تجاهل «أم بي سي مصر» لنشاط السيسي… وإغلاق قناة الزيتونة!
هل تقاطع قناة «أم بي سي مصر» أعمال الجنرال عبد الفتاح السيسي، أم أنها تقاطع نشاط القوات المسلحة المصرية؟!
هذه القناة ضمن حزمة قنوات شبكة «أم بي سي» وقد أطلقت بعد النجاح الذي حققته قناة «الجزيرة مباشر مصر» تماماً كما أن «سكاي نيوز عربية» ستطلق قريباً قناة للبث المباشر، تقليداً لشبكة «الجزيرة» التي أطلقت «الجزيرة مباشر» نظراً للنجاح الذي حققته القناة القطرية، وعن المحاكاة حدّث ولا حرج؛ فقنوات مثل «العربية» و«سكاي نيوز عربية» و«الحدث» و«أبو ظبي» و«الإخبارية» انطلقت من باب التقليد والمنافسة!
وفي حملته ضد «الجزيرة مباشر مصر» تمدد محمد حسنين هيكل، وهو يقول إنه لا يجوز أن يملك بلد قناة من أجل أن تؤثر في سياسات بلد آخر، وكان، رحمه الله، بليغاً في صك القواعد والمصطلحات، فهو من أطلق على قانون تأميم الصحافة، اسم «تنظيم الصحافة» في حين أن التأميم والمصادرة كانا مصطلحين شائعين بشكل رسمي في هذه المرحلة وفي القوانين، وبمناسبة احتفالات نصر أكتوبر، فعندما أراد هيكل قصف جبهة مبارك، قال «إن الضربة الجوية عمل من أعمال الوظيفة»!
وفي حملته على «مباشر مصر» ذكرناه بأنه ينتمي إلى دولة عبد الناصر، التي عرفت الإعلام الموجه، كما أن القاهرة فيها محطة «أم بي سي مصر» وهي محطة تلفزيونية ليست مصرية، الأمر الذي يؤكد أن العداء هو بسبب الأداء، وليس للقواعد التي يبنيها هيكل على جرف هار!
ولم يحدث أن شاهدت «أم بي سي مصر» نهاراً، فأمر عليها أحيانا في وقت إذاعة برنامج عمرو أديب، وأحيانا يستوقفني مصطفى الفقي، عندما يحل ضيفاً على شريف منير، لكن في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة، بمناسبة الاحتفالات بذكرى نصر أكتوبر، كانت «أم بي سي مصر» من بين القنوات التي أمامي على الشاشة. وكانت «الجزيرة مباشر» كعادتها تنقلها على الهواء مباشرة، لكن «أم بي سي مصر» كانت غير معنية بالأمر، إذ كانت تقدم برنامجاً خاصاً بالشخص الكاريكاتوري «أبو حفيظة» وتعجبت لهذه الصدفة البليغة، وقديماً قالت العرب: رب صدفة خير من ألف ميعاد! وبانتهاء فقرة «أبو حفيظة» كانت وصلة إعلانات ممتدة عن مطاعم وخلاف ذلك!
اللافت أن تجاهل هذا الاحتفال على أهميته، وهذه الندوة السنوية للقوات المسلحة المصرية، لم يقتصر على البث المباشر، لكن امتد لأعمالها عموماً، فلم تكن الدرر التي قذفها عبد الفتاح السيسي موضوعاً لخبر عاجل على الشاشة، فالتجاهل لكل ما قيل فيها، بما في ذلك الشهادة التاريخية، للواء أركان حرب سمير فرج، الذي بدا كما لو كان جاء خصيصاً ليدلي بها، وكيف أنه كان قائد كتيبة تشرفت بالتحاق الملازم أول عبد الفتاح السيسي، فقد منحه امتيازا في التقارير السرية، وكتب أنه ضابط صاحب قرار!
لست في معرض التحريض على «أم بي سي مصر» لإدراكي أن العين لا تعلو على الحاجب، وهي القاعدة التي استدعاها الجنرال، عندما قال قائده السابق إنه (أي القائد) شرف بالعمل معه (يقصد الملازم أول) فقال السيسي إنه (يقصد ذاته) من كان معه (يقصد قائده) ثم أردف: العين لا تعلو على الحاجب!
وإن اختلفت العيون والحواجب، في قولنا عن قول الجنرال، فلا أحد في مصر يمكنه أن يلزم مثل هذه القناة بشيء، أو يعاتبها على تقصير أو تجاهل، فمصر في العهد الحالي تعرف القنوات التلفزيونية، التي تبث من العاصمة المصرية، لتكون خاصة بدول أخرى، خارج ولاية السلطة المصرية، مثل القناة الإماراتية «تن» التي كان مقرراً لها أن تكون ذراعاً في الفترة المقبلة ضد أردوغان وحزبه، ولا نعتقد أنها ستتوقف عن البث، وتبدو المصالحة التركية الإماراتية على قدم وساق، لكنها ستكون هشة لأنها مصالحة فرضتها الحاجة وليست المصالح المرسلة، وعند تغير المواقف الدولية، أو عودة ترامب في أقل من أربع سنوات للبيت الأبيض، ستعود الأمور إلى ما كانت عليه، والعاقل هو من لا يفرط في أسلحته!
وهذا على العكس مما هو حاصل من الطرف الآخر، فيبدو واضحاً أن الأتراك عاطفيون على غير الشائع عنهم، فيندفعون في اتجاه المصالحة بقلب صافي ونية سليمة، وبعد وقف برنامجي هيثم أبو خليل وحسام الغمري، على قناة «الشرق» تبدو الأمور تتجه إلى إغلاق قنوات تركيا تماماً.
وليس هذا هو الموضوع، فـ «تن» ستستمر لوقت الحاجة، وما الدورة الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية، في عمر الدول، إلا كلمح البصر، فالموضوع هو أن «أم بي سي مصر» و«تن» خارج نفوذ السلطة المصرية، والعين لا تعلو على الحاجب، لكن يظل اللافت هو هذا التجاهل، من قبل قناة تحمل اسم مصر، لموضوع مهم كهذا، بالمقاييس المهنية؟!
لا شأن لنا بالأمر، فقديما نهت العرب عن الدخول بين البصلة وقشرتها!
إغلاق قناة الزيتونة
وكأن المهيب الركن قيس سعيد، حريص على أن يقدم لنا الأدلة اللازمة للتأكيد على أن ما قام به هو انقلاب مكتمل الأركان، فلم يكتف عهده بإغلاق مكتب قناة الجزيرة، وإنما امتدت تصرفاته لإغلاق قناة الزيتونة!
الحضور الأمني لمقر «الزيتونة» وهذه التصرفات الهوجاء هي مشهد مصغر، لما جرى في مصر ليلة الانقلاب، عندما ذهب الأمن في «تجريدة» كبيرة إلى مدينة الإنتاج الإعلامي، وأغلق قنوات بعينها، كما أغلق مكاتب قناة الجزيرة، وداهم مكتب الجزيرة مباشر مصر.
وإذا كان الجدل الدائر في السجالات التلفزيونية هل ما حصل في مصر انقلاب أم ثورة؟ فقد كان هذا المشهد الذي كنت أسوقه للتأكيد على أنه انقلاب ضمن أدلة أخرى.
لقد قالت هيئة الإعلام السمعي والبصري، إن «الزيتونة» لم تحصل على الترخيص القانوني للبث، لنكون أمام سؤال يولد سؤالاً. والسؤال الوالد ولماذا لم يتم الترخيص لها حتى الآن؟ والسؤال المولود ولماذا لم يتم تطبيق القانون سوى الآن، وبعد أن استوى قيس سعيد على الجودي، وقال بعداً لدولة القانون؟!
في مصر، فإن إشارة البث كانت بيد الانقلاب، وفي لحظة كان يمكن انهاء عمل هذه القنوات بدون حضور القوات المدججة بالسلاح، والأمر نفسه في تونس، لكن الانقلاب بطبيعته يصدق فيه القول المأثور: «غشيم ومتعافي» و»الغشم» معروف، أما «متعافي» فهو مدعي القوة!
شكراً قيس.. نورت المحكمة!
أرض جو:
– ليس وقف البرنامج التافه والركيك اسماً ومعالجة «الستات ما يعرفوش يكدبوا» على قناة «سي بي سي» هو الموضوع، فالموضوع هو من سمح لمذيعة محدودة الكفاءة والحضور بتقديم برنامج تصول فيه وتجول هي وصديقاتها، وهي التي تفتقد لقوة الصوت ووضوحه؟ عندما نعرف من سمح لها يمكننا أن نعرف من أوقفها؟!
– مع أن محمود سعد عاد يقدم برنامجاً للتسلية، بعد أن أحالوه في السابق للتقاعد، فقد تم إيقاف البرنامج وتسريحه. ومن عيوب الحكم المستبد، أنك لا تعرف من عيّن ومن سرّح؟ ولماذا عيّن ولماذا سرّح؟ قال محمد الباز إن تسريحه مسؤولية القناة، وقال محمود سعد بنصف لسان إنه يغادر بقرار ليس مسؤولية القناة أو مسؤوليته هو.. إنه «اللهو الخفي» إذاً.
– الحديث عن أن «اليوتيوب» سيكون بديلاً لمحمود سعد لتقديم برنامجه هو كلام فارغ، في بلد حدود المشاهدة فيه حسب باقة الانترنت، عشر دقائق!
وسوم: العدد 950