لماذا العالم كله يريد قتل السوريين؟
إن الأسباب الحقيقية التي تدفع الناس إلى كراهية شعب ما، والسعي إلى قتله، والخلاص منه ، قد تكون هي التالية:
إذا كان هذا الشعب مؤمناً بالله ، ومتمسكاً بعقيدة التوحيد ، وملتزماً بالحدود الربانية التزاماً كلياً ، فإنه يجعل غيرَ المؤمنين ، يكرهون ذلك الشعب كراهية شديدة، ويمقتونه ويبغضونه بغضاً كبيراَ.
وقد بين الله العليم الخبير بنفوس عبادة جميعاً ذلك ( وَدُّوا ما عَنِتُّم ، قَدْ بَدَتِ البَغضاءُ منْ أفْواهِهِم ، وما تُخفي صدورُهُمْ أكبَرُ ) ( ها أنتُم تُحِبونَهُمْ ولا يُحِبُّونَكُم ) ( وإذا خَلًوْا عَضُّوا عَلَيكم الأنامِلَ من الغَيْظِ ) ( إنْ تَمْسَسْكُم حَسنةٌ تًسُؤْهُمْ ، وإنْ تُصِبْكُمْ سَيِئَةٌ يَفرحوا بها ) آل عمران 117-120.
تصوير رائع ، وشرح مفصل ، لأدق ما يَعتلجُ في صدور الكافرين ، تجاه المسلمين ، لا يعلمه ، ولا يُدركه إلا من صنع الإنسان.
إذا كان هذا الشعب المسلم ، يقوم بثورة عارمة ضد طاغوت ، وضد حاكم مستبد، موظفاً لدى السلطة الحاكمة في العالم أجمع.
إذا كانت هذه الثورة ، تهدد أمن وسلامة الدولة الصهيونية ، التي تدعمها قوى العالم أجمع.
إذا كان هذا الشعب الثائر مصراً ، ولو في الحد الأدنى، على الاستمرار في ثورته حتى اقتلاع جذور الحاكم المستبد.
إذا كان هذا الشعب الثائر الذي خرج من القمقم وساح في أرض الله الواسعة يطرق أبواب الشرق والغرب والشمال والجنوب يطلب اللجوء إليها
وبناءً على هذه الأسباب وغيرها، فهل السوريون كلهم شعب مؤمن بالله، وملتزم بحدوده ؟ وهل كلهم، يسير في طريق الثورة الصحيح ؟
الحقيقة المأساوية والمحزنة! أن قليلاً من السوريين هم المؤمنون، وقليلاً هم الذين يسيرون في طريق الثورة الصحيح.
ولكن العالم كله مع ذلك، ينظر إليهم على أنهم شعب مسلم . وعليه! فقد أصبح معبأً ،ومتخماً ، ومُشبعاً بمشاعر وأحاسيس الكراهية الشديدة للسوريين ، وخاصة في البلدان التي تحتوي أحزاباً معارضة متطرفة، لا تؤمن بالله واليوم الآخر، ولها علاقات وثيقة مع نظام الأسد.
ومن أجل ذلك ! فإن الثورة التي قام بها السوريون قبل عشر سنوات ونيفٍ؛ للمطالبة بالحرية ، والعزة ، والكرامة ، والتحرر من الاستبداد والطغيان ، قد أزعجت دول العالم أجمع ، العربية منها والأعجمية ، والشرقية والغربية ، والقريبة والبعيدة ، والغنية والفقيرة.
الثورة السورية أحدثت رُعباً لدى أنظمة العالم كله
لقد أحدثت هذه الثورة رعباً ، وخوفاً ، وهلعاً لا مثيل له ، لدى أنظمة العالم أجمع ، وازداد الخوف منهم أكثر، وأكثر !حينما صمدوا ، وأصروا على التحرر الكامل ، من الاحتلال النصيري ، الشيعي ، الفارسي، الروسي. ورفضوا أي حلول استسلامية ، أو ما يسمى تصالحية مع الأسد !!!
إن العالم كله أصبح يكرههم ، ويمقتهم ، ويتضايق من ثورتهم ، ويود القضاء عليها ، وإطفاء جذوتها بأي شكل من الأشكال ، وإعادتهم إلى جحر العبودية للأسد !!!
لأنه هو النظام الأمثل؛ والأفضل؛ والأقدر على إخضاع الشعوب، والسيطرة عليها، واستعبادها. وهو الأضمن للعالم ، ليعيش في هناءة وسرور، وأمان وسلام، من ثورات الشعوب المزعجة !
لقد ضاقت بالسوريين البلدانُ المجاورةُ ، بعد أن بلغ عدد النازحين ، واللاجئين منهم، الملايين ، فأقفلوا الحدود في وجوههم ، وأنقصوا الإعانات ، والمساعدات لهم!
لأنهم شعروا ! أن هذه الثورة المتأججة ، المتوفزة، يمكن أن تهدد عروشاً كثيرة بالسقوط ، فاصبحوا حذرين ، متوجسين من سماع صوتهم ، خائفين من انتقال عدوى ثورتهم ، إلى شعوب العالم الأخرى !!!
لقد زعزع السوريون بثورتهم ، الاستقرار الوطني الجاهلي ، والسلم الأهلي ، وحدود سايكس بيكو لدى شعوب المنطقة ، فأصبحوا مكروهين ، مبغوضين ، ملعونين ، مطرودين ، مطاردين ، ممنوعين من دخول دول العالم ، إلا بشق الأنفس ، والاحتيال ، وولوج الأبواب الخلفية!!!
تصرفات موظفي الحدود مع السوريين
وأصبح موظفُ جوازات الحدود ، في دول العالم – إلا القليل النادر جداً – حينما يقابهم ، ويستلم جوازهم السوري ، ترتعش يداه ، وهو ينظر إليه ، وترتعد فرائصه ، ويصفر وجهه ، ويكاد يُغمى عليه ، وهو يقلب صفحاته ، ويتهدج صوته ، ويملأ قلبه الرعب ، والخوف ، أن يكون صاحب هذا الجواز ، يحمل في بطنه متفجرات ، أو حزاماً ناسفاً ، فيرمي بالجواز في وجه صاحبه صائحاً : أنت سوري .. ممنوع من الدخول ، انقلع !!!
ولكن إذا كان هذا السوري المبغوض ، المكروه ، يحمل في جيوبه ، وحقائبه ، القناطير المقنطرة من الذهب والفضة ، فحينئذ يتغير الموقف ، فينحني له الموظف ، احتراماً ، وتعظيماً ، ويضرب له تحية وسلاماً ، ويعطيه تأشيرة الدخول فوراً ، ودون أي تأخير !!!
بل حتى أن أحدهم من الدول الغنية ، لم يستح ، أو يخجل من الإعلان ، والتصريح لوسائل الإعلام على الملأ أجمع ، وبصراحة متناهية ، أن بلده غنية ، وتكاليف المعيشة فيها غالية ، ولذلك لا يمكن قبول أي لاجئ ، أو مهاجر سوري !!!
ونسي ، أو تناسى هذا السيد ، أن دولاً أوروبية ، لا تربطها بالسوريين أي رابطة ، إلا الرابطة الإنسانية ، وأنها غنية أكثر من بلده ، وتكاليف المعيشة فيها ، أكثر غلاء من بلده ، وأبعد مسافة من بلده ، ومع ذلك ، فتحت أبوابها ، لاستقبال المهاجرين السوريين ، وأمنت لهم بيوتاً ، ومرتباً شهرياً ، وأعطتهم الإقامة بدون مَنٍ ولا أذى !!!
وتناسى أيضاً أن أجداده كانوا يدخلون الأرض السورية ، في أوائل القرن الماضي ، هرباً من الجوع ، والقحط ، بدون أي تأشيرة ، ولا قيود ، ولا حواجز ، ويعملون ، ويكسبون ، ويتاجرون ، ويتملكون ما يشاؤون من العقارات ، ويدخل أبناؤهم المدارس ، والجامعات بكل فروعها ، دون قيد ولا شرط ، ولا تمييز كأي طالب سوري ، وحصلوا على الجنسية السورية ، كأي سوري أصيل ، ولا يزال أحفاد كثير منهم مستقرين فيها إلى اليوم !!!
وبالرغم مما قدمه السوريون من أعطيات كثيرة ، على مدار التاريخ ، واستقبلوا شعوباً متنوعة الأديان والأعراق على أرضهم ، وفي بيوتهم ، عن طيب خاطر ، وبدون أي اشتراطات ، ولا منٍ ، ولا أذى.
مللُ العالم وسأمُه من السوريين
إلا أن العالم قد مل من السوريين ، واستاؤوا من عنادهم ، وإصرارهم ، وثباتهم ، فحكموا عليهم بالموت بحراً ، وجواً ، وأرضاً طالما أنهم لا يقبلون ، الخضوع لرغباتهم ، بالتصالح مع الطاغية الأسد !!!
ولذلك أخذوا يحرضون فئة ضد الأخرى ، ويمدونها بالمال والسلاح ، لتقوم بتصفية ، ومحاربة الفئات الأخرى ، ولتطول الحرب ، ويزداد القتل ، والخراب ، والتدمير .. على أمل أن يمل السوريون ، ويتعبوا من هذه الحرب الضروس؛ فيستسلموا؛ ويخضعوا لرغباتهم !!!
وما علم هؤلاء البؤساء ،أن السوريين، على عُجَرِهم وبُجَرِهم، وسيئاتهم وحسناتهم، وتشرذمهم وتفرقهم، هم أعند، وأصلب شعوب الأرض طراً. ولا يتوقفون عن شيء بدأوه ، حتى يحققوا ما يريدون، مهما طال الطريق ، واشتدت الصعاب ، وكثرت العقبات .
فهل سيدرك السوريون المقاتلون على الأرض ، أن أعداءهم ، يريدون منهم أن يقتلوا بعضهم بعضاً ، بحجج سخيفة ، هزيلة ، مثل محاربة الفئات المتشددة ، والمتطرفة ، وينشغلوا عن قتال العدو الأساسي ، الأسد وأعوانه الشيعة الفارسية ؟؟؟!!!
وهل سيدركُ السوريون ، أنه لا أحد في العالم يريد لهم النصر؟! وأن كل ما يشاعُ في وسائل الإعلام ، ليست إلا ملهاة ، وتخرصات ، وأكاذيب ، وتصريحات جوفاء ، وضحك على الذقون ، وخداع ، وتضليل ، لا طائل وراءه !!!
وأنه إذا حصل النصر – وهو حاصل بإذن الله ولو كره المارقون ، والماكرون – فلن يحصل إلا على أيدي المقاتلين المجتمعين كلهم تحت راية واحدة ، وهي راية التوحيد ، التي أعزت المسلمين قديماً ، ومكنت لدين الله في الأرض ، وعلى مدار التاريخ ..
والتي بها الآن ، سيتحقق النصر ، والفوز المبين ، بإذن الله الواحد القهار .وحينئذ سيكون يوماً حزيناً ، كئيباً ، أسوداً على الطواغيت !!!
وسيكون نذير شر مستطير على المستبدين ، والدكتاتوريين، لأنه حصل رغم أنوفهم ، ورغم كيدهم، ومكرهم ، وإن كان مكرهم ، لتزول منه الجبال !!!
ويومئذٍ: يفرح المؤمنون بنصر الله ، ويشفي الله صدورَهم ، ويُذهب غيظَهم.
ويُعلنُ ميلادُ الإنسانِ الحرِ ، على هذه الأرض، من جديدٍ.
وسوم: العدد 955