لن أظلَ قابعاً في سكون
لن أظلَ قابعاً في سكون
سالم الزائدي
منذ حقب بعيدة... منذ أن توقفنا جهلا ًوعمى بصيرة عن أداء فريضة التفكير، واستخدام العقل فيما ينبغي أن يستخدم.. توقفنا على التفكر والتدبر والنظر في الكون الواسع الشاسع أرضا ًوبحرا ً وسماءً...منذ أن توقفت لدينا ملكات النظر والبصر والفكر والصبر وطول البال وسعة الأفق عن العمل.. منذ أن اتجهنا نحو اقتراف الهوامش والتوافه، فلم نعد نجيد التفكير لأننا وظفنا جهازه ووسيلته وأداته فيما هو غير عقلاني جهلا ًمنّا تارة وعمداً تارات أخرى، بأساليب مباشرة وأخرى غير مباشرة...(والنتيجة) تعطلت لدينا عمليات الإبداع العقلي والذهني والفكري والابتكار والاختراع واكتشاف حجب المجاهيل، واستبطان أسرار الكون، أرضه وسمائه وفضائه وأفلاكه ومجراته.
يطول حلمي عنان السحاب ولكني ما زلت أرقب ًولادة فجر جديد ..........ونسأل........
- أليس لدينا قائد عربي يعيدنا إلى الصفوف الأولى؟
- لماذا إذا وصل إنسان شريف ونظيف إلى سدة الحكم ينقلبُ عليه؟
- لماذا لا نقول للمخطىء أخطأت وللمحسن أحسنت ؟
- لماذا ينتابنا شعور بالخوف إذا فكرنا في قول الحقيقة ؟
- لماذا نتحدث دائما بإسم الدين في بلداننا العربية والإسلامية ولايوجد عدل"عمر بن الخطاب " أو" عمر بن عبدالعزيز" مثلاً ؟
- أليس هولاء العظماء يشهدون بإن " لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله " والقادة الحاليين يشهدون بذلك !! ولكن بدون تطبيق؟
- أليس من حقنا أن نسأل لماذا نحن في ظلم و تعسف دائم في أوطاننا؟
يطول حلمي عنان السحاب ولكني ما زلت أرقب ًولادة فجر جديد...............
الحقيقة أن السياسة التي نراها اليوم في مجتمعنا العربي والإسلامي لا تلبي طموحاتنا حسب الصورة البارزة التي نراها دائما،ً حيث لا نجد حوارا ً يعكس ظاهره.. باطنه، فبالرغم من توفر حوارات خارجية عديدة في شتى المجالات، إلا أنها تخضع لإنتكاسات غير معلنة في ظاهرها وتأثيرها على المجتمع والمنطقة جسيم.
المطلوب من القادة والسياسيين هو الحد أو التوقف عن ما يسمى بحوار " المتكلمين" في المكاتب.. والوصول إلى حوار صانعي التاريخ بقوتهم ومحاسنهم، لأن الإصلاح في العالم الإسلامي يُخلق حيث توافرت دواعيه العلمية والإجتماعية..هذا إذا إردنا أن نعيش فوق الأرض ونعيد أمجاد أمتنا.
دائما نكرر هذا الكلام دون جدوى !! لكن علينا النضال من أجل قيمنـــا ؟
علينا أن نُقرّ ونسعى للتخلص من التبعية وسياسة الإملاء المفروضة من أوروبا وأمريكا في شوؤننا الداخلية والخارجية، علينا أن نسأل الآن بالذات كيف انتقلت تركيا المسلمة من التبعية إلى الاستقلالية بخطى ثابتة وواثقة وبنت دولتها المسلمة القوية بسواعد أبناءها وليس اعتمادا ًعلى الخارج..." لا يوجد شيئ مستحيل عندما توجد الإرادة والعزيمة والايمان ".
فالدولة المسلمة بحق وحقيقة تصنع الأمجاد.. ودورنا في هذا الإتجاه هو تحفيز المتلقي دون أن نبقيه حبيس المظهر الخارجي ودون استخدام العقل المعرفي . ألم يحن وقت القادة الشرفاء بعد ؟
اليوم نحن في مرحلة حساسة من تاريخ الأمة وهي مرحلة تعني إعادة التقييم والنظر من جديد في جميع التحولات الإستراتيجية في المنطقة، تقييما ًيستند إلى جملة من معطيات المراحل السابقة بكل هزائمها وانتصاراتها، بحلوها ومرها على حد سواء، من هنا وفي هذا السياق ينبغي الإلتفات إلى أمر واقع قلما يلتفت إليه... وهو أن المشكلة ليست فى إطلاع الناس على ما يعرفون مسبقاً، بل المشكلة في تزويدهم بالطريقة الفعالة لتحقيق مواهبهم ومعارفهم بشكل اجتماعي ملموس... وليست المشكلة في التحدث عن الحقوق والحريات.... فالجميع يعرف هذه الأغنية، بل المشكلة تكمن في تحديد الوسائل للحصول على هذه الحرية وتلك الحقوق بالشكل المطلوب.
ولاشك أيضا ً أنه في علمنا أن العقل العربي المشهور بالصفاء والنقاء أصيب بالشلل، من جراء البيئة المعاشية والمحيط الجاهل والمُجهل، ومن ثم أصيب التفكير الذي كنا نتميز بعمقه وتحقيقه وتدقيقه، أصيب بالعقم والقحط والجدب والجفاف، وتعرضنا من جراء ذلك الإهمال المقصود والمتعمد لمجاعة فكرية وعقلية وثقافية " عربية الجذور والجذوع والفروع" فاضطررنا إلى سد الرمق المتبقي بما يرد إلينـا من وراء الحدود، استجداء واستخذاء، وتحولنا إلى عالة ثقافية وفكرية على الغير، وصرنا أذنابا ً وأتباعا ًوصدى لهـذا الغيــــر.. بالطبع ما نحن فيه ومازلنا نعيشه من جدب علمي وعقم فكري ليس أمرا ً مطلقــاً، مثلما أنه ليس قـدرا ًلا يرد.
ولاشك أيضا أننا بين زمن وزمن تومض في فضائنـا العربي ومضة هنـا وومضة هناك باعثة في نفوسنا الأمل في أن التوقد العقلي والذهني العربي الكامن تحت أستار التبلد والكسل والتجهيل يستطيع أن يشرق ساطعا ًتخترق أشعته وإشعاعاته الآفاق، مذكرة ومحيية مجدا ًعربيــا ًتليـدا ً في غد عقلي عربي مشرق وضاء، في اكتشاف الخطأ والإسراع في إصلاحه، قياسا على القول المأثور...
" إن لم تكن في الطليعة فأنت في الخلف" أو " إذا لم تزد شيئا ًعلى الدنيا.. كنت زائدا ًعليها ".
لا يمكن أن نبقى أشبه بالأسير يطلب من سجانه مفتاح السجن... نريد أن نقدم خيرا ً لأمتنا ونسهم في تحقيق ذاتنـا ووجودنا بدل هذا الذوبان المهين في ثقافات الآخرين...نريد قادة يضعون مصلحتنا فوق كل اعتبار؟ ...علينا تمزيق القناع .. هذا هو الطريق لا غير.
واستُحدِثت فتنُ تمزق جمعنا فرقا ً وجاوز حده الفتانُ
وامتدت الأيد الخبيثة بيننا فتقاتل الأبناء والجيرانُ
وتقطع الحبل المتين وأشعلت نار الحقود وقودها الأضغانُ
والموج يفعل ما يشاء بأمةٍ كانت بماضيها هي القبطانُ
ياربنا أين الخلل؟
كذبُ هو الوطن الذي يبكي لنا إذ أنه شيءُ بغيرٍ شعورٍ
ما قيمة الوطن الكبير إذ بدى سمَ الخياطِ بأعين المقهورٍ؟
يا أيها المتنافسون على دمي تبا ً لكم إذ تذبحون مصيري