لقد سقط في يدي الصهاينة بتعيين السنوار مكان هنية وخسر رهانهم على اغتيال قيادات حركة المقاومة حماس
لا شك أن الكيان الصهيوني المحتل ظل طيلة مدة احتلاله لأرض فلسطين منذ تسلمها هدية من يد المحتل البريطاني سنة 1948 يحلم واهما بتحويلها إلى وطن قومي له ، وهي خالية من شعبها صاحب الحق فيها ، كي يستمتع بها في أمن وأمان وسلام ،وكانت حساباته خاطئة ، ورهانه عبارة عن وهم، وسراب بقيعة .
ولقد راهن هذا الكيان المستنبت بالقوة في أرض لفظته وتلفظه على الدوام لعدة عقود على نفس الأسلوب الذي اعتمدته عصاباته الإجرامية الأولى التي حلت بها ، وهو أسلوب إرهاب أهلها من أجل إجلائهم منها ،وتهجيرهم عنها بالقوة إلا أن شعبها الصامد أفشل مخططه هذا باختيار المقاومة أسلوبا مضادا لا بديل عنه من أجل استرداد ما أخذ بالقوة بقوة مضادة .
ولم يدخر المحتل الصهيوني جهدا من أجل اختزال فكرة المقاومة في بعض قياداتها التي استهدف بعضها بالتصفية الجسدية ، بينما حيّد بعضها الآخر عن طريق إرغامها على القطيعة مع المقاومة ،والرهان على وهم سلام معه ، هوعبارة عن وعود عرقوبية لم تثمر لا بلحا، ولا زهوا، ولا رطبا، ولا تمرا .
ولما صفى الكيان الصهيوني مؤسس حركة حماس الشهيد أحمد ياسين، ظن يومئذ أنه قد وأد فكرة المقاومة المسلحة إلى الأبد، إلا أنها أزهرت وأثمرت قيادات شابة بديلة حاملة مشعلها، ومع ذلك لم يتخل الكيان الحالم الواهم عن رهانه الخاسر على تصفية القيادات البديلة بعد تصفية القائد المؤسس ، وهي تصفيات يستحيل معها تصفية فكرة المقاومة المسلحة التي تجري مجرى الدم في عروق الشعب الفلسطيني ، وهو يجود بالمهج الغالية، ويسترخصها من أجل تحرير وطنه .
وإذا كان المحتل الصهيوني قد صفى القائد هنية من أجل النيل من إرادة وعزم المقاتلين الصامدين في قطاع غزة ، وقد بهدلوا جيشه المنفوخ في قدراته وخبراته العسكرية ، وأثبتوا للعالم بأنه أجبن وأوهى جيش على الإطلاق بالرغم من حجم تسليحه ونوعيته، وبالرغم من الدعم اللامحدود الذي يحظى به من طرف الولايات المتحدة ومعها حليفاتها بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا ... والتي تحارب جيوشها معه ، فإن إعلان السنوار القائد الميداني المقاتل قائدا سياسيا بديلا عن القائد السياسي المصفى جسديا هو صفعة له ستوقظه حتما من حلم أو من وهم الرهان على تصفية فكرة المقاومة من خلال تصفية قادتها ، الشيء الذي سيضطره حتما إلى اليأس كليا من القضاء عليها، لأنها إرادة شعب يستحيل تصفيته ، وأنها ليست مجرد إرادة قيادات يمكن تصفيتها جسديا.
ومعلوم أن تعيين السنوار محل هنية عبارة عن رسالة قوية موجهة أولا إلى الكيان الصهيوني مفادها أنه لا هوادة في الإيقاع المتصاعد للمقاومة المسلحة ، وأنه لا نهاية لها كما يحلم بذلك، وثانيا هي رسالة موجهة إلى حلفاء الكيان المهزوم بزعامة الولايات المتحدة مفادها أن رهانها على الكيان الحالم بالقضاء على المقاومة هو رهان خاسر أيضا ، ثم هي رسالة موجهة إلى القيادة الفلسطينية التي تراهن رهانا خاسرا أيضا على الوعود العرقوبية ، وهي في نفس الوقت رسالة موجهة إلى الأنظمة العربية التي تراهن رهانا خاسرا أيضا على حلم ووهم القضاء على المقاومة الشيء الذي جعلتها تتخذ هذا الوهم أساسا أو منطلقا لتدبير سياساتها المعاكسة لإرادة شعوبها التي لا تختلف إن إرادة الشعب الفلسطيني وإرادة الأمة الإسلامية .
إن المقاومة الفلسطينية فكرة يستحيل القضاء عليها كما شهد بذلك يعض الصهاينة أنفسهم ممن نصحوا الواهمين منهم بالتخلي عن التفكير في وهم القضاء عليها .
لقد اغتال الصهاينة هنية، وهو محسوب على حمائم المقاومة بحكم تخصصه السياسي إما وحدهم أو بمساعدة غيرهم سواء المحتمل من هذا الغير، أوالبعيد الاحتمال والذي قد لا يخطر على بال في الوقت الحاضر إلى أن يكشف المستقبل عنه النقاب ، فجاء السنوار المحسوب على صقور المقاومة بديلا عن سلفه كي يضع حدا لأحلام كل الحالمين وأوهام كل الواهمين بأن المقاومة فكرة راسخة وثابتة تورثها جيلا عن جيل يليه إلى أن يتحقق استقلال فلسطين كل فلسطين ، ويرحل المحتل ، ويعود من حيث أتى أول مرة مذموما مدحورا ، وما ضاع حق وراء طالب ، ولا مانع لما أعطى الله عز وجل ، ولا معطي لما منع ، وما النصر إلا من عنده سبحانه ، ولا غالب إلا هو، وله العزة والكبرياء جل في علاه . وسيبقى شعار المقاومة نصر أو استشهاد ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
وسوم: العدد 1090