وأخطر ما يفعله المحدودون تقزيم المناهج والمدارس والأفكار ...

وأخطر ما يفعله المحدودون تقزيم المناهج والمدارس والأفكار ... 

المدرسة السلفية أنموذجا

وكثيرا ما يقفز بعض الناس إلى المناهج، والمدارس والأفكار ، فيتبنونها، ويرفعون رايتها ، ويتدارون بروائها الجميل، فيسيئون بمحدوديتهم ، وسوء اختيارهم، إليها ..

وقد كان المسلمون، منذ ثلاثة قرون تقريبا، بحاجة ماسة إلى منهجية سلفية، حقيقية، تعيد النظر في بعض تراث الإسلام العلمي والفقهي والاجتماعي والسياسي من جهة، فتنفي عنه بعض ما لحق به من ضعيف النصوص والآثار، ومن تراكمات الفقه " الوقتي أو الزماني" الذي أخذ قداسته من كون بعض الفقهاء قالوا به أو أقروه في عصر من العصور ، أو في بيئة من البيئات..

كان المسلمون بحاجة إلى المدرسة السلفية لتقود حركة علمية سلفية مبصرة، في إعادة تنزيل " نصوص الشريعة الثابتة المقدسة" على واقع حياة المسلمين الجديد، بما يحقق المصالح الشرعية الكبرى، ويدرأ عن حياة المسلمين كل المفاسد، التي جرتها عليهم تراكمات عقائد وأفكار وعادات تسربت إليهم من مصادر شتى عبر القرون، والتبست في أذهان الكثير منهم بالقداسة على أنها مطالب حقيقية للدين الصحيح ..

وكان المسلمون بحاجة إلى " المدرسة السلفية "لتعيد بناء " الشخصية الإسلامية" التي تليق بعصرها، ولإعادة التأسيس لمجتمع مسلم ، ودولة مسلمة، وحياة إسلامية معاصرة على قواعد الإسلام العريضة والركينة من جهة ثانية ، وعلى معطيات التطورات العصرية التي اتضحت معالمها في حضارة الإنسان وعلى كافة الجبهات ..

كنا نحتاج إلى العقل السلفي المنفتح والأكثر تنورا على مستويات التعلم والتعليم، والتلقي والتنوير، وعلى مستويات سلوك الفرد الاجتماعي ، وعلى مستوى بناء الأسرة ، وعلى مستوى إدارة المدرسة والجامعة ، وعلى مستوى الإعلام، وعلى مستوى الترفيه الهادف، وينكرون أن الترفيه الهادف جزء من حياة الناس...

كنا بحاجة إلى عقل سلفي مثل عقل عمر ينظر في سهم المؤلفة قلوبهم فيقول : قد أغنى الله عنهم . ويقال له: إن " تغلب" قوم عرب يأنفون من دفع الجزية، فيقول فليسمها ما شاؤوا، وينظر إلى سعة سواد العراق فيقول "فمن لذراري المسلمين" ويرى حجم الجوع في عام المجاعة فيدرأ عن السراق حد السرقة ...كان عمر بهذا المعنى سلفيا حقيقيا في إحياء المقاصد ، والوقوف مع جوهر التعاليم .

كنا وما زلنا بحاجة إلى العنوان السلفي الإيجابي في كل ميادين الدين والفكر والسياسة والاقتصاد والاجتماع، في البيت والأسرة والحياة العامة والخاصة..

كنا بحاجة إلى المدرسة التي تميز لنا وعلى كل المستويات بين التقاليد والتعاليم . المدرسة التي تستطيع أن تستوعب أنه حتى في عصر الرسول الكريم كانت هناك تعاليم وتقاليد، فتنظيف الأسنان وتطهير الفم في شريعة الإسلام تعليم، واستخدام السواك وتخصيص عود الأراك، تقليد، الطهارة والنظافة تعليم، واستخدام الحجارة في حينه تقليد. وهكذا يطول بنا التمثيل...

وحصل في القرن الثاني عشر أن وثب أشخاص على المنهج الذي ما زال المسلمون في أمس الحاجة إليه ، فقزمّوه على الطريقة التي نرى .. لا تبنوا على القبور ، ولا تقوموا عليها، وقصروا الإزار ، ولا تنسوا الأراك، وإلى آخر الدستة من التعليمات التي أداروا عليها كل قضايا الدين والدنيا ...

نعم سلفيون حتى النخاع نحن ...

بمعنى أننا حريصون على إقامة ديننا ودنيانا على جُماع ما صح من النصوص. في فقه مستشرف يقوم عليه علماء راشدون أول ما نعتبره فيهم " تقوى وعلم وفهم" ومواكبة للعصر الذي نعيش ..