الفرق بين منطق المسيح ومنطق الأعور الدجال (٦٦٦) . الجزء ٧
خواطر من الكون المجاور
الخاطرة ٣٣٣ : الفرق بين منطق المسيح ومنطق الأعور الدجال (٦٦٦) .
الجزء ٧
في البداية أود أن أشير إلى ملاحظة هامة وهي أن المقالة تعتمد على معلومات ورموز تم شرحها بشكل مفصل في مقالات ماضية وهنا نذكرها بشكل مختصر جدا لكي لا يتحول حجم المقالة من (١٠) صفحات إلى (٥٠٠) صفحة . فمن لم يقرأ الأجزاء الماضية لن يفهم من مقالة اليوم شيئا ، فهي تعتمد معلومات غير مألوفة في الثقافة العامة وهذه المعلومات مرتبطة ببعضها البعض إرتباطا وثيقا ، وبدون فهم هذه المعلومات سيعتقد القارئ أن معلومات المقالة تعارض النصوص الدينية وأنها مجرد خرافات .
في الأجزاء الماضية ذكرنا بما معناه بأن نهاية الزمان ستكون بمثابة صراع بين روح الخير العالمية وروح السوء العالمية ، وأن الذي سيمثل روح الخير العالمية هو هابيل الذي ولد عدة مرات بأسماء مختلفة (إدريس ، يوسف ، عيسى) . أما روح السوء العالمية فيمثلها الأعور الدجال . وذكرنا أيضا أن الأعور الدجال هو روح وليس شخصية إنسانية حقيقية (مثل المسيح) تظهر أمام الناس ، وأن روح الأعور الدجال هذه قد ظهرت في القرن /١٩/ وسيطرت بشكل تدريجي على نفوس العلماء بمختلف اختصاصاتهم العلمية ، وأن دور هذه الروح هو محاولة القضاء على تعاليم النبي يوسف عليه السلام (علم الحكمة) والتي كانت بمثابة بذرة المعارف التي منها نبتت شجرة جميع أنواع العلوم ، وأن علم الحكمة (الفلسفة) بصورته الحقيقية هو العلم الذي يقوم بتوحيد العلوم المادية والعلوم الروحية حيث من خلاله نستطيع تأويل الأشياء والأحداث ، وأن هدف علم الحكمة هو معرفة وتوحيد أسماء الله الحسنى والتي رمزها (١٨+٨١) ، فهذه الأسماء هي في الحقيقة ليست مجرد أسماء ولكنها قوانين كونية تفسر لنا حقيقة الوجود الإنساني وعلاقته بما يحدث من تطورات داخل الكون منذ ولادته وحتى اليوم .
في المقالة الماضية ذكرنا /٩/ مبادئ من تعاليم يوسف وهي : الإيمان بوجود الله - المنفى الكوني - الكون الإلهي - الكون الحنيف - الغائية الكونية - الخلافة الإلهية - الصراع الكوني - تناسخ الأرواح - سن الرشد الروحي /٤٠/ عام . وفي مقالة اليوم نتابع شرح مبادئ آخرى من تعاليم يوسف :
١0 - الأسماء ولغة الأرقام : الأسماء والكلمات ليست صدفة ولكن تم تصميمها بمخطط إلهي ، فتطور لغات الشعوب نتيجة تطور المعارف كان هدفه الوصول إلى ذلك الأسم الذي يصف حقيقة الشيء أو الحدث المسمى بأسمه. فلفظ الأسم وكذلك الحروف التي يتألف منها وعددها ، هي لوحة فنية ذات تعبير روحي ، فكل أسم يتألف من عدد محدد من الحروف ، ولفظ كل حرف له إهتزازات صوتية وهذه الإهتزازات لها قيمة رقمية ، فكل حرف حسب ترتيبه في أبجدية اللغة له قيمة رقمية حيث مجموع قيم الحروف في الكلمة (حساب الجُمّل - جماتريا) هو تعبير روحي لهذا الأسم . فالنظام الرقمي للكلمات يُعتبر شفرة الكتب المقدسة في فهم مضمون الشيء أو الحدث الذي جعله يحمل هذا الأسم الذي سُمي به . هذا المبدأ مذكور بشكل رمزي في النصوص الدينية (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا) ، آدم عليه السلام في الجنة لم يتعلم الأسماء بشكل ببغائي ولكن بحسب تأثير شكل الشيء المسمى على إحساسات آدم . فكل شيء أو حدث له تأثير معين وأسم الشيء أو الحدث يوضح حقيقته من خلال فهم علاقة التناغم بين شكل الشيء مع مضمونه .
في القسم الشرقي من العالم وصل تطور اللغات الشرقية إلى قمتها في اللغة العربية ، ولهذا يجب علينا البحث في كلمات القرآن الكريم باللغة العربية والتي تُمثل اللغة الإلهية الروحية . ولهذا نجد أن اللغة العربية تُكتب من اليمين إلى اليسار أي أنها تبدأ من الروح لإكتشاف المادة التي تحيط بها . أما في القسم الغربي من العالم فقد وصل تطور اللغات الغربية إلى قمتها في اللغة اليونانية ، فكلمات الإنجيل النسخة اليونانية تمثل اللغة الإلهية المادية . ولهذا اللغة اليونانية تُكتب من اليسار إلى اليمين ، فهي تبدأ من المادة (الشكل) لإكتشاف نوعية الروح التي بداخلها ، فعن طريق تعاون اللغة العربية واللغة اليونانية يتم الوصول إلى حقيقة الشيء أو الحدث من خلال فهم علاقة التناغم بين الشكل والمضمون . فليس من الصدفة أن الحضارة الإسلامية قد بلغت ذروتها مع دخول العلوم اليونانية إلى فكر العلماء المسلمين.
الفيلسوف اليوناني بيثاغوراس في نهاية القرن السادس قبل الميلاد أخذ نظام الكابالا اليهودي الرقمي وطبقه على اللغة اليونانية فأصبح لكل حرف في الابجدية اليونانية قيمة رقمية . ورغم محاولة بعض الفلاسفة اليونانيين إستخدام هذا النظام الرقمي لإثبات أن اللغة اليونانية لم تظهر بالصدفة وأنها هي من الله وأنها تؤكد صحة مبدأ التيار البيثاغوري (الله يُهندس في خلقه) ، ولكن بسبب إنعزال اللغة اليونانية عن اللغة العربية لم يستطع الفلاسفة اليونانيين تقديم إثباتات كافية يمكن لها إقناع بقية الفلاسفة ، ولهذا ظل إستخدام النظام الرقمي اليوناني محصور في قلة من فلاسفة اليونان ولا يزال حتى اليوم {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩) الحجر} .
بعض الفرق في الحضارة الإسلامية كالصوفية وأخوان الصفا أخذت نظام الكابالا اليوناني بشكله الحرفي وطبقته على حروف اللغة العربية ، ورغم محاولات بعض المسلمين إثبات صحة مبدأ الكابالا الرقمي بأن القيم الرقمية للكلمات العربية لها معنى ، ولكنها هي أيضا لم تستطع إقناع معظم علماء المسلمين ، والسبب أن هذه الفرق الفلسفية لم تنتبه إلى أن نظام الكابالا اليونانية هو نظام لغوي مادي ، بينما اللغة العربية هي لغة روحية ولها نظام كابالا عربي خاص بها وقيم الحروف فيه مختلفة عن قيم الحروف اليونانية ، وأن ترتيب الحروف العربية مختلف عن ترتيب الحروف اليونانية التي تتبع النظام الفينيقي (أبجد هوز) ، بينما ترتيب الحروف العربية الحقيقي هو (أ- ب- ت - ث- ج -ح .... ي ) . فالمشكلة هي أن الفلاسفة اليونانيين وكذلك الصوفية لم ينتبهوا إلى أهم مبدأ من مبادئ تعاليم النبي يوسف وهو تعاون الأمم ، فبدون هذا التعاون ستفشل جميع الأمم في الوصول إلى الحقيقة بمفردها ولهذا كانت المدة الزمنية لجميع الحضارات القديمة بعد دمار هيكل سليمان ، حوالي /٦/ قرون فقط . فالبحث عن الحقيقة يتحقق عن طريق العبادة التي تمثل أركان الإيمان ، وهي عمل جماعي عالمي {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) البقرة}. أما أركان الإسلام (الشهادتان ،الصلاة ، الصيام ، الزكاة ، الحج) أو أركان الدين المسيحي أو اليهودي فهي مجرد أعمال فردية تساعد المؤمن في تحقيق العبادة ، فبدون تحقيق العبادة فإن جميع أركان الدين تصبح بلا معنى كونها تتحول إلى عمل فردي ذو منفعة شخصية ، وكما يقول الفيلسوف ابن رشد في نظريته الرشدية (الروح الفردية هي روح غير خالدة ، فقط الروح العالمية فهي التي تتحد مع روح الله وتصبح خالدة) . ولهذا وجب تعاون الكابالا اليونانية مع الكابالا العربية لتستطيع إثبات أن اللغة اليونانية واللغة العربية هما من تصميم المخطط الإلهي وأنها لم تظهر بالصدفة .
وسنحاول إثبات صحة هذه المعلومة من خلال الأمثلة التالية :
فكما نلاحظ أن الكابالا العربية وكونها تمثل رمز الرؤية الروحية لهذا فهي تعتمد نظام مركب يخرج من إتحاد مجموع الآيات مع مجموع ترتيب السور . أما الكابالا اليونانية وكونها تمثل رمز الرؤية المادية لهذا فإن نظامها الرقمي يعتمد على الخط المتصل (مجموع عدد الآيات فقط) ، ولهذا كان من الطبيعي لمن يستخدم الرؤية المادية فقط التي تعتمد الخط المتصل أن يؤمن بصحة مبدأ نظرية داروين التي تعتمد مبدأ الخط المتصل ، بمعنى أن المولود الجديد يرث صفات أبويه ، وأنه مع مرور الزمن وبعد أجيال عديدة تحصل تلك الإختلافات في الشكل بين الكائن الجديد وجده الأول ، فحسب هذه النظرية أن أصل الإنسان هو حيوان يشبه القرد وأن أصل القرد هو حيوان يشبه الليمور ، وأن أصل الليمور هو حيوان يشبه الفأر .... وهكذا يستمر إنحدار الأصل حتى نصل إلى الزواحف ثم البرمائيات ثم الأسماك ، وفي الأخير إلى كائن وحيد الخلية . وهذا المبدأ يعتمد رؤية فقيرة عاجزة عن رؤية الحقيقة ، فاللغة اليونانية رغم أنها لغة مادية ولكنها لغة إلهية ولهذا نجد أن نظام الكابالا الرقمي فيها رغم أنه يبدو بأنه خط متصل ولكنه في الحقيقة خط متقطع وليس متصل باستمرار فقيم الحروف اليونانية توجد على ثلاث مستويات : مستوى الأحاد (١-٢-٣-٤....٩) ثم مستوى العشرات (١٠-٢٠-٣٠-،-٨٠) ثم مستوى المئات (١٠٠-٢٠٠-٣٠٠-،،-٨٠٠) . فأول حرف في الأبجدية اليونانية (Α) قيمته تساوي (١) ، أما الحرف الأخير (Ω) فقيمته تساوي (٨٠٠) وليس (٢٤) الذي هو عدد الحروف اليونانية . فمن يستخدم الرؤية المادية الصحيحة فهو أيضا لن يؤمن بصحة نظرية داروين بشكلها الحديث .
إن استخدام الآية (٣١) من سورة البقرة لتكون هي دليل لوجود نظام كابالا عربي ، ليس صدفة ولكن حكمة إلهية فمعنى الآية يؤكد صحة هذه المعلومة (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا) ، وسنعطي بعد قليل أمثلة عديدة تؤكد ذلك .
الكتب المقدسة تم تصميمها على مبدأ نظام التكوين الإنساني والذي يتألف من قسمين (١٨ - ٨١) ولهذا فهو يحتاج إلى علوم روحية وعلوم مادية لفهم حقيقة هذا التكوين . ولهذا الحكمة الإلهية في تصميم القرآن في سورة الرحمن نجد تكرار الآية (فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) /٣١/ مرة ، الرقم /٣١/ هو نفس رقم الآية في سورة البقرة التي تذكر أسم (آدم) لأول مرة . فنسل آدم يمثل وحدة متكاملة تم تقسيم مسؤوليته إلى قسمين : شعوب شرقية تعتمد الرؤية الروحية ودورها تطوير العلوم الروحية (الفروع الأدبية) لكشف اسرار الرمز الإلهي (١٨) ، وشعوب غربية تعتمد الرؤية المادية ودورها تطوير العلوم المادية(الفروع العلمية) لكشف أسرار الرمز الإلهي (٨١) . ولهذا الآية (فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) تخاطب علماء القسمين الشرقي والغربي في آخر الزمان كونهم قد وقعوا في خدعة روح الأعور الدجال والتي جعلت منهم علماء مطففين يعتمدون مبدأ العلم للعلم والفن للفن والدين للدين وليس لخدمة الإنسانية ، فأمثال هؤلاء العلماء هم في الحقيقة قوم يأجوج ورمزهم (١٧) وقوم مأجوج ورمزهم (٧١) الذين صنعوا المنهج العلمي الحديث الذي ساهم في تحطيم الوحدة العالمية .
في سلسلة مقالات اللغة الإلهية تحدثنا بشكل مفصل عن الكابالا العربية والكابالا اليونانية وذكرنا أن طريقة إستخراج قانون الكابالا العربية تم ذكره في سفر التكوين بشكل رمزي ، وشرحه مرة أخرى هنا سيحتاج إلى صفحات عديدة . ولكن هنا سنعرض بعض الأمثلة التي تؤكد على صحة مبدأ النظام الرقمي للغة وكذلك إرتباط اللغة العربية مع اليونانية .
١١- الإزدواجية والتناظر : أيضا من مبادئ تعاليم يوسف هو أن تكوين العالم يعتمد مبدأ الإزدواجية والتناظر وهذا المبدأ اليوم يُعتبر من أهم مبادئ فيزياء الكم في فهم قوانين العالم المادي . فمبدأ الإزدواجية نجده في الرمز (١٨) الذي يتألف من رمزين (٨) و(١) والذي يمثل الرمز (انثى-ذكر) . أما مبدأ التناظر فنجده بين الرمز (١٨) الموجود في كف اليد اليمنى ، ونظيره الرمز (٨١) الموجود في كف اليد اليسرى . وكذلك التناظر الشاقولي في معنى برج بابل ، فكلمة بابل لها معنيين : المعنى الأول يمثله الرمز (٨) من الرمز (١٨) والذي يعني بوابة الله (وهو عدد أبواب الجنة) التي تُفتح عن طريق معرفة وتوحيد أسماء الله الحسنى ، والمعنى الثاني لكلمة بابل يمثله الرمز (٧) ويعني البلبلة والتشتت (وهو عدد أبواب جهنم) .
الحكمة الإلهية في تصميم القرآن من خلال الأعداد التي يستخدمها أيضا تؤكد صحة هذه المعلومة فإذا نظرنا إلى عدد آيات سور القرآن بشكل متصل سيكون مجموع الآيات هو العدد (٦٢٣٦) وهذا العدد كشكل يشبه شكل وجه جانبي لإنسان ينظر إلى السماء ولكن بدون أنف ، وهو رمز إنسان القرد ، فأهم فرق بين شكل وجه الإنسان ووجه القرد هو غياب النتوء الأنفي للقرد ، لهذا توجد آية مخفية يجب قراءتها قبل قراءة القرآن (أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) ، ورقم هذه الآية هي رمز أنف الإنسان . أما إذا شكلنا خط أفقي طوله يمثل عدد آيات كل سورة بحيث نصفه يتجه إلى اليمين ونصفه الآخر يتجه نحو اليسار ووضعنا خطوط السور فوق بعضها البعض حسب ترتيبها فسنحصل على شكل يشبه شجرة الميلاد التي يحتفل بها المسيحيين في رأس السنة من كل عام (كما توضح الصورة) . فظهور نظرية تطور في آخر الزمان تقول بأن أصل الإنسان حيوان يُشبه القرد نتيجة عمى البصيرة لعلماء هذا العصر ، قد تم ذكره في القرآن بهذه الطريقة الرمزية ، والذي معناه أن روح الأعور الدجال ستستطيع أن تخدع العلماء وتقوم بإسقاط آدم عن عرشه لتحل محله روح الشيطان .فحتى أولئك العلماء الذين يعارضون نظرية داروين بسبب تعارضها مع نصوص الكتب المقدسة نجدهم قد وقعوا في فخ خدعة روح الأعور الدجال ورفضوا فكرة التطور من أساسها واعتمدوا مبدأ الخلق المنفصل (النظرية الخلقية) ، أي أن الله قد خلق كل كائن حي بمفرده ووضعه على سطح الأرض ، فخطورة هذه النظرية هو أكبر من خطورة نظرية داروين كونها تساهم في الإبتعاد عن الحقيقة أكثر فأكثر حيث أنها تتعارض مع أحد مبادئ تعاليم يوسف (مبدأ السببية) فالنظرية الخلقية تمنع دراسة علاقة السبب مع النتيجة ، وتجعل العلاقة بينهما علاقة عشوائية تساهم في تدمير مفهوم المخطط الإلهي .
وكما ذكرنا في فلسفة تصميم المجموعة الشمسية بأنه من الرمز الإلهي (١٨) الذي يُمثل آدم وحواء ، نستطيع معرفة مدة دوران جميع الكواكب حول الشمس . فالآية المذكورة في سورة يوسف (.. إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) ليست مجرد تفسير لحلم له علاقة مع ما حصل في حياة يوسف في مصر ولكنه يشرح لنا دور روح هابيل في ولادة الكون وتطوره وكذلك دوره في تكوين المجموعة الشمسية وتطور الحياة والحضارات . فكما ذكرنا قبل قليل أن هابيل ولد باسم يوسف وهو مؤسس عصر الأهرامات الذي اظهر الرمز (١٨) للوجود لأول مرة في الفكر الإنساني من خلال بناء الأهرام التي شكلها يُمثل الرمز (٨) والمسلة التي شكلها يُمثل الرمز (١) .لهذا لا يكفي أن نعلم عن الشمس والكواكب والأقمار فقط حجمها وتركيبها وسرعة دورانها وغيرها من المعلومات المادية ، فهي تحوي معلومات روحية تساعدنا في فهم الحقيقة الكاملة للمجموعة الشمسية وطريقة تكوينها وعلاقتها بالوجود الإنساني . فالعدد (٣٩٩) والذي يمثل عطارد (آدم) ، والعدد (٩٩٣) والذي يمثل الزهرة (حواء) كلاهما يعتمدان رمز عدد أسماء الله الحسنى (٩٩) الذي يمثل مجموع (١٨+٨١) ، فعلم التنجيم هو أيضا علم من علوم يوسف ويمثل القسم الروحي لعلم الفلك فهو يدرس الصفات الروحية للكواكب والنجوم ودورها في ظهور الإنسان على سطح الأرض ، ولا علاقة له بالتنبؤ بالمستقبل ولا بتلك الخرافات التي تُنسب إليه اليوم من قبل علماء الأبراج ، فبدون تعاون علم الفلك مع علم التنجيم بشكله الحقيقي لمعرفة المعلومات الروحية والمعلومات المادية عن المجموعة الشمسية سيكون فهمنا لها فهم مادي سطحي يعتمد مبدأ العلم للعلم كما يحصل اليوم وليس لخدمة وسعادة الإنسان كما حصل في عصر الأهرامات في مصر .
إن النظر إلى أسماء الأشياء وأسماء الأحداث وكأنها أسماء ظهرت بالصدفة ، وكذلك فصل الكلمات عن بعضها البعض ، أو فصل اللغة العربية عن اللغة اليونانية ، أو فصل المعنى الروحي لأسماء الأشياء عن تكوينها الفيزيائي سيجعل تطور الأحداث التاريخية والتطورات الكونية تبدو وكأن جميع الأمور فيها في حالة فوضى وأن كل الأشياء والأحداث فيها قد حصلت بالصدفة . فإذا تمعنا جيدا في تفسير آيات النصوص الدينية للديانات السماوية سنجد أنها بشكل عام تفسيرات سطحية عشوائية تعتمد على الفطرة وعلى مزاج كل باحث أو عالم ديني ، ولهذا نجد وجود تناقضات كبيرة ليس فقط بين تفسيرات علماء مختلف الديانات ولكن أيضا تناقضات بين علماء الدين نفسه والمذهب نفسه . وسبب ذلك أن تفسيراتهم لا تستند على قاعدة علمية شاملة واضحة توحد جميع هذه النصوص الدينية العالمية في رواية واحدة ألفها إله واحد . فكما لاحظنا قبل قليل أنه رغم وجود بعض الإختلافات الصغيرة بين سفر التكوين والقرآن في قصة خلق آدم، ولكن وجدنا أن كلاهما يعتمدان نفس النظام الرقمي والذي معظم علماء الدين يهملونه تماما . فالتطابق الرقمي هذا يؤكد أنه لا يوجد تناقض بين سفر التكوين والقرآن ولكن يوجد إختلاف في زاوية الرؤية ، وهذا الإختلاف هو حكمة إلهية تساعدنا في الوصول إلى الرؤية الشاملة للأحداث . فالفصل بين التوراة والقرآن والإنجيل سيجعل منها كتب سطحية فقيرة لا تصلح لكل مكان ولا لكل زمان ، وهذا هو قانون كوني من قوانين المخطط الإلهي ولهذا الحكمة الإلهية ذكرت الآية {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣) الحجرات} ، هذه السورة تأتي بعد سورة الفتح كدليل إلهي يؤكد أن العبادة هي عمل جماعي عالمي ، ولهذا الحكمة الإلهية أيضا جعلت القرآن ينتهي بسورة عنوانها (الناس) أي جميع شعوب العالم وليس فقط الأمة الإسلامية . الله عز وجل أرسل لجميع شعوب العالم من يهديها {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (٧) الرعد} ، {.... وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ (٢٤) فاطر} ، فالتعصب الديني أو المذهبي في المسلم أو غير المسلم واحتكار الإيمان والجنة لنفسه ولأمته فقط -كما يحصل اليوم - يعني أنه جاهل تماما في علوم تطور الإنسانية وأنه لا يزال ينتمي إلى روح البقرة ولهذا هو يحاول منع التعاون الروحي بين الشعوب .
للأسف هناك الكثير من المسلمين اليوم يرفضون أي نص ديني خارج النصوص الإسلامية يُقدم كدليل أو إثبات لصحة معلومة معينة ، ولهذا سنقدم دليلا آخر يؤكد ترابط معلومات القرآن الكريم مع كتب التوراة ويؤكد أن المخلص العالمي الذي سيأتي في آخر الزمان (المهدي - المسيح) هو النبي يوسف الذي ستقبل به جميع الأمم :
جميع الأرقام التي ذكرناها قبل قليل مذكورة في القرآن أيضا، ولكن رؤيتها تحتاج إلى قاعدة عالمية شاملة ، وهنا ذكرنا أماكن وجودها في التوراة فقط كدليل يؤكد أن الكتب المقدسة الأخرى هي أيضا من وحي إلهي وفي حماية إلهية تنطبق عليها الآية {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩) الحجر} .
من يعتقد بأن هذا التطابق الرقمي بين التوراة والإنجيل والقرآن هو مجرد صدفة ، هو كمن يدعي بأن الله لا يعلم شيئا عن الأرقام الموجودة في التوراة والإنجيل فحدث هذا التطابق مع أرقام القرآن عن طريق الصدفة ، أو أن الأرقام المذكورة في القرآن هي مجرد أرقام لا معنى لها ولا علاقة لها لا بالتوراة ولا بالإنجيل . وهذا الإعتقاد مخالف للمبدأ الخامس من تعاليم يوسف (الغائية الكونية) الذي تحدثنا عنه في المقالة الماضية والذي يرفض مبدأ (حدث بالصدفة) . فليس من الصدفة أن يكون الكتاب الرابع من كتب التوراة يحمل عنوان (العدد) كرمز يؤكد على أن الأرقام هي لغة إلهية يستخدمها الله في كتبه المقدسة ، ولهذا الآية رقم /٢٠/ من سورة المطففين تصف القرآن الكريم بأنه (كِتَابٌ مَّرْقُومٌ) ...... والله أعلم .
في المقالة القادمة إن شاء الله سنتابع شرح بقية مبادئ تعاليم يوسف وسنذكر أمثلة عديدة للغة الأرقام الإلهية .
وسوم: العدد 1052