جهد عربي لفك الحصار… عن إسرائيل؟!
أعلنت وزيرة المواصلات الإسرائيلية، ميري ريغيف، قبل أيام، أن العمل جار للالتفاف على الحصار الذي فرضته جماعة «أنصار الله» (الحوثيين) في البحر الأحمر على وصول السفن إلى إسرائيل، وذلك بنقل البضائع القادمة من الصين والهند إلى الإمارات والبحرين، وإطلاق ممر بري سريع منهما عبر السعودية والأردن إلى إسرائيل، ومنها إلى مصر وأوروبا وبالعكس، مما يعوض عن 80٪ من الشحن البحري المتعثر، ويوفّر بديلا عن قناة السويس.
تشير الأرقام إلى أن صادرات إسرائيل في العام 2023 ارتفعت إلى المغرب بنسبة 128 في المئة، وإلى مصر 73 في المئة، وللبحرين بنسبة 54 في المئة، وللأردن 13 في المئة، وللإمارات 13 في المئة، وأنها استوردت في الأسبوع الأول من كانون أول/ديسمبر الماضي (أي أثناء حربها المستعرة ضد غزة) 500 طن من البندورة من الأردن و700 طن من تركيا.
يبدو أن ما يقوم به الحوثيون هو الجهد العربي الوحيد لمنع وصول بضائع إلى إسرائيل عبر البحر وهو جهد يمكن أن يسهم في إضعاف آلة الحرب الإسرائيلية، وكذلك في إشعار الإسرائيليين (الذي ما زالت قرابة 60٪ منهم مؤيدون لاستمرار الحرب على الفلسطينيين في غزة) بوجود جهة عربية ما ترفض، عملا لا قولا، هذا العدوان وتحاول، بقدر ما تستطيع فك الحصار عن غزة.
في المقابل، تسهم خطط النقل البري من الإمارات والبحرين، واستمرار ارتفاع أرقام المبادلات التجارية الإسرائيلية مع الدول العربية، تصديرا واستيرادا، في تثبيط هذا الجهد، وفي دعم إسرائيل.
تناقض هذه الوقائع، وخصوصا في مصر والأردن، الجهود لوقف مخاطر خطط إسرائيل التي تمسّ الأمن القومي للبلدين، كما تناقض التصريحات السياسية لزعمائها ومسؤوليها، وآخرها تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي التي أنكر فيها بقوة مسؤولية بلاده عن حصار غزة ومنع دخول المساعدات إليها.
يبدو كل هذا خارج المعقولية السياسية في الوقت الذي تستمر المجازر الإسرائيلية، التي حصدت 25700 شخص، النسبة الكبرى منهم أطفال، ويقارب نصف مليون منهم على الجوع الشديد، وتم تهجير أغلبيتهم عدة مرات، فيما يكرّر المسؤولون الإسرائيليون، بدءا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، رفض دولة فلسطينية، ويتنافس وزراء في الحكومة على إطلاق دعاوى الإبادة الجماعية للفلسطينيين باستخدام النووي، كما فعل أميخاي إلياهو، وزير التراث، ودعاوى التطهير العرقي، كما فعل وزيرا المالية، بتسلئيل سموتريتش، والخارجية، يسرائيل كاتس، واحد بالحديث عن «هجرة طوعية» والآخر بحديث عن «نقل سكان غزة» إلى جزيرة صناعية.
يزيد حجم الإشكالية العربية ما فعلته جنوب افريقيا برفعها دعوى في محكمة العدل الدولية وفي تأكيدها على أن الموقف من دولة مثل إسرائيل هو نوع من الدفاع غير المباشر عن النفس، وأنك لا تحتاج أن تكون من العرق نفسه، أو القومية نفسها، أو الجنس نفسه لتجد نفسك في موقف المقموع المحتلّة أرضه والذي يتعرّض للاستيطان العدواني على أرضه، والتطهير العرقي لإخراجه منها، والإبادة الجماعية للقضاء عليه.
لم يعد الفلسطينيون يتوقعون، والحال هذه، أن تتماثل بعض الدول العربية بجنوب أفريقيا، أو أن يسمح حكامها لشعوبهم بالتعبير عن تعاطفها مع أهل غزة والضفة، ولكنّهم يتوقعون أن يدفع منطق الحسابات السياسية البسيطة تلك الدول للدفاع عن مصالحها، أو سيادتها، أو أن تقف على الحياد، على الأقل، فلا تساهم، مباشرة أو غير مباشرة، في دعم قتل الفلسطينيين.
وسوم: العدد 1067