رسالتي إلى فاتح نجم الدين أربكان ... وفقه الله تعالى لما يحب من الخير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

رسالتي إليك أيها العزيز المحترم

كن امتدادا لأبيك

كن امتدادا لشخصه .. كن امتدادا لإرثه .. كن امتدادا لآماله ورؤاه وتطلعاته..

يكتب إليك إنسان عايش أباك عن بعد..

منذ حزب النظام وحزب الخلاص وحزب ….السعادة

كان المفكر والقائد المسلم، نجم الدين، يمثل اسمه حقا، وترنو إلى تجاربه جماهير الإسلام ما بين لابتيها…

كان رحمه مفكرا مبدعا، وقائدا متمرسا، ولقد مثل تجربة في تاريخ العمل الإسلامي؛ تتابع وتدرس وتعتبر أسوة ونبراسا..

وأعتقد أن والدك الراحل الكبير رحمه الله تعالى، يوم سماك "فاتحا" كان يرجو فيك ما يفتح الله به للناس من رحمة..

(مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا)

لن يمسك أحد من البشر -أيها العزيز- رحمة الله عن خلقه، وخاصة عن المعذبين من عباده…

وجعل الله في الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر. كما جعل فيهم من أرجو أنك لا تريد أن تسمع عنهم…

في سنة ٢٠٠٥ يوم صارت والدتك رحمها الله تعالى ورفع مقامها في عليين، إلى ربها في أواخر ذاك العام..

قصدت زيارة والدك معزيا، كنت أشعر أنني أطلب زيارة والد وأخ كبير ومرشد!! وقلت في طلب الزيارة: وأحكي لكم بعضا مما يجري على أهلكم في بلاد الشام…

فأعطاني موعدا لخمسة وأربعين دقيقة فقط..

ثم التقينا وبدأت أحدثه وهو يصغي، ويتألم وامتد بنا المجلس حتى تجاوزنا مائة وخمسين دقيقة، وهو يسمع ويتألم ويدقق ويتأكد فكأنني، حين أحدثه عما جرى في حماة وحلب ودمشق، أحدثه عن بعض أهله…

مشاعره الحنون الدفاقة كانت أقرب إلى قلبي من كلماته المؤثرة الناصحة التي تنير الطريق، وتبعث العزيمة يقول عند كل محطة: لا تهنوا.. لا تحزنوا .. لا تجزعوا ..

ويكررها بأساليب متعددة، ويحكي بالأساليب نفسها عن وحدة الشعوب، والقلوب؛ وإن اختلفت الأنظمة والكيانات

ولعلي إن ذكرتك بشيء، أذكرك بمشروع والدك الانعتاق من ربقة الدولار، والتي كانت سببا لما تعلم ونعلم ويعلم كل من شدا من مرتبات السياسة حرفا.

كلمة صغيرة أهمسها ولا أجهر بها إلى من يوصف بأنه "ابن اربكان" غيرتنا عليك بعض غيرتنا على إرث أبيك القدوة والمعلم رحمه الله تعالى.

المسلم للمسلم كالبنيان. وأن المسلم لا يخذل المسلم، ولا يظلمه ولا يسلمه. وأن المسلم الذي تدور عليه رحى الظلم والظالمين في أحايين من الزمان، يحتاج إلى بسمة أخيه المطمئنه، ويده الحانية، وتثبيته لا تثبيطه..

وأدعو لكم بالتثبيت: اللهم ارحم أستاذنا ومعلمنا وقدوتنا نجم الدين أربكان وارفع مكانته وألحقه بالصالحين.. واخلفه في أهله وفي إخوان دربه أجمعين خيرا وبرا..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1085