دلالات الاحتفال باليوم العالمي للعَلَم الأمازغي؟

الحسن جرودي

باعتباري أمازيغيا أبا عن جد من جهتي الأب والأم، تفاجأت بسماعي لأول مرة باحتفال شرذمة ممن يعتبرون أنفسهم أوصياء على "الأمازيغ" بما أسموه اليوم العالمي للعلم الأمازيغي، وأول ما تبادر إلى ذهني هو الرجوع إلى موقع الأمم المتحدة، للتأكد من ورود هذا اليوم ضمن قائمة الأيام والأسابيع الدولية المُحتفل بها عالميا، وبما أنني لم أجد له أثرا، اضطرت إلى تعميق البحث، لكني لم أجد ولو مؤشرا واحدا يدل على عالميته، ما عدا ما ورد على لسان أحمد عصيد، والذي تم استنساخه بالحرف من قبل مجموعة من المجلات والجرائد الإلكترونية المروجة للأطروحة الأمازيغية. وفيما يلي بالحرف أهم ما نقلته عنه إحدى هذه الجرائد:

لكن الذي تنكب عنه عصيد ومن معه هو ذكر بعض الحقائق التي صاحبت تبني هذا العَلَم والتي أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى الخطورة التي تنطوي عليها مراسلة الماك للمغرب من أجل مساندته في الحصول على استقلال القبائل، ذلك أنه إن فَعل اتُّهم من قبل البوليزاريو ومسانديه بالكيل بمكيالين، إذ كيف يساند استقلال القبائل ويرفض استقلال الصحراء المغربية من جهة، ويعطي المشروعية للمطالبة بانفصال الأمازيغ المغاربة إسوة بالقبائل من جهة ثانية، وإن لم يفعل اتُّهم بمساندته لحكم العسكر في الجزائر.

ثم بعد هذا كله يأتي السؤال البديهي الذي لا يمكن لكل من يمتلك ذرة من الوطنية أن يتجاهله ألا وهو: ما الدافع وراء البحث عن علم آخر في وجود العلم الوطني؟ ونحن نرى بوادر إيقاظ فتنة أصبحت تتقوى يوما بعد يوم على أرض الواقع، وما الانقسام الذي أحدثه تطليق زوج لزوجته ليلة الزفاف بسبب رفضها ارتداء الزي الأمازيغي في صفوف رواد وسائل التواصل الاجتماعي، واللغط الذي تمت إثارته في شأن استمارة الإحصاء الوطني إلا أمثلة لهذه البوادر. ومع ذلك نقول لعصيد ومن معه، إذا كان الأمر عاديا كما تروجون ولا ينطوي على أية خلفية سياسية، فما المانع من إيجاد علم عربي يعبر عن الهوية العربية لعرب العالم، وآخر يعبر عن الهوية الإسلامية لمسلمي العالم، ونفس الشيء يقال بالنسبة لليهود والنصارى...؟ وقد تطول القائمة دون إمكانية حصر عدد الأعلام التي يَعتبر أصحابها أنها تعبر عن هويتهم وخصوصياتهم تأسِّيا بالعلم الأمازيغي. وأمر كهذا نتيجته واضحة ولا يمكن أن يؤدي إلا إلى التمزق والتشرذم، لأن كثرة الهويات المتباينة إن لم أقل المتضاربة، مآلها التصادم، لتصبح بذلك هويات قاتلة بحسب تعبير أمين معلوف في كتابه "الهويات القاتلة" حتى وإن اختلف قصده بالمعنيين بهذه الهويات.

أخيرا أسأل عصيد ومن معه من المروجين للعَلَم "البدعة" في عالم الأعلام، عن حجتهم في ترقية يوم 30 غشت إلى مصاف الأيام العالمية، وعن رأيهم في فكرة إنشاء الأعلام الهوياتية المشار إليها أعلاه وإدراج الاحتفال بها ضمن الأيام العالمية؟ وأقول لهم: إن كنتم تقبلون بها فأنتم بذلك تعبرون صراحة لا تلميحا عن دعوتكم إلى الفتنة التي تخدم إن عاجلا أو آجلا المخطط الصهيوني لتقسيم وتفتيت الدول العربية والإسلامية وعلى رأسها المغرب، وإن كنتم ترفضونها فأي حق إلاهي هذا الذي أُعطي لكم ولم يعط لباقي الهويات؟

* انظر موسوعة ويكيبيديا النسخة العربية

** اسم مستعار لكاتبين فرنسيين اشتهرا بكتابتهما المشتركة لعدد كبير من الروايات القومية التي تمجد الشعور الوطني.

وسوم: العدد 1094