صدق كيري: الولايات المتحدة ليست عمياء ونحن لسنا أغبياء
صدق كيري:
الولايات المتحدة ليست عمياء ونحن لسنا أغبياء
ولكن غيرها وغيرهم
زهير سالم*
قال كيري في الرد على المواقف الاحتجاجية لأكثر من طرف في الشرق الأوسط على الصفقة ( الإيرانية – الأمريكية ) : الولايات المتحدة ليست عمياء ، ونحن لسنا اغبياء . وصدق كيري فالأعمى هو الذي يظن الولايات المتحدة عمياء ، والغبي هو الذي يظن الأمريكيين وعلى رأسهم أركان إدارتهم أغبياء .
الولايات المتحدة مبصرة ، بل شديدة الإبصار ، وكل شيء يجري في سورية من قتل للأطفال وانتهاك للأعراض وتدمير للعمران وعدوان على حقوق الإنسان ؛ إنما يتم على عين منها وبرعاية مباشرة من أذرعها الظاهرة والخفية ومن يجادل في هذا ومن يتوقع غيره هو الأعمى الذي لا يسمع ولا يرى ولا يعقل ولا يفهم ..
الأمريكيون ليسوا أغبياء .. وهم يعلمون بكل تأكيد مآل كل خطوة يخطونها ، ونتيجة كل قرار يتخذونه ، وصيرورة كل فعل يسكتون عليه ، أو يغضون الطرف عنه ، أو يقررون الاحتجاج عليه بالتفوهات اللفظية وليس بالطائرات بطيار كانت أو بغير طيار . الغبي هو الآخر الذي يقف بالباب الأمريكي ليأمل حيث لا أمل ، ويرجو حيث لا رجاء . الأمريكي ليس غبيا لينشر الغصن الذي يجلس عليه ، أو ليلقى العصا الأسدية التي توكأ لعقود عليها ، أو ليقطع حبل الملالي الوثيق الذي يعتصم به ..
وحين يقرر الأمريكي بفعل الظروف الإضطرارية إلى إخراج صفقاتهم السرية مع بشار الأسد ومع إيران إلى العلن من خلال صفقة مستحدثة موحدة للكيماوي والنووي ؛ فإنه لا يفعل ذلك عن عمى ولا عن غباء ، وإنما يفعل ذلك ليقول للذين حسروا عن رؤوسهم طويلا طمعا أن تقيهم المظلة الأمريكية شر ضربة الشمس ما تعود العرب أن يقولوه على بداوته ( أخطأت استكم الحفرة ) .
الولايات المتحدة المبصرة غير العمياء ، والقادة الأمريكيون الأذكياء غير الأغبياء ، يعرفون وهم يجددون عقد أجيرهم في المنطقة أنهم يستأجرون البلطجي الجريء الذي يستطيع أن ينفذ كل ما يسندونه إليه مثل حفظ حدود الجولان أو قمع أي صوت للإنسان الذي لا يروق للأمريكيين سماع صوته ؛ وهو يصرخ في وجوههم ويلوح بقبضات الغاضبين لهم ( الموت لأمريكا ) ( الموت للشيطان الأكبر ) ..
الأمريكيون يعلمون بذكائهم كيف يحكمون في الأيام القادمة القبضة على فكي الكماشة الصهيونية – الصفوية . أو كيف يشدون الحصانين معا إلى العربة التي يحاول ركابها الإفلات من قبضتهم . سيطمئنون الخائف ويهدئون المتغاضب لإعادة ما يسمونه الاستقرار إلى مزرعتهم .
كل الشواهد التي لا يريد العميان أن يروها والأغبياء أن يفهموها ، تقول إن الصفقة الأمريكية – الأسدية كانت صفقة أمريكية – إيرانية . وأن بندا مهما في هذه الصفقة قضى بالتسليم بدعوى أن سورية هي ( المحافظة الإيرانية الخامسة والثلاثين ) . وبموجب هذه الصفقة اليوم تتحرك القوات الإيرانية وتوابعها من العراق ومن لبنان بمرأى ومسمع من الولايات المتحدة المبصرة غير العمياء وبتفهم قادتها الأذكياء غير الأغبياء لاحتلال سورية وإحكام السيطرة عليها ووأد تطلعات إنسانها ..
الولايات المتحدة ليست عمياء وقادتها ليسوا أغبياء .. صدق كيري وأصاب ولكن اللاهثين وراء الولايات المتحدة إلى واشنطن أو إلى جنيف في أي موقع كانوا وبأي ذريعة فعلوا هم كذلك هل لديك شك ؟!
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية