

 إن الطريقة الحضارية، والعقلانية، والعلمية، والاجتماعية اللائقة بعظمة سورية المستقبل! في اختيار النواب الأمناء، الصادقين، والمخلصين، والمتفانين في خدمة الشعب، كي يمثلوه في مجلس محترم، قدير، قوي، عظيم، له أبهته، وعزته، وكرامته، وله فاعليته، في إصدار القوانين العادلة للشعب كله، والمنبثقة من الشريعة الإسلامية فقط لا غير.. حيث إنها هي المصدر الوحيد، والأوحد للتشريع.. وهذه هي الطريقة المثلى، المتوافقة مع الهدي الرباني.. ستكون على الشكل التالي: 

  1. يجتمع وجهاء كل قرية التي تتبع محافظة معينة – وهي أصغر وحدة في التنظيم الإداري للمحافظة – عند المختار، وبحضور الشرطة أو الدرك – إن كان عدد المؤهلين للانتخاب أكثر من ألف شخص ذكر أو أنثى فيختارون شخصاً يمثلهم.. وإن كان العدد أقل، فيذهبون إلى قرية أخرى، أو تجتمع عدة قرى لاختيار شخص واحد يمثلها. 
  2. ثم يجتمع وجهاء الناحية – وهي الوحدة التالية في الكبر بعد القرية – التي يتبع لها مجموعة القرى التي اختارت ممثليها، فيختارون شخصاً واحداً يمثلهم. 
  3. ثم يجتمع وجهاء المنطقة – وهي الوحدة الثالثة في التنظيم الإداري – التي تتبع لها جميع النواحي التي اختارت ممثليها، ويختارون شخصاً واحداً ليمثلهم. 
  4.  ثم يجتمع وجهاء كل حي في مركز المحافظة، ويختارون شخصاً واحداً يمثلهم. 
  5. وأخيراً يجتمع ممثلو أرياف المحافظة، مع ممثلي أحياء المدينة، في مكان عام تخصصه الدولة أو من يمثلها، ويتم فيه الترشح للمجلس النيابي، بحيث يتم اختيار نائب واحد فقط عن كل مائة ألف من سكان المحافظة – بما فيها الريف والمدينة –. 
  6. يمكن أن يتكرر اجتماع ممثلي المحافظة عدة مرات، وكحد أقصى أسبوع، لاختيار العدد المطلوب لتمثيلهم في المجلس النيابي.  
  7. وبعد أن يتم اختيار ممثلي الشعب في جميع المحافظات، يجتمعون في مبنى المجلس النيابي في دمشق، ويختارون الحاكم منهم، ولو بنسبة 50.1% ولمدة خمس سنوات فقط، غير قابلة للتجديد للحاكم، وللمجلس النيابي، ويبايعونه على السمع والطاعة، في المنشط والمكره، وعلى المحاسبة إن حصل منه أي تقصير. 
  8. ويُطلق عليه اسم الحاكم فقط – وليس رئيس الجمهورية أو الملك أو السلطان – ويُطلق على سورية اسم دولة سورية فقط، دون أي إضافة أخرى.  
  9. وبعد خمس سنوات، تُكرر نفس الطريقة، بهدوء، ورتابة، ودون ضجيج إعلامي، ولا تضيع ساعة واحدة في الدعايات الإعلامية الفارغة. 
  10. ويحق لمن اختار أي نائب، أن يتقدم أكثر من النصف، بطلب عزله إذا لم يف بوعوده التي قطعها على نفسه، أثناء ترشحه. وكذلك يحق للمجلس النيابي، أن يطلب أكثر من نصفه، بعزل الحاكم، إذا بدا منه أي تقصير يضر بالمصلحة العامة.. 

تلك عشرة ضوابط كاملة، ناصعة البيان، واضحة الهدف، سامية في الأخلاق، سامقة في الشمائل والأوصاف، راقية في الأسلوب، لا يُدانيها أي أسلوب في العالم أجمع، لاختيار حاكم سورية المستقبل، ونوابها والأمناء على مصلحتها.  

نتابع – إن شاء الله – في مقالنا التالي، تصوراتنا عن سورية المستقبل.  

وسوم: العدد 933