إنجاز أحد طلبة سلك الماستر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس بحثا تجاسر فيه هو مشرفه على صحيح الأمام البخاري
إنجاز أحد طلبة سلك الماستر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس بحثا تجاسر فيه هو مشرفه على صحيح الأمام البخاري زاعما أنه أنموذجا للفكرالخرافي
في غياب الرقابة الواجبة لصيانة المقدس، أقدم أحد الأساتذة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس بتهورعلى الإشراف على بحث لأحد الطلبة عنوانه : " الفكر الخرافي في التراث الإسلامي صحيح البخاري أنموذجا " ، وواضح من خلال هذا العنوان تجاسرهذا المشرف وطالبه من جهة على عموم التراث الإسلامي ، ومن جهة أخرى على أصح كتب الصحاح، وهو صحيح أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري رحمه الله تعالى .
ومع أن هذا العلم الشامخ لا يضيره أن يأتي التجاسر عليه من قبل نكرات كهذا المشرف وطالبه ، وعليهما ينطبق قول الشاعر :
كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يضرها وأوهي قرنه الوعل
فإن الأمر يتعلق بفضيحة مدوية مست سمعة مؤسسة علمية في بلاد إمارة المؤمنين حامية حمى الملة والدين، وهي مؤسسة أخلت بواجبها حين تركت الحبل على الغارب لهذا المشرف وطالبه المتهورين ، والسبب في ذلك هو غياب أجهزة مراقبة في معاهدنا ومؤسساتنا الجامعية التي يعتبر بعض أطرها أنفسهم فوق كل مراقبة مع أنه فوق كل ذي علم عليم ، الشيء الذي يجعلهم يحاضرون بما شاءوا حسب قناعاتهم وتوجهاتهم الإيديولوجية ، ويشرفون على ما شاءوا مما يحسب على البحوث العلمية التي لا صلة لها بالعلم والمعرفة ، وهم يخدمون بذلك أهداف الجهات التي يحسبون عليها أو التي توظفهم لذلك مستغلين مناصبهم التي يحصلون منها على رواتب من مال الشعب الذي لا يحترمون مشاعره الدينية ، وعليهم ينطبق القول الشائع : " يأكلون الغلة ويسبون الملة " .
وليس هذا البحث المتجاسر على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أقواله وأفعاله وتقريراته، وهي مصدر التشريع الثاني بعد كتاب الله عز وجل أول بحث من هذا النوع ولن يكون أخيرا ، ولو خضعت البحوث الشبيهة به في مختلف جامعاتنا للمراقبة لتبين إلى أي حد بلغ التهور ببعض المشرفين وطلابهم ممن يتجاسرون على المقدس كتابا وسنة تحت مسمى البحث العلمي ، كما أنه يتم الكشف عن خلفياتهم التي يخفى بعضها عن بعضهم، ويكشف عن بعضها عند غيرهم ، وعن الجهات المعادية لديننا في الداخل والخارج والتي تدعمهم وتشجعهم ، وتجعل منهم مشاهير ، ويفسح لهم المجال واسعا ، وتخصص لهم مناصب في التعليم العالي غيرهم أولى وأجدر بها مع أنهم إنما يفقّعون ، ويأتون فيما يسمونه بحوثا بما لا صلة له بعلم أو معرفة . وكم من أمثال هؤلاء صدرتهم إلى جامعاتنا جامعات غربية، لأنهم قدموا بحوثا تنال من مقدساتنا ، وعلى رأس تلك الجامعات جامعة السوربون على سبيل التمثيل لا الحصرالتي تخرج منها كثير ممن أكلوا غلتنا وسبوا ملتنا ،وهم لا يخجلون من أنفسهم حين يقتحمون مجالات بحوث ليسوا من نفيرها ولا من عيرها ، وهم عند أهل العلم والتخصص موضوع تندر وسخرية ، والشواهد التي يعطونها مقابل ما يهرطقون لا تساوي ثمن الحبر والصفحات التي يلطخونها بترهاتهم التي تنتهي كلها عند غرض واحد هو النيل من المقدس الإسلامي كتابا وسنة، فضلا عن كل ما يتعلق بهما من تراث .
والمثير للسخرية في ما سمي بحثا لنيل شهادة الماستر ، في زمن صارت فيه الشواهد في حكم السائبة أن المشرف عليه هو أبعد ما يكون عن مجال علم الحديث ، وهو مجال دون اقتحامه خرط القتاد كما يقال عن كل مجال صعب المنال ، فكيف بطالبه المسكين الذي طوح به في مغامرة لا قبل له بخوضها، وما يستطيع ذلك، وما ينبغي له .
وخلاصة القول أن تيار النيل من المقدس في بلادنا قد استنسر وهو بغاث إذ لا يترك مجالا، ولا وسيلة ،ولا تفوته فرصة دون أن يشفي غليله من ذلك النيل الفاضح والسخيف ، وقد وزع الأدوارعلى قبيله ليعدد جبهات قصف المقدس حيث صارت له منصات إعلامية واسعة الانتشار، وتغلغل في مراكز البحث من معاهد وجامعات ، وتحول إلى أخطبوط أو سرطان خبيث يركزعلى إفساد الناشئة من الأغرار، ويغريهم بالتجاسرعلى المقدسات ، وهو يوهمهم بأنه مالك ناصية الحقيقة ، وهم ضحايا تستهويهم عباراته وأساليبه التي لا تعدو أن تكون سخرية، واستهزاء، واستخفافا بالمقدس ، وكذبا وافتراء عليه ، ويلقي في روعهم أن ذلك تحرر من سلطته، وتقدم ، وتحضر .
ويحدث هذا الكيد والاستهداف بالمقدس جهارا نهارا من طرف هذا التيار المارق من الدين ، والجهات الموكول إليها صيانته والذود عنه كالوزارة الوصية على الدين تغط في نومها غافلة كل الغفلة عما يحاك ضده من مؤامرات صريحة وخفية ، وهي التي دأبت على معاقبة من يتعرض للمهرجانات الماجنة والسلوكات المنحطة ، والخرافات السخيفة ... وغير ذلك مما ينكره الدين، وتنكره الفطرة السوية بالنقد من خطباء بالطرد من منابر الجمعة ، كما أن كثيرا مما حمّلوا أمانة العلم وهم يحسبون عليها لا يحركون ساكنا أو هم منشغلون بتوافه الأمور ، أو منصرفون إلى انتقاد بعضهم البعض يتتبعون عوراتهم ويفضحونها تاركين أوجب الواجبات في زمن تكالب فيه المتكالبون على المقدسات .
وأخيرا نقول إن البخاري وصحيحه سيبقيان مخلدين إلى قيام الساعة ، وكل من يستهدفهما فمصيره إلى مزابل التاريخ ، وما أكثر ما ضمت هذه المزابل عبر توالي العصور من زبالات يتندر بها .
وسوم: العدد 1031