مات هنية ولن تموت فلسطين
هل كنتم تظنون أنه سيموت على فراشه موت البعير؟ هكذا يموت الأبطال، وقد تمنى ذلك الصحابي حديث العهد بالإسلام – وقد عرضت عليه قسمته من الغنائم في ساحة المعركة - أن يصاب بسهم في حلقه فيموت شهيدا فيدخل الجنة، فوقع له ما أراد فعقب الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله "صدق الله فصدقه الله"، ونعتقد أن هذا ينطبق على أبي العبد رحمه الذي رفع طول حياته شعار "الموت في سبيل الله أسمى أمانينا"، والخزي للأنظمة العربية الوظيفية المتصهينة التي منعت عنه أي عون أو مدد فلجأ إلى إيران طلبا للنصرة...ولا بد أن نفهم بوضوح أن هذه الأنظمة عقبة كأداء أمام إرادة العرب والمسلمين في التحرر واستعادة المجد والمكانة لأنها بصفة أو بأخرى جزء من المشروع الصهيوني، وتفكيكها واستعادة السيادة أولوية الشعوب.
مات هنية ولن تموت قضيته...لقد قتل الفرس عمر بن الخطاب لإصابة الإسلام ذاته، وقام رجال بعد عمر وبقي الإسلام...وقتل الغوغاء عثمان بن عفان وبقي الإسلام...وقتل الخوارج علي بن أبي طالب وبقي الإسلام...وتتالت حملات لاستئصال شأفة الدين وباءت كلها بالفشل: بدأ الأمر بردة بعض القبائل العربية الكبرى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فقام أبو بكر وقال بحزم "إن الدين قد اكتمل، أوَيُنقص وأنا حي؟"، وخمد الفتنة، وجاء التتار الهمج من الشرق فهزمهم المسلمون وجعلوهم مسلمين، وجاء الصليبيون الحاقدون من الغرب واجتاحوا المشرق العربي واستولوا على القدس مدة 90 سنة وظنوا أن أمر الإسلام قد انتهى هناك، وانتفض المسلمون بعد غفوة طويلة واستردوا القدس وطردوا الغزاة الغربيين...هكذا دائما يذهب الطغيان ويبقى الإسلام، هذه هي القناعة التي لقي إسماعيل هنية ربه عليها.
أجل، استشهاد القائد ثلمة كبرى ومصيبة عظيمة لكن هل قضية فلسطين مرتبطة بشخص مهما علا كعبه؟ استشهد أحمد ياسين – الشيخ المؤسس – وكثير من القادة البارزين وبقيت حماس وبقيت فلسطين، ولنا عبرة في حرب التحرير الجزائرية حيث استهدف الاحتلال الفرنسي بن بولعيد وبن مهيدي وعميروش وديدوش وغيرهم من القادة المؤسسين للثوة القائمين عليها فخلفهم أمثالهم حتى انتصرت الجزائر.
ما المطلوب اليوم؟ واجب كل من يحب هنية وحماس وغزة وفلسطين والإسلام والأمة أن يتفض من أجل تنشئة جيل النصر، هذا واجب الأولياء والمربين والدعاة، ليحل محل الجموع التائهة مع الألعاب والمهرجانات والتوافه.
وكنت أتمنى أن تبادر الجزائر بإعلان الحداد والدعوة إلى إقامة صلاة الغائب على روح القائد الكبير رحمه الله.
وسوم: العدد 1090