أدباء عرب: بشار الأسد يستعيد زمن عبد الناصر؟!
اكتمل نصف النِصاب في دمشق، بجمع ممثلي 12 اتحادا للكتاب والأدباء العرب، اجتمع بهم بشار الأسد في قصره، وحاضر فيهم عن أهمية الثقافة وفصلها عن السياسة، وباسم ما يدعيه نصف النصاب من تمثيل للأدباء والكتاب، كرروا بعض المواقف المؤمنة بنهجه وسياسته المنفصلة كلياً عن الإنسان والثقافة والفكر، وبتسطيح العقل أمام ما أنجزه الأسد ونظامه القمعي وجيشه الذي «شد وعي» أدباء الأسد العرب وأمينهم العام القائل « في سعادة غامرة للوعي الذي يشهده في سوريا» من سلوك الأسد الذي يعيده الى أيام عبد الناصر وزمن الوحدة.
دفن الثقافة أمام فصاحة الطاغية:
بعد سنوات من شرذمة المواقف التي كان يطلقها بعض الأمناء العامون لاتحاد الكتاب العرب بالتعبير عن دعمهم للأسد وجيشه، واختزالهم سوريا الوطن والتاريخ بأبدية حكمه وفرادته بالمجتمع والوطن، التزوير هاجس أدباء وكتاب الأنظمة وموفديها لبعضهم، بالرطن بالعروبة والممانعة والمقاومة، والفكر الذي يحمله ممثلو الأدب والثقافة مرتبط بوجود الأسد، كضمانة لما يؤمن به أدباء ومثقفي بلاط الحاكم السوري.
ضمانة انتهى مفعولها منذ زمن بعيد، لدفن الدور الحقيقي للأدب والثقافة من حامليها، الذين طالما تغنوا بشعارات ومؤلفات عن دور الإنسان وأهمية العقل وثقافة التثوير التي تنادي بالحرية والكرامة والمواطنة للإنسان العربي، وتتقزم بأشعار وكتابات ومواقف ولوحات فنية تقدم للطاغية تكريما لبطشه بالإنسان، وبدونية تتلعثم الثقافة أمام فصاحة الطاغية العربي.
أدباء الفروع الأمنية: أدباء وكتاب الأنظمة القمعية، والاتحادات التي ينضوي تحتها مبشرو الإنسان العربي بهزيمة ثورته، وتبني « أدب وثقافة « تروج لديمومة حكم العسكر وفضائل الديكتاتوريات، هو إفلاس بكل معايير الضمير والأخلاق، والفكر الباحث عنه أدباء وكتاب من كلام الأسد أمامهم عن «دور العقل وأهمية الشفافية الرفيعة « في شرح كل ما جرى في سوريا، ذلك انسجام الأديب والمثقف والمفكر، مع كل تقارير التزوير الصادرة من المؤسسات الأمنية والإعلامية للنظام، وانكار وقائع المجتمع والشواهد الضخمة عن الجرائم بكل وثائقها وصورها وتسجيلاتها، يٌنكر كاتب النظام ومثقف الفروع الأمنية وجود الضحايا ويبرر سحقهم وتهجيرهم، وعلى اعتبار الفتك بحواضر الضحايا ومجتمعاتهم يندرج تحت السياق ذاته من تبريرات الأنظمة القمعية عن دحر المؤامرة التي هم جزء منها.
تجانس أدباء الأسد مع وحشيته: مطالب أدباء الأسد العرب حسب تصريح أمينهم العام، قيام «حوار ثقافي تحت مظلة القيادة السورية» ومع المجتمع المحلي ووزراء الثقافة العرب، باعتبار « الدكتور بشار الأسد يقدم أفكارا متنوعة وجيدة عن الإبداع» لكن الإنحدار الذي يمضي به مشهد التطبيل الثقافي، يظهر حقيقة الإبداع والفكر الذي يحوم حول ترهات الطاغية وأباطيله ويُصفق لها، خلافاً لما قدمه في ادعاءاته المؤلفة وخطاباته للإنسان عن حريته وعن تحرر وطنه واحترام رأيه وكرامته ومواطنته وديمقراطيته و إنسانيته، خلق حالة من التجانس بينه وبين الأنظمة القمعية.
في التجربة العربية الرسمية، الممثلة لأطر ثقافية واقتصادية وسياسية وفكرية، عاشت في بوتقة النظام وتعتاش على شعاراته المتهالكة، نشهد انحدار للمواقف وانحسار كلي لأي تأثير لها في الشارع، أدباء الأسد العرب وأقلامه في لوبياته القومجية، ينتمي بعضهم لأنظمة متصهينة وأخرى مطبعة وتنسق معه، قصر الأسد الفسيح لم شملهم، لمشاركته حفل التزوير المتقاسم مع أنظمتهم، عن مقاومة لا يمارسها المجتمعون ولا أنظمتهم، إلا في سحق من يبحث عن حرية ومواطنة وكرامة.
على سبيل المثال والحصر، يبذل رئيس اتحاد كتاب وأدباء فلسطين، جهوده «الكبيرة والقيمة» حسب تكريم نظام الأسد له، مكافأة عن خَرس المثقف عن « فرع فلسطين» و بقية الجرائم بحق أبناء فلسطين وسوريا، سقوط المثقف في برج الأسد الممانع قريباً من حطام مخيم اليرموك وحفر الإعدام التي أتقن إحداثها ملهم الأدباء العرب، ولم تهز شعرة من كتاب و أدباء فلسطين واتحادهم المنشغل بعظمة شعار الأسد المقاوم وبثقافته المنقطعة.
أخيراً، استمع أدباء الأسد العرب، لانتصارات الأسد وجيشه في مشهدٍ مخزٍ من الدوران في فلك التزوير والتطبيل الذي اختطفته الأنظمة المستبدة وجندت له لوبيات ثقافية من مهام أحدها، استعارة لسان الأسد بالحديث عن المقاومة، يقطع الأديب والمثقف لسانه أمام حقائق تدمير مكتبات اللاجئين في المخيمات وسلخ جلود مثقفين وأدباء وفنانيين وعمال سوريين وفلسطينيين واغتصاب نساء في مسالخه البشرية، ممن غردوا خارج قفص مزرعة أدباء الأسد، ليبقى السؤال الأبدي وإجابته عند كل الضحايا من سوريين وفلسطينيين، من عفش تاريخهم بدبابات حملت كل ذكرياتهم؟ ومن نبش مقبرة شهدائهم ليُرضي المحتلين الإسرائيلي والروسي؟ أدباء وكتاب الأسد العرب يعرفون هذه الحقائق، لكن المهمة تقتضي غير ذلك، ولهذا يحتفي كتاب الأسد بانتصاره بهزيمة الانسان ومديح الطاغية.
وسوم: العدد 991