تحية كريم يونس لـ «القيادة السورية» …
بات الأمر مكرراً ومحفوظاً عن ظهر قلب؛ يتضامن المتضامنون مع أسير فلسطيني (أو جولاني، أو لبناني كما في حالة سمير القنطار)، مضرب عن الطعام، شهيد، مناضل عنيد ضد إسرائيل… ثم، وما أن يخرج البطل إلى منبر تحت الشمس، حتى يتحفنا بتصريح صريح يحيي فيه بشار الأسد، أو إيران أو «حزب الله». حدث أحياناً أن شهيداً لم يكف عن رسائل المديح لهؤلاء حتى قبل أن تقع الواقعة، بل ويزيد عليها رسائل احتقار لضحاياهم (نزار بنات على سبيل المثال).
لا نحسب أن على المرء التراجع عن تضامنه، فلا شك أن نضالهم مشروع، ولا شك أن التنكيل والظلم الإسرائيلي مرفوض ومدان، حتى لو كان موجهاً إلى خصوم سياسيين (للمتضامنين). ولا شك أن إسرائيل هي أساس ومصدر كل شرعية لوحشية في منطقتنا.
نستطيع أن نعد الآن أسماء ممن خذلونا تعرفونها جيداً، لكن لمَ الأمثلة، إذا كانت فصائل فلسطينية بحالها تختلف في كل شيء، وتتفق على إيران و«حزب الله» والنظام السوري، وإن شئت، فإن الطرفين الأكثر فاعلية في الساحة الفلسطينية (السلطة الفلسطينية و«حماس») يلتقيان، رغم كل افتراقهما، عند النظام السوري!
أولى المقابلات التي ستشاهدها للأسير الفلسطيني، كريم يونس، الخارج إلى الحرية بعد اعتقال رهيب دام أربعين عاماً بحالها، سيكون لمراسل القناة الإخبارية السورية (رسمية)، ولم يفته، في الحوار الخاطف، أن يوجه رسالة إلى «القيادة السورية». فهل هي مجرد زلة لسان؟ سياق الكلام واضح، وليس في الأمر أي لعثمة، والرجل عارف مع من يتحدث، عدا عن أنه عاد وأفرد مقابلة مطولة (حوالي الساعة) للإخبارية السورية، ولو أنه هذه المرة لم يعِد إرسال التحية.
لا يمكن القول إن الأسير الفلسطيني لا يدري بما يجري على الضفة السورية، ولعله يعرف أكثر منا جميعاً، فالرجل لم يكف عن القراءة والكتابة، بل هو حصل على شهادة جامعية رفيعة من داخل المعتقل.
لا نريد أن نقول لكريم يونس ما قيل سابقاً لأسرى فلسطينيين، إن كانوا على دراية بما يجري لنظرائهم في سجون النظام السوري، والإيراني بالطبع، لن نسأل إن كان يحق لـ «زملاء» الاعتقال في أقبية النظام السوري الحصول على شهادات ماجستير في أي شأن، أو على سبعمئة زيارة من أمهاتهم، أو حتى مجرد إتاحة الفرصة لذويهم في معرفة السجن الذي يقبعون فيه، إن كان الخروج من السجن ممكناً، وإن كان الاحتفال ورفع الأعلام وارداً كذلك… فكل هذا كلام مكرر وممل، كل تلك الفظائع باتت مكررة منذ ستين عاماً باتت تضجر قلب المرء، المشغول بعدو واحد هو إسرائيل… لا نريد أن نضجركم بهذه الأسطوانة المشروخة، نريد فقط أن تكتب، أن تقول شيئاً يفسر لماذا تستحق «القيادة السورية» التحية، ونعدك أن نصغي باهتمام لا نظير له لكل حرف تكتبه. نضال كريم يونس علامة في مسيرة النضال الفلسطيني، ولا نريد لكلمة منه أن تعكر صفو هذه البطولة.
وسوم: العدد 1015