كلمة عن أولمبياد باريس
كلمة الحق المستندة إلى شرع الله ونصرته وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا بد أن تُقال مهما كان رد الفعل المخاطبين وعلى أي مستوى كانوا، والساكت عن الحق شيطان أخرس، وتأخير البيان عن وقته لا يجوز كما هو مقرر أصوليا، و العالم الرباني هو الذي يعلمنا الوقوف عند حدود الله والتهيب من تعدّيها، ويمارس الجهر بالمعروف و إنكار المنكر، فإن لم يفعل كانت فتنةٌ للناس وفسادٌ كبير، فكيف إذا سكت عن كل هذا واصطف مع المنكرات بدعاوى مغلفة بشعارات غير منضبطة بالشرع؟ هنا تكون الفتنة أشد والفساد أكبر...أقول هذا لأن هناك من حملة العلم من فتَن الناس في دينهم إبّان ألعاب باريس فضخم مسألة الميداليات وعدّها إنجازا جزائريا كبيرا، وجعل من اللاعبات قدوة لبناتنا، ولم يلتفت إلى المخالفات الشرعية الخطيرة التي لازمت هذه الألعاب ووقعت فيها هؤلاء المشاركات، فكأن العري أصبح مسألة بسيطة لا تثير اشمئزاز المؤمن، وكأن أجواء الشذوذ والمثلية والمجون والدياثة لا تستحق الالتفات، قال تعالى "وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم"، أو ليس العرض من الكليات الخمس التي جاء الدين لحفظها؟ أوليس العلماء قد حرموا ممارسة الملاكمة على الرجال – فضلا عن النساء - لأن فيها مخالفة شرعية معروفة؟ ألم تكن ألعاب باريس منذ افتتاحها تمجيدا لكل ما يصادم فطرة الله التي فطر الناس عليها؟ أوليس في غض النظر عن ذلك انسياقا مع موجة الإلحاد والمثلية الجنسية بل مدحا لها تحت شعار الاعتزاز بمواطنينا ومواطناتنا؟ عندنا يتنافس قادة إسلاميون وهيئات علمائية في تهنئة الفائزات وعدّ عملهن فتحا كبيرا للبلاد والعباد دون تنبيه على ما يكتف الألعاب والأداء من حرب على الدين والقيم والأخلاق ألا يعني ذلك أن حصوننا مهددة من داخلها وأن الحراس لم يناموا فحسب بل فتحوا الأبواب للأعداء؟ ثار بعض أهل الدين من أجل رواية مخلة بالحياء – وحق لهم أن يثوروا – لكنهم انحازوا إلى ما هو أخطر منها بكثير ومجدوه وبرروه...هذا لعمري هو الاستحمار الديني، و من لا يُستحمر يصبح غير وطني و يخدم الأجندة الاجنبية !!!يتجلى الاستحمار فينا حين نفقد هويتنا وأصالتنا فنتبع الغرب في قيمه وتخطيطه ونجعل من اللهو نصرا ومن اللعب بطولة ومن الدياثة رجولة ومن المعصية إنجازا نباهي به، حتى لو دخلوا جحر الضب دخلناه وسمينا الداخل بطلا !!! الاستحمار الديني أن يفتخر أب بابنته وهي عارية الجسد أمام ملايين البشر المسلمين وغير المسلمين ولا تتحرك فيه شعرة رجولة وإباء...الاستحمار أن يفتخر الشعب برفع العلم الوطني وعزف النشيد الرسمي في باريس ولو صاحب ذلك كل المنكرات التي تجلب غضب الله وتذهب بهيبة الدين...الاستحمار أن تبلغ الحماسة ببعضهم درجة استبدال دين الوطنية بدين الإسلام وأن يحتكم الناس إلى الموازين الأرضية ويتنصلوا من المقاييس السماوية، ويغلّف بعض المنتسبين للدين والعلم كل هذا بغلاف لا يزن شيئا في ميزان الشرع سموه فقه الواقع، والحقيقة أنه الاستسلام الكلي للواقع بينما كان ينبغي الاستعلاء عليه...ما هذا؟ إنها وطنية الجلد المنفوخ هنا، ووطنية الجسد النسائي العاري هناك، والناس يفرحون بهذا ويهنئون ويباركون... أما المؤمنون فلا يفرحون إلا بإنجازات المجاهدين في غزة لأن القطاع ما زال تحت الإبادة وما زال يسجل للأمة آيات الثبات والتنكيل بالعدو ... فأين الدين؟ أين الإيمان؟ أين الخوف من الله؟
أيها الجزائريون هل هؤلاء الرياضيات قدوة لبناتكم ونسائكم وأخواتكم؟ أيرضيكم أن تساهموا في انتصار النسوية (الفيمنيزم) وانتشاره في أرض الإسلام؟ الجزائر ليست بحاجة لنساء يفزن بالميداليات بل هي في أشد الحاجة لنساء ينجبن رجالا مثل ابن باديس والابراهيمي وبن مهيدي وبن بولعيد، الميداليات التي نحبها هي التي تهديها غزة للأمة المغبونة وخاصة الغزاويات الثابتات بحجابهن الشرعي، بطلة العرب و المسلمين هي المرأة الغزاوية التي أنجبت و ربت جيلا أذاق الصهاينة كأس الذل و مرغ أنفهم في التراب... فلا مرأة إلا الغزاوية.
وسوم: العدد 1091