حاجة المسلمين الماسة إلى لقاح قوي وفعّال ضد كل فيروس يهدد مناعة هويتهم الإسلامية
لقد كان من المفروض في المسلمين وكتاب الله عز وجل بين أيديهم أن يروا آيات ربهم في الآفاق وفي أنفسهم كما جاء في قوله تعالى : (( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبيّن لهم أنه الحق )). و ما أكثر الآفاق من حولهم، وما أكثر آيات ربهم الماثلة فيها .ومن تلك الآفاق أفق صحتهم، ومن آياته آية الجائحة التي حلت بالناس في المعمور وقد أراهم الله عز وجل إياها لتتبين لهم حقيقة توحيده سبحانه وتعالى وعبادته وطاعته على الوجه الصحيح دون انحراف عن صراطه المستقيم الذي بالاستقامة عليه تدرك سعادة الدارين .
وإذا كانت أمة الإسلام على غرار غيرها من الأمم التي لا تدين بهذا الدين مع أنه هو الدين عند الله عز وجل الذي لا يقبل بديل عنه كما جاء في قوله سبحانه وتعالى : (( إن الدين عند الله الإسلام )) وقوله : (( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين )) قد واجهت الجائحة بالتلقيح ، وهو من التداوي الذي شرعه الإسلام صيانة للأبدان ، فإنه يلزمها أن تتعامل مع صيانة تدينها بنفس المنطق وقد فشا فيها فساده بشكل ملحوظ بفعل ضعف مناعتها الناتج عن عدوى تقليد غيرها من الأمم الضالة خصوصا وأنها صارت مستهدفة في دينها أكثر من أي وقت مضى حيث تحاك ضده المؤامرات الخطيرة والخبيثة والماكرة والتي تمرر عبر سبل ملتوية لا يفطن إليها .
ومما يضعف مناعة المسلمين الواقية لتدينهم ثقتهم العمياء في كل وافد عليهم من الغرب تحديدا تحت شعار ما يسمى بمسايرة الركب الحضاري ، دون تبين ما في تقليده التقليد الأعمى من خطورة وخسارة . وإذا كانت الدراسات التي تجرى في الغرب بشطريه الأمريكي والأوروبي تكشف عن حقائق خرابه الحضاري بسبب ما يعج فيه من انحرافات صارخة على مستوى القيم الأخلاقية ،وهي انحرافات تعدّد ولا تعدّ في دقائق زمنية بنسب مرتفعة عالية من قبيل جرائم القتل والاغتصاب والإجهاض والسطو ... فإن غالبية المسلمين المقلدين لحضارة الغرب لا يميزون بين تطوره التكنولوجي وبين خراب قيمه الأخلاقية ، فيتهافتون على تقليد هذه الأخيرة أكثر من تهافتهم على اقتناء ما لديه من تكنولوجيا لسهولة ويسر تقليدهم قيمه مقابل صعوبة الحصول على ما لديه من تكنولوجيا يستأثر بها دونهم ، ويمنع حصولهم عليها بينما لا يمانع في تقليد قيمه العلمانية هي التي شيّأت الإنسان بشكل غير مسبوق في تاريخ البشرية .
ومن ذا الذي يستطيع اليوم أن يزعم بأن الناشئة المسلمة، وهي رأسمال الأمة مستقبلا لم تفقد هويتها الإسلامية ، وهي تحذو حذو النعل بالنعل ما هي عليه الناشئة في المجتمعات الغربية العلمانية ؟ وأية مناعة بقيت لها ،وهي منصرفة كل الانصراف عن دينها لا تلقي إليه بالا لانشغالها الكلي بالتقليد الأعمى الذي يستغرق كل وقتها ، ولا يبقي منه شيئا لاكتشاف هويتها الدينية والحضارية ؟
وقد يقول قائل إن هويتها الدينية لم تندثر كليّا ، ولا زالت لها بقية تؤكد ذلك كالاحتفال بالعيدين الأصغر والأكبر ، والحقيقة أن ذلك لا يمكن أن يحمي تلك الهوية المهددة بسبب سطو الهوية الغربية العلمانية عليها حيث صارت أعياد المسلمين عند ناشئتهم محصورة في أكل وشرب ولهو تماما كما هو الحال بالنسبة لأعياد غيرهم ممن يقلدونهم التقليد الأعمى . وكيف يمكن الزعم أن احتفال ناشئتنا بالعيدين الإسلاميين يعد مؤشرا على سلامة الهوية الإسلامية مع غياب باقي المؤشرات وعلى رأسها إقامة الشعائر الدينية ؟ وما معنى أن تحتفل الناشئة المسلمة بالأكل والشرب واللهو في العيدين مع انصرافها التام عما يقترن بهما من عبادات ؟
إن الهوية الإسلامية لدى ناشئتنا باتت اليوم مهددة أكثر من أي وقت مضى إذ لا يكاد الإنسان يميّز بينها وبين الناشئة الغربية في المجتمعات العلمانية شكلا وسلوكا ، وهي تجاريها في كل أحولها ، وترى في ذلك مسايرة لركبها الحضاري المزعوم . وهذا الأمر يجعل الطوابير العلمانية المندسة في المجتمعات الإسلامية تنادي بهذه المسايرة ،وتوظف لذلك حملات دعائية مسعورة مراهنة على "غرّية " أوسهولة انخداع ناشئتنا بما يبهرج لها من تقليد أعمى تحت شعارات مغرية حتى أصبحت تتقبل من السلوكات ما ينقض تدينها من أساسه ، وتجعلها على رأس مطالبها وتراها حقوقا، ونذكر من ذلك على سبيل المثال لا الحصر ما يسمى بحرية العلاقات الجنسية الرضائية والمثلية ، وحرية الإجهاض ، وحرية الإفطار العلني في شهر الصيام وحرية السكر والتخدير... إلى غير ذلك من الموبقات المدمرة لمناعة التدين لديها .
وما لم يتدارك ولاة أمور المسلمين علماء وحكام صيانة الهوية الإسلامية لدى الناشئة وهي أمانة في أعناقهم سيسألون عنها بين يدي الله عز وجل من خلال الإسراع بإيجاد لقاح فعّال يقوي مناعة تدينها ، فإنها في طريقها بوتيرة سريعة نحو هاوية في مكان سحيق لا قدر الله . وأول ما يجب فعله هو تحييد ما تكيد لها به الطوابير العلمانية المندسة والتي تعمل ليل نهار نيابة عمن يمولها للإجهاز على الهوية الإسلامية بشتى الطرق والوسائل ما ظهر منها وما بطن .
وسوم: العدد 956