من ذكريات تلميذ !
أدركت منذ بداية الخمسينيات في مدينتنا جسر الشغور أصنافا من المعلمين : منهم جيل كان لقب الأفندية يلزم أسماءهم ، يلبسون اللباس الإفرنجي ، والطربوش الأحمر ، كالأستاذ لطفي أفندي الأهدلي ، وعمر أفندي النجاري ، (وكان مديرا لمدرسة عمرو بن العاص الابتدائية التي تخرجت فيها حاملا شهادة المرحلة في الصف الخامس ، وكان رحمه الله دقيقا أنيقا ، دخل ذات مرة علينا في الصف الرابع ، وأستاذ الرياضيات غائب ، فوجد كثيرا من تمارين الكتاب المقرر محلولة ، وهو كتاب الأستاذ ، فطلب ممحاة ، وكنت قريبا منه ، وأخذ يمحو ماعليه ! ولما عاد المعلم في اليوم التالي وجد الكتاب على غير حالته ، فخشيت أن يشير أحد التلاميذ أنني صاحب الممحاة !؟ ) و بشير أفندي مبارك ( الذي كان يختبر قراءتنا في الصف الأول بوضع قطعة مثقوبة من الورق المقوى تحدد الكلمة ) ، وكانت له رهبة وهيبة في قلوبنا ، يتناقل التلاميذ أنه يحبس الكسالى في جب الفار ،وكنا نحسبها يومذاك غرفة المستودع في أقصى طرف في المدرسة يوضع فيها المقاعد المحطمة !
وأما من بعدهم من أساتذتنا فكانت كناهم تغلب على أسمائهم كأبي زيد ( سعد الأهدلي ) الذي درسنا في الصف الخامس ، ولديه موهبة في تأليف الأناشيد ، وقد رتب لنا كلمات في أسبوع التبرع للجيش، أذكر منها : أديش صبرنا أديش - يالله نتبرع للجيش ! وأبي دريد ( مصطفى سالم الشيخ ) الذي كان يصطحب التلاميذ إلى جامع التمرة القريب من المدرسة ،يدربهم على الوضوء والصلاة ، وكان التلاميذ يعدون ذلك اليوم مميزا ! وأبي حافظ ( عبد الصمد الكيالي ) الخطاط المتقن المعروف الذي كان أستاذاً لنا في الخط ! وأبي اليقظان ( بشير علي بك ) وقد جمعوا - رحمهم الله - بين الطرق التدريسية القديمة وبين ماكان يدعى حديثا في ذلك الوقت !
ومنهم من درسنا في المرحلة الابتدائية والمتوسطة ، فأدركناهم زملاء لهم في التدريس في المرحلة المتوسطة والثانوية ، كالأستاذ إبراهيم عاصي ( الأديب والقاص المعروف ) والأستاذ محمد الحسناوي ( الأديب والشاعر) والأستاذ عبد الرحمن الفاخوري ( المحقق والباحث في علم الحديث ) والأستاذ عبد الرحمن شاكر ( الذي كان يدرس الدين واللغتين العربية والإنكليزية ) والأستاذ محمد علي مرمور ( الناشط في العمل الخيري وقد زاملته أيضاً في جمعية البر والخدمات الأجتماعية ) وأستاذنا أحمد عاصي صاحب إعدادية شكري القوتلي ومديرها ، وقد تخرجت فيها ، وكان له فضل في متابعتي للدراسة ( صاحب الأيادي البيضاء في العمل الخيري ، وقد أدركته رئيسا لجمعية البر ، وعملت معه فيها سنوات قبل وفاته ) رحم الله الجميع ، وجزاهم كل خير !
وسوم: العدد 1091