الكيان الصهيوني المحتل يستخف كبرياء وصلفا بأحكام محكمة الجنائيات ومحكمة العدل الدوليتين
الكيان الصهيوني المحتل يستخف كبرياء وصلفا بأحكام محكمة الجنائيات ومحكمة العدل الدوليتين وتقره على ذلك الدول الغربية المتورطة معه في إجرامه
مع ما في الأحكام الصادرة عن محكمة الجنايات ، ومحكمة العدل الدوليتين من إضرار صارخ بالشعب الفلسطيني، حيث سوت الأولى بين الجلاد والضحية ، كما قضت الثانية بوقف الحرب على رفح فقط دون باقي جهات قطاع غزة ، فإن الكيان الصهيوني المحتل الذي غزا القطاع استخف بأحكامهما تعنتا وصلفا وكبرياء ، وأقرته على ذلك الدول الغربية الضالعة والمتورطة معه في جرائم إبادة جماعية مكتملة الأركان على حد تعبير المختصين في توصيف الجرائم ، مع أنها تتباكى على ضحايا هذه الإبادة ، وتتظاهر بالأسف والحسرة عليهم .
وقد يخطر ببال البعض التساؤل عن انتقاد المحكمتين بخصوص إضرارهما الواضح بالشعب الفلسطيني ، وبيان ذلك أنهما معا تعملان تحت سلطة وإمرة الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مكشوف ، ذلك أن محكمة الجنايات لم تجرؤ من قبل على إدانة غزو الولايات المتحدة للعراق وأفغانستان ، ولم تصدر حكما بإدانة الرئيس بوش ووزير دفاعه ، وقد ذكرت مصادر مطلعة أن هذين الأخيرين هددا يومئذ باقتحام مقرها في لاهاي عسكريا إن هي أصدرت إدانة لهما . أما محكمة العدل، فإن أحكامها صورية طالما أن الفيتو الأمريكي يبطلها .
ولقد سوت المحكمتان بين الكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين سنة 1948 والغازي لقطاع غزة أكثر من مرة ، وآخرها بعد السابع من أكتوبر المنصرم ، وبين المقاومة الفلسطينية المشروعة التي تدافع عن وطنها المغتصب ، وتواجه العدو المحتل الغازي، فمحكمة العدل أدانت طوفان الأقصى، واعتبرته اعتداء على الكيان الصهيوني دون أن تنطلق من حيثيات لا يمكن القفز عليها بحال من الأحوال ، منها أن أرض فلسطين قد سلمت من طرف الاحتلال البريطاني إلى عصابات صهيونية كانت مستقرة لقرون في دول أوروبية شرقية وغربية وغيرها من بلدان العالم ، وأن الكيان الصهيوني يرفض وجود دولة للشعب الفلسطيني فوق أرضه ، بل يرفض حتى حل الدولتين الذي فرض فرضا على هذا الشعب، بحيث لا تتجاوز حدود وطنه ما كان عليه الوضع قبل حرب سنة 1967 ، وأنه ماطل في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه فيما يسمى باتفاقيات السلام بما فيها كامب دافيد ، ومدريد ، وأسلو ، وواي ريفر ، وشرم الشيخ ، وأنه كان يحاصر قطاع غزة حصارا خانقا لسنوات ، ويهاجمها بين الحين والآخر ، ويدمر بنيتها التحتية ، ويبيد مواطنيها إبادة جماعية ، وأنه طوى في الآونة الأخيرة الملف الفلسطيني طيّا ، وانشغل بموضوع التطبيع مع الكيانات العربية الساكتة على احتلاله ،تمهيدا لبسط سيطرته على كل فلسطين ، ومنها تمديد نفوذه الاقتصادي في كل الوطن العربي ،ولا شك أن له أطماعا أخرى غير معلنة يخفيه إلى حين .
كل هذه الحيثيات قفزت عليها محكمة العدل الدولية حين قصرت نظرها في القضية الفلسطينية على ما بعد أحداث السابع من أكتوبر ، وكأن الوضع في فلسطين قبل هذا التاريخ كان وضعا طبيعيا ، ولم يكن احتلالا بغيضا وحصارا خانقا ، وإجراما من طرف الكيان الصهيوني ، وكأنه لا وجود لقانون أو عرف دولي يقر للشعوب المحتلة أراضيها بحق مقاومة المحتل وطرده . وبالرغم من هذا الموقف لمحكمة العدل التي تشوب الأحكام الصادرة عنها عيوب صارخة ، فإن الكيان الصهيوني يرفضها ويدينها ، كما تدينها الإدارة الأمريكية التي تلوح باستعمال الفيتو لنقضها وتعطيلها .
أما محكمة الجنايات فقد وضعت أحكامُها في سلة واحدة رؤوس كيان محتل يرتكب جرائم إبادة جماعية فظيعة وغير مسبوقة، وقادة مقاومة مشروعة تدافع عن أرضها، وعن أمن مواطنيها الذين كانوا يعيشون تحت حصار خانق لعقود . وهذه المحكمة قد وقعت في تناقض صارخ حين طلب مدعيها العالم بإصدار قرار باعتقال رئيس الوزراء الصهيوني ووزير حربه ،وباعتقال ثلاثة من قادة حركة حماس ،أحدهم يرأس جناحها السياسي ، وهو المدعي العالم الذي لم يجرؤ على طلب مثله بخصوص غزو الولايات المتحدة الأمريكية أرض العراق ، وأرض أفغانستان ، وهذا ما جعل رئيس وزراء الكيان الصهيوني يستخف به ، ويكرر تهديده له كما هدده الرئيس بوش ،و بما هدده به يومئذ .
وأخيرا نقول إن محاكم دولية ـ يا حسرتاه ـ تكون تحت رحمة الفيتو الأمريكي لا قيمة لأحكامها ، ولا وزن لها ، ولا رأي لمن لا يطاع كما قال الإمام علي كرم الله وجهه .
وعلى الشعب الفلسطيني أن يأخذ حقه المسلوب بكفاحه دون تطلع إلى محاكم صورية بمثابة ألعوبة في يد الأمريكان الذين يضعون الكيان الصهيوني المدلل فوق كل القوانين ، وفوق المساءلة ، وفوق المحاسبة . ولن يستقيم أمر هذا العالم البائس إلا بتغيير جذري يطال وضع ما بعد الحرب العالمية الثانية غير السوي وغير العادل ، وغير المقبول لدى شعوب المعمور، وعلى رأس هذا التغيير جعل القانون والعدالة فوق بعبع الفيتوهات التي وزعت كمنح مجانية على الأنظمة التي خرجت منتصرة في تلك الحرب ،والتي كرست ظلما لا يقل عن ظلم الكيانات النازية والفاشية التي خرجت منهزمة فيها .
وعلى قضاة تلك المحاكم أن يبادروا باستقالتهم من مناصبهم ، وهم يعلمون جيدا وأكثر من غيرهم أن أحكامهم ستظل حبرا على ورق ، أوصيحة في واد .
وسوم: العدد 1081