بين أستانة الأولى- ٢٠١٧... وأستانة الثانية والعشرين- ٢٠٢٤م سورية والسوريون إلى أين..؟؟
تنعقد في أستانا - كازخستان، بعد يومين الجولة الثانية والعشرون، للقاء أستانا، الذي زُعم أنه انطلق للإحاطة بالحالة السورية، والتماس الحلول العملية لها…
ولو طلب مني أن ألخص السمة العامة لمخرجات لقاءات أستانة، نصف السنوية وأحيانا السنوية، لقلت: إن المراوحة بالمكان، والحفاظ على ما يسمى، "الوضع القائم" هو السمة للمُخرج العام لهذا اللقاء، الذي يعبر دائما عن ستاتيك سياسي لعلاقة دولتين يراد لها أن تستمر.
فالاستانات الإحدى والعشرون، عبرت دائما عن رؤية أو مصالح القوتين الفاعلتين على الأرض السورية، الروسية والتركية، في إطار "برواز" من الحضور السياسي، والبشري بغرض الإيهام. والإيهام فقط.
هذا الإضاءة ليست للمز أحد، ولا للتقليل من دور أحد. ولا محل للانتقاص والهجاء في واقع أصبح واضحا ومؤلما إلى حد كبير.
وإذا أحببت أن أحصر كلامي في الحديث عن دور السوريين، في المؤتمر فلا بد أن أحمل شعاع قوة تمثيل السوريين، القيمة صفر..قصدت كل السوريين.
وفي حساب النتائج، وبينما يبدو حساب ثقل ما يسمى قوى "المعارضة والثورة" مضطربا متآكلا إلى حد كبير، وذلك بفعل عوامل ذاتية وإقليمية ودولية، فإن دور الطرف الآخر يتلخص في صورة من تتكاثر أعباؤه فيظهر عند كل عقدة عجزا أكبر، ويكشف عن ضعف وعورة أكبر…
أطفال في عالم تهجي السياسة، الذي يرى أن قوى الثورة والمعارضة تتآكل، وأن النظام يستعيد… سواء بوصفه ممثلا للزمرة، التي تخضع هي الأخرى للتفكك، والتآكل، أو ممثلا للدولة التي لم يكد يبقى منها شيء!!
في قراءتنا لأجواء أستانا ٢٢ يجب أن نقرأها وفق السياقات التالية..
أولا سياق طوفان الأقصى ومعطياته الإقليمية التي تنذر بمتغيرات جماهيرية ورسمية، ربما سيكون من الصعب الإحاطة بها، ولاسيما في دولة مثل سورية، تدور المعركة على حدودها، وتهدد بطريقة أو بأخرى، وجودها..
ثم يجب أن نقرأ سياق أستانة ٢٢ في سياق الحرب الإسرائيلية على لبنان، وعلى حزب الله، وعلى الوجود الإيراني في سورية من خلال استهداف رموزه وقواعده الأكثر تأثيرا، مستذكرين أن الدول الثلاث المشاركة في أستانة تمتلك حضورا عمليا على الأرض السورية- روسية- إيران- تركية..وأن الطيران الإسرائيلي يستهدف تحت السمع والبصر، وبشكل يومي كل ما يصل إلى يده من مجسمات إيرانية..
وفي الحال ذاته يجب أن نتذكر سياق الموقف الأسدي الرجراج والغامض بل الواضح، في محاولة النأي عن محور الممانعة، وإدارة الظهر إلى المعارك المفروضة عليه، وإلى تطلع نظام دمشق إلى حظوة على الطرف المقابل للحظوة الإيرانية، وبالأمس فقط كانت جريدة الوطن السورية شبه الرسمية، تتطلع إلى نصف خطوة يقربها من سياقات الرئيس الأمريكي ترامب..
وأخيرا فإن قراءتنا لسياقات أستانا ٢٢ يجب أن لا تبعد كثيرا عن سياق عودة ترامب إلى البيت الأبيض. وشخصية الرئيس الأمريكي صاحب البدوات- هكذا تعبر العرب عن مثله- فهذا الرئيس الذي يحب أن يبدو جريئا متحديا خارجا عن السياقات والتقاليد، قد يحمل إلينا في الملف السوري كما في الملفات العالمية المتعددة الكثير..
أعجبني ترامب عندما سئل عن حلفائه في شمال شرق، فاستهجن أن يسمي الصحفي السائل، هؤلاء الناس "حلفاء" !!، فرد مستهجنا: وهل شاركونا في إنزال النورماند…
حقيقية يجب أن أعيها وأختم بها..
عندما انطلقت الثورة السورية المباركة، كان عمري أربعة وستين عاما.. وعمري اليوم ستة وسبعون عاما..
أخوة وزملاء كثيرون رحلوا.. ومع كل ما يعنيه هذا، يجب أن أذكر نفسي به، ويجب أن أعيه…
مياه كثيرة تتدفق في القنوات الخفية والمكشوفة…ورغم أننا لم نكن في أستانة واحد، فيجب أن نرفق بفريق المشجعين...
وسوم: العدد 1102