اجتياح مخيم اللاجئين الفوار تحول إلى حملة تنكيل سادية
كانت تلك ليلة لن يتم نسيانها بسرعة في مخيم اللاجئين الفوار. مخيم بعيد في جنوب الخليل، الأقل عنفا من بين مخيمات اللاجئين، لا توجد فيه كتائب مسلحة مثلما في المخيمات في الشمال، مخيم فرضت عليه إسرائيل حصارا جزئيا منذ بداية الحرب – نسبة بطالة تقريبا شبه كاملة بسبب منع العمل في إسرائيل – واضطر إلى رؤية اقتحامات متكررة من قبل الجيش. الاقتحام في مساء 19 أيلول لن ينسى في المخيم بسرعة. فقد كان الاقتحام الأكثر إجراما. حقيقة في هذه المرة لم يقتل أي أحد، لكن سلوك الجنود كان عنيفا وأحيانا ساديا بشكل خاص، كما قال السكان الذين تحدثنا معهم في هذا الأسبوع.
بعد مرور يوم غادرت القوات المخيم وهي تحمل الغنائم – ثلاثة معتقلين فقط. بعد أن تم إطلاق سراح معظم الشباب الذين تم اعتقالهم والتحقيق معهم في الليل وفي اليوم التالي من الاعتقال العبثي. الاعتقال العبثي والاقتحام العبثي استهدفا كما يبدو بالأساس التنكيل بالسكان واستعراض القوة، وربما أيضا تشغيل الجنود الذين يحسدون زملاءهم في غزة والذين يمكنهم فعل كل ما يخطر ببالهم ويعطونهم الشعور بأنهم يخدمون “خدمة مهمة”. يصعب إيجاد تفسير مقنع أكثر لاقتحام مخيم الفوار. المدخل الرئيسي للمخيم من شارع 60 عليه بوابة حديدية منذ بداية الحرب. أحيانا الجنود يمنعون أيضا الدخول سيرا على الأقدام. نحن وصلنا هذا الأسبوع إلى المخيم عبر مدينة يطا. لقد ساد ما يشبه الروتين في الشارع الرئيسي للمخيم: مئات الأولاد في طريق العودة من المدرسة، الحوانيت مفتوحة، السكان يسيرون هنا وهناك. ولكن هذا مشهد مضلل. وراء كل ذلك يختفي يأس كبير. معظم الرجال في المخيم هم عاطلون عن العمل منذ أكثر من سنة. الإهانة في مساء 19 أيلول فقط زادت هذا اليأس.
محمد أبو هشهش، أعزب عمره 52 سنة و قضى 11 سنة في السجن الإسرائيلي، هو رئيس حركة فتح في المخيم والمختار. أي ضائقة لأحد السكان تصل إليه. “الأونروا” تقدم هنا فقط منحة تبلغ 250 شيكل في الشهر، للعائلات المحتاجة فقط، باستثناء رواتب موظفيها من المعلمين والعاملين في جهاز الصحة. موظفو السلطة الفلسطينية تم تقليص رواتبهم مؤخرا بسبب وضع السلطة. أبو هشهش يحاول المساعدة وهو لا يذكر أي ضائقة اقتصادية كهذه الضائقة في المخيم.
أبو هشهش شخص لطيف ويتحدث العبرية بطلاقة، وقد تجول معنا بهدوء سيرا على الأقدام في شوارع المخيم وكأننا في تل أبيب. محطة الوقود الخاصة التي يمتلكها على الشارع الرئيسي في المخيم اضطر إلى إغلاقها في السنة الأخيرة بسبب الإغلاق الجزئي. الشاباك يكثر من الاتصال به ويطلب منه التعهد بمنع رشق الحجارة على سيارات المستوطنين في شارع 60. “هل الشاباك يمكنه منع رشق الحجارة؟ كيف يمكنني التعهد بعدم رشق الحجارة من قبل الأطفال؟”، قال لهم وقال ذلك لنا أيضا. “نحن لا نثق بالحرب، لكن شاهد التلفاز. مساء أول أمس احترق أطفال في مستشفى في غزة. هذه حرب ضد الأطفال. كيف يمكنني أن أقول للأولاد هنا أن لا يرشقوا الحجارة. هم يرون ما يحدث في غزة”. قبل أسبوعين قام الجنود باقتحام بيته وضربه، بعد أن طلب رجل الشاباك منه بأن يأتي إلى مكتبه في الرابعة فجرا وهو رفض ذلك.
قبل اندلاع الحرب قتل هنا سبعة أشخاص على يد الجيش. عامل النظافة يحيى عواد قتل بعشرات الرصاصات التي أطلقت عليه بعد أن حاول الهرب من أمام الجنود. فيلم فيديو يظهر الفتى وهو يهرب للنجاة بحياته وصليات شديدة تلاحقه. وقد ترك وراءه زوجة وولدين صغيرين. الباحثة في “بتسيلم” منال الجعبري أحصت تقريبا مئة ثقب للرصاص في الجدران في مكان الحادثة، أمام دكان بيع الهواتف المحمولة في المخيم. الجعبري وباحث آخر في المنطقة هو باسل العذرا قاما أيضا بالتحقيق في أحداث 18 – 19 أيلول.
“في السابق كان الجنود يحترمون كبار السن والأولاد والنساء”، قال أبو هشهش. “الآن هم لا يحترمون أي أحد، لا يحترمون أي شخص فلسطيني”. في 18 أيلول قام الجيش باقتحام المخيم في العاشرة ليلا. الجنود خرجوا منه فقط بعد ظهر اليوم التالي. طوال هذا الوقت جميع السكان كانوا محتجزين في بيوتهم.
شقيق محمد، ساري، يجلس على أريكة في بيت شقيقه محمد الجميل الموجود على الشارع الرئيسي في المخيم، وهو مكسور. ساري فقد 30 كغم من وزنه في الأشهر الأخيرة. ساري ابن 45 سنة أطلقت عليه النار في كانون الأول الماضي على يد الجنود وأصيب في بطنه، في الوقت الذي كان يجتاز فيه الشارع في الليل. هو قال إنه ذهب إلى البقالة قبالة البيت ولم يكن يعرف أنه يوجد جيش في المخيم. الآن هناك كيس مربوط ببطنه وهو ينتظر إجراء عملية جراحية أخرى. الأخوان اللذان شاهدا كل شيء يغضبان مما حدث في 19 أيلول ليلا. محمد يقدر أن الجنود اقتحموا خمسين بيتا في المخيم، 19 من بينها لأبناء عائلة أبو هشهش الكبيرة. حسب قوله، قاموا بتحطيم الأبواب والنوافذ وقلب الشقق وضرب سكانها. وقال إنهم نكلوا بابن شقيقه بشكل خاص، محمد عبد الله أبو هشهش، طالب عمره 20 سنة. “هو شاب لطيف ولم يفعل أي شيء”، قال رئيس فتح. هذا الأسبوع خجل من الالتقاء معنا، لكن عمه محمد قال لنا ما فعلوه به. الجنود أجبروه على الاستلقاء على بطنه على أرضية الحمام في بيته، وقاموا بإدخال السكر والفلفل في مؤخرته.
بيت عائلة محمد الخطيب، وهو من سكان المخيم وعمره 75 سنة، قام الجنود بإفراغه وأخلوه من سكانه العشرين وحولوه إلى مركز مرتجل لتحقيقات الشباك. إلى هناك أحضر الجنود الغنائم – 30 معتقلا، من أجل التحقيق معهم.
فقط دمية
أيضا في البيت التالي الذي قمنا بزيارته في هذا الأسبوع هم أيضا لن ينسوا تلك الليلة. هذا بيت هيثم جنازرة، 56 سنة، أب لستة أولاد، ابنته بيلسان (26 سنة) هي خريجة الأكاديميا العسكرية وتخدم كضابطة في المخابرات الفلسطينية. هي أيضا كانت في البيت في تلك الليلة، مع الأم المريضة والأب الذي يتحدث العبرية والذي عمل حتى الحرب كنقاش وخبير في أعمال الجبص في بئر السبع. أيضا قام الجنود باقتحام بيتهم في الرابعة فجرا. هم يصفون كيف أن الجنود أمروا الجميع بالدخول إلى بيت العم في الطابق الأرضي، وقد كانوا حوالي 20 شخصا. محمود (24 سنة) اقتادوه إلى المطبخ وقاموا بضربه، ضمن أمور أخرى، على أعضائه التناسلية، هو لم يتمكن من الوقوف بعد ضربه. أبناء العائلة حاولوا الشرح للجنود بأن الأم هناء، 54 سنة، مريضة وأنها تتعافى بعد إجراء عملية، لكن بدون فائدة. هي أيضا أجبروها على الجلوس على الأرض. وحسب قول أبناء العائلة فقد قام الجنود برمي ادويتها في سلة القمامة أمام أعينها.
أيضا هنا بحثوا عن بندقية، ولم يجدوا إلا بندقية لعبة. الأم قامت بالصلاة على الأرض، لكنهم أمروها بأن تقف. بيلسان قالت إن نظرة الجنود إليها كانت مخيفة. “شعرت أن هناك شيئا غير جيد في نظراتهم”. الأم حاولت التدخل ولكن الجندي أسكتها، هذا كان بعد أن فصلوا الرجال عن النساء في غرفتين منفصلتين. بيلسان سمعت أنهم ينادونها بـ “المزة”. “الحمد لله أنني لم أسمع ذلك”، قال الأب بالعبرية. “لم نكن لنصمت على أمر كهذا. أنا جلست ثلاث ساعات ونصف على ركبي، تقريبا كدت أموت. بدأت أتعرق بشكل لم أتعرق فيه في حياتي وحتى أثناء العمل في بئر السبع”. أيضا هنا تحدث أبناء العائلة عن الضرب.
المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي قال في هذا الأسبوع ردا على ذلك: “قواتنا عملت في شهر أيلول في عملية لإحباط نشطاء إرهاب واعتقالهم في مخيم الفوار للاجئين. الادعاءات التي طرحت غير معروفة للجيش. عندما تصل شكاوى يتم فحصها كما هو معتاد”.
وسوم: العدد 1099