شريحة عريضة من الشعوب العربية والإسلامية ومعها شريحة من أحرار العالم تعاني بسبب حرب الإبادة الجماعية في غزة

شريحة عريضة من الشعوب العربية والإسلامية ومعها شريحة من أحرار العالم تعاني بسبب حرب الإبادة الجماعية في غزة في غياب تناغم المواقف مع أنظمتها  

لقد دخل العدوان االصهيوني الغاشم على قطاع غزة  شهره الحادي عشر، وأهله يبادون إبادة جماعية في منتهى الفظاعة ، والتي تقرها الدول الداعمة للصهاينة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وحليفاتها الأوروبيات خصوصا بريطانيا وفرنسا وألمانيا . ومع معاناة أهل غزة تعاني شرائح عريضة من  الشعوب العربية والإسلامية ومعها  شرائح عريضة أيضا من أحرار العالم ، بينما شرائح  أخرى أكبر حجما وعددا هنا وهناك لا تبالي ولا تكترث بهم ، وقد ألهتها مشاغلها اليومية ، وانصرافها إلى متابعة الأنشطة الرياضية التي لم تتوقف يوما واحدا تضامنا مع الشعب الفلسطيني.

 والشرائح المتضامنة مع الشعب الفلسطيني تصيح، وتضحى، وتمسي ،وتبيت  معانية أشد المعاناة بسبب حرب الإبادة الجماعية  في قطاع غزة التي يتحمل العالم بأسره مسؤوليتها، وعلى رأس من يتحملون هذه المسؤولية الدول الداعمة للكيان الصهيوني العنصري، والمسلحة له، بل والمتورطة معه في جرائمه الفظيعة. ويشد المتضامنون مع أهل غزة على قلوبهم كل حين ، وهم يتابعون توالي جرائم الإبادة يوميا عبر وسائل الإعلام ،و يعانون بسبب ذلك أشد المعاناة إذ لا يجدون سبلا من أجل دعمهم وإغاثتهم سوى خروجهم في مسيرات ومظاهرات تصدح فيها حناجرهم مطالبة بوقف المجازر الرهيبة والمخزية للكيان الصهيوني، ولحلفائه الضالعين معه في الإجرام .

ومع توالي الأيام والشهور على هذه الحرب القدرة بكل المقاييس، نشأت لدى المتضامنين مع أهالي غزة أزمات نفسية، يصاحبها قلق وتوتر شديدين، لهما آثار سيئة على صحتهم إذ لا يكادون يفتحون القنوات الإعلامية التي تغطي مأساتهم حتى تبدو لهم المشاهد المروعة التي تنغص عليهم عيشهم ، فلا هم يهنئون بنوم أو راحة بال  أو طعام أو شراب ، ولا تكاد دموعهم تجف حتى تذرف من جديد مع جديد المآسي . ولا شك أن الكثير منهم في حاجة ماسة ،بل ملحة لعلاج نفسي وقد بلغت معاناتهم حد الزمانة ، وستكون لها أسوأ الآثار على المدى البعيد.

ومن أجل التخفيف من حدة  تلك المعاناة المزمنة  مع أنه يستحيل ذلك ، يجد من يعانونها  شيئا من التنفيس عن أنفسهم بالمشاركة في مسيرات ومظاهرات تضامنا مع ضحايا المحارق الفظيعة ، وتبح أصواتهم مطالبين حكامهم بالتدخل لوضع حد لها  في وقت لا يوجد أدنى تناغم بين مواقفهم  وبين مواقف هؤلاء الحكام الذين يواجهونهم بالمضايقات ، ويجنّدون لذلك  حشودا كبيرة  مما يسمى قوات مكافحة الشغب لصرفهم وتفريقهم بالعنف عن طريق استعمال الهروات، والقنابل المسيلة للدموع ،وخراطيم المياه العادمة ، مع اعتقال أعداد كثيرة منهم  في كل مسيرة أو مظاهرة، وإحالتهم على المحاكم بتهم ملفقة في الوقت الذي  يتبجحون  فيه  بما يسمى حرية التعبير،  وحرية الرأي .

ويبدو أن الشعوب العربية والإسلامية أكثر شعوب العالم حرمانا من تنظيم المسيرات والمظاهرات  قياسا مع غيرها ، ذلك أن بعض الدول العربية والإسلامية  لا تسمح البتة بها ، وهذا مما يزيد من معاناتها . ويبدو أن الأحرار من شعوب العالم الذين يدعمون أهل قطاع غزة في محنتهم ،  قد أصبح حالهم لا يختلف عن حال الشعوب العربية والإسلامية  حين يخرجون في مسيرات ومظاهرات حيث يتعرضون للمضايقات من طرف أنظمتهم خصوصا تلك الضالعة في جرائم الإبادة الجماعية مع الكيان الصهيوني والمؤيدة له سياسيا وعسكريا  واقتصاديا. ولقد نقلت وسائل الإعلام العالمية مشاهد تعنيف الطلبة الجامعيين وأساتذتهم واعتقالهم  في الولايات المتحدة الأمريكية التي تصف نفسها براعية حقوق الإنسان في العالم ، هي ومثيلاتها الأوروبيات الخاضعة لإرادة اللوبي الصهيوني خضوع استكانة وتبعية مخزية  .

ومع كل أشكال التضييق على حرية التظاهر دعما للقضية الفلسطينية وتنديدا بإجرام الكيان الصهيوني ، تساوت الدول المتبجحة باحترامها مع الدول التي لا تقرها أصلا ، ولا تسمح بها، بل تتعامل معها على أساس أنها شغب وفوضى ، وخروج عن القانون ، ومس بالأمن العام .  

والشيء الإيجابي  لدى شريحة  أحرار العالم في البلاد الغربية أنها لم تعد رهينة إعلامها الموجه من أجل التمويه على جرائم الكيان الصهيوني ، وقد باتت على وعي تام بمظلمة الشعب الفلسطيني ، وبحقيقة عدوان الكيان المحتل ، حتى أن شخصيات لها مراتب مرموقة في مختلف المجالات ، ولها وزنها الكبير، وإشعاعها قد عرت عن فضائح أنظمتها المتورطة مع الكيان العنصري في جرائم الإبادة ، وقد انتشرت أخبارها على أوسع نطاق عبر وسائل الإعلام ، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي في كل المعمور ، وكان لمواقفها الإنسانية الوازنة  صدى طيب في كل بلاد العالم خصوصا البلاد العربية والإسلامية التي كانت فاقدة  للأمل من قبل في  إمكانية حصول أي وعي عالمي بخطورة الصهيونية العنصرية التي طالما موه عليها الإعلام الغربي الذي يستحوذ عليه اللوبي الصهيوني ، و هو يصورها لشعوب العالم الغربي على غير ما هي عليه من  عنصرية ونازية ، وشر، وحقد، وهمجية كما يصورذلك التصوير الحي منذ أحد عشر شهرا .

ولقد أراد الله تعالى للشعب الفلسطيني أن يكشف الستارعن مظلمته  من خلال طوفان الأقصى ، وعن عدالة قضيته التي حاول الغرب المتصهين طمسها لعقود خلت رغبة في طيها نهائيا   ، الشيء الذي يدعو إلى الأمل العريض في تحقيق  استقلاله فوق أرضه المغتصبة ، وجلاء المحتل الغاصب عنها بإذن الله تعالى ، وبصلابة إرادة وعزيمة شعب يحرص على الموت، كما يحرص عدوه على الحياة .

وسوم: العدد 1091