السلاح الغائب في حرب الصمود الفلسطيني

في دفاعه عن حقه، غير القابل للنزاع، في وطن قومي مستقل آمن، لم يبخل الشعب الفلسطيني بشيء، حتى الدم والروح، منذ الحرب العالمية الأولى حتى اليوم. وقد استخدم، ولا يزال، سلاح المقاومة لإبقاء قضيته على جدول أعمال المنطقة والعالم؛ فلا مجال لإبقاء «الحق في الوطن» على قيد الحياة، بغير الصمود واستمرار الوفاء بالعهد لشهداء مسيرة المقاومة. ولا صمود بغير البندقية، التي هي هوية الفلسطيني حتى يكون له وطن، إسرائيل تعلم ذلك، وهي بعد فشلها في اغتيال البندقية بالحرب، تبحث الآن عن سلاح لطعن الصمود من الداخل، ومحاولة توظيف آخرين لاغتيال البندقية الفلسطينية، في هذه الظروف فإن خط الدفاع الرئيسي لحماية البندقية هو وحدة البيت الفلسطيني.

الموقف الإسرائيلي

موقف حكومة نتنياهو بعد الاجتماع الأمني الأخير مساء السبت الماضي 29 مارس يمكن تلخيصه في ما يلي: الهدف النهائي للحرب في غزة هو حرق الأرض وتهجير الفلسطينيين وتمكين المستوطنين بلا عائق. ويتضمن الطريق إلى تحقيق ذلك: نزع سلاح حماس مقابل السماح لقادتها بالخروج، وإنهاء وجودها تماما إداريا وعسكريا. ويتحقق ذلك بواسطة الضغوط العسكرية القصوى، وأن تكون مفاوضات استعادة المحتجزين تحت النار. ويعتقد نتنياهو أن هذا «يتيح الظروف الملائمة» لإطلاق المحتجزين. وبعدها تتولى إسرائيل «مسؤولية الأمن»، وتنفيذ ما يسمى خطة «الهجرة الطوعية». نتنياهو في اجتماع الحكومة الأمنية قال بلا مواربة: «نحن لا نخفي ذلك»! وفي رسالة موجهة إلى الرأي العام الإسرائيلي قال، إن «الجمع بين الضغط العسكري والسياسي» هو الطريق الوحيد الذي أعاد المحتجزين.

طبقا لذلك، فإن مهمة استعادة المحتجزين ليست هدفا في حد ذاته، وإنما هي تتعلق بإزالة عائق أساسي يحول دون تحقيق هدف إسرائيل المركزي في إعادة احتلال قطاع غزة، وتحقيق هدف حرب الإبادة بتفريغ غزة من شعبها، إما بالقتل أو بالتهجير واحتلالها وتوسيع المشروع الصهيوني. مسألة ما إذا كان التهجير سيوصف بأنه «قسري»، أو «طوعي» لا تهم في شيء، مع أنه يجب التأكيد على أن التهجير تحت الاحتلال هو جريمة حرب. واستنتاجا من تصريحات نتنياهو أيضا فإن مسألة إعادة بناء، قطاع غزة ليست هدفا عاجلا، لأنها يجب أن تتم فوق أرض محروقة خالية من السكان، تحكمها إسرائيل عسكريا وأمنيا. وطبقا لتصريحاته فإنه يعيد تأكيد مبدأ «التفاوض تحت النار»، الذي يفك الارتباط بين أي اتفاق لتبادل الأسرى والمحتجزين، ووقف إطلاق النار، إلا في ما يتعلق فقط بإجراءات المساعدة على تجميع وتسليم العدد المتفق عليه. الشرط الأساسي لتحقيق هدف إسرائيل المركزي، حرق الأرض وإبادة الشعب، هو تجريد الفلسطينيين من السلاح، وهو شرط لا يتحقق مع وجود حماس، ويتطلب نزع سلاحها ورحيلها تماما عن قطاع غزة. ليس ذلك فقط، بل إن إعادة بناء غزة يتطلب، من وجهة نظره، ألا تحل السلطة الوطنية الفلسطينية محلها، بل تتولى القوات الإسرائيلية والأجهزة الأمنية المسؤولية الكاملة. هذه هي الصورة بلا رتوش، كما يرسمها ويريدها نتنياهو منذ قرر من جانب واحد تغيير قواعد اللعبة، بالخروج من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين، إنه توعد أيضا أمام الكنيست يوم الأربعاء الماضي بإعادة احتلال قطاع غزة، بعد أن كانت القوات الإسرائيلية قد انسحبت من وسطه وجنوبه، تنفيذا لشروط المرحلة الأولى من الاتفاق. عودة إسرائيل لاحتلال محور نتساريم، وخان يونس، ورفح، وتهجير من عادوا إلى شمال قطاع غزة أو قتلهم، تعني ضياع معظم المكاسب التي حصل الفلسطينيون عليها من تنفيذ المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار. وقد عاد الوضع الآن في قطاع غزة إلى ما كان عليه تقريبا قبل بدء تنفيذ الاتفاق.

الأوضاع في غزة والضفة

طبقا لتقارير مكتب تنسيق عمليات الأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة، فإن القوات الإسرائيلية صعدت من وتيرة الهجمات الجوية والقصف الصاروخي منذ الساعات الأولى من صباح يوم 18 مارس الفائت، ما أسفر عن استشهاد وإصابة المئات، بمن فيهم مدنيون، منهم عاملون في المجال الإنساني وصحافيون. ولحقت الأضرار بالبنية التحتية المدنية إلى حد التدمير، بما فيها المنازل والمدارس التي تًستخدم كمراكز للإيواء، والمستشفيات والخيام التي تؤوي النازحين. وبعد يومين، أعاد الجيش الإسرائيلي الانتشار على امتداد الجهتين الشرقية والوسطى من «محور نتساريم»، وفَرَض حظر التنقل بين شمال غزة وجنوبها، إلا عبر طريق الرشيد (الساحلي). وقد أسفرت الأنشطة العسكرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي وأوامر النزوح التي أصدرها عن موجات جديدة من النزوح في شتى أنحاء القطاع. وتشير التقديرات الأولية إلى أن أكثر من 142 ألف فلسطيني نزحوا بين يومي 18 و23 من الشهر الماضي. في الوقت نفسه لا تزال الحكومة الإسرائيلية تمنع إدخال المساعدات الإنسانية، وأي إمدادات أخرى إلى غزة، عبر جميع المعابر البرّية منذ ثاني أيام شهر رمضان المبارك، ما يُعَدّ أطول فترة إغلاق من هذا القبيل منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023. وفي أول أيام عيد الفطر المبارك اعتدت إسرائيل على مستشفى ناصر في خان يونس، ما أدى لاستشهاد أكثر من 20 مريضا، منهم 13 طفلا وثلاث سيدات. وطبقا لأرقام وزارة الصحة في قطاع غزة، فإن أكثر من 50 ألف فلسطيني استشهدوا خلال حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين على القطاع حتى 23 من الشهر الماضي، ما يعادل حوالي 2.1 في المئة من سكان القطاع البالغ عددهم قبل الحرب حوالي 2.3 مليون نسمة.

الكتابة واضحة تنطق على الجدران، تقول إن «الحق في الوطن» تحميه البندقية، وإن وحدة البيت الفلسطيني هي الطريق لتحقيق الهدف التاريخي: إنهاء الاحتلال وإقامة الوطن وإحلال السلام

وفي الضفة الغربية، ارتفع عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا بسبب العمليات الإسرائيلية منذ بداية العام الحالي إلى 99 شهيدا، 60 في المئة منهم في أربع مناطق فقط، هي مخيم جنين (25)، وبلدة طمون في محافظة طوباس (15)، ومدينة جنين (12)، ومخيم نور شمس في محافظة طولكرم (8). كما أن العمليات الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية، تركت وراءها عشرات الآلاف عاجزين عن العودة إلى منازلهم، من بينهم حوالي 16 ألفا و600 شخص من مخيم جنين، 12 ألفا و100 شخص من مخيم طولكرم، و10 آلاف شخص من مخيم نور شمس حتى نهاية فبراير الماضي. وكانت عمليات الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الضفة قد بدأت عام 2022. وطبقا لبيانات الأمم المتحدة، فإن عدد الشهداء في الضفة الغربية بلغ حوالي 1170 شهيدا، في حين بلغ عدد الجرحى ما يقرب من 27 ألفا و500 فلسطيني، منذ بداية حرب جنين في عام 2022 حتى 27 من الشهر الماضي. وعلى التوازي مع عمليات القتل والتهجير، هدمت إسرائيل خلال شهر رمضان المبارك 106 منشآت في مختلف أنحاء الضفة الغربية، بحجة افتقارها إلى تراخيص البناء (التي يستحيل الحصول عليها من السلطات الإسرائيلية) بالمقارنة مع 77 منها هُدمت خلال شهر رمضان من العام الماضي. كما زادت عمليات الهدم خلال الربع الأول من العام الحالي مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي، حيث بلغ عدد المنشآت المهدمة 363 منشأة مقابل 273، بنسبة زيادة 33 في المئة. وخلال أسبوع واحد (18-24 مارس)، وثّق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية هدم 27 منشأة في شتّى أرجاء الضفة الغربية، بحجة افتقارها إلى رخص بناء. وكانت جميع تلك المنشآت في المنطقة (ج)، باستثناء منشأة واحدة في القدس الشرقية. وفي إحدى العمليات هدمت القوات الإسرائيلية ستة منشآت زراعية واقتلعت المئات من الأشجار الناضجة والشتلات، ودمرت معدات زراعية في إحدى قرى المنطقة (ج) في محافظة القدس يوم 18 من الشهر الماضي. وفي اليوم نفسه، هدمت حظيرتين للماشية ونظامين كبيرين للألواح الشمسية في تجمع للبدو في محافظة أريحا. تضاف إلى ذلك عمليات الهدم والحرق والقتل في الضفة الغربية والقدس الشرقية، التي يقوم بها المستوطنون في حضور وحماية قوات الجيش والشرطة.

إن هذه المؤشرات تكشف حقيقة أن حرب الإبادة لا تستهدف قطاع غزة فقط، ولا حماس فقط، وإنما تجري وقائعها أيضا في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، بواسطة أجهزة الحكومة الإسرائيلية والمستوطنين، لجعل حياة الفلسطينيين مستحيلة في الأرض المحتلة، وجعل الهجرة هي المخرج الوحيد أمامهم. هذه الحقيقة يجب ألا تترك ذرة من الشك في الإيمان بوحدة الكفاح الفلسطيني من أجل «الحق في الوطن»، وضرورة وحدة البيت الفلسطيني، لأن الكتابة واضحة تنطق على الجدران، تقول إن «الحق في الوطن» تحميه البندقية، وإن وحدة البيت الفلسطيني هي الطريق لتحقيق الهدف التاريخي: إنهاء الاحتلال وإقامة الوطن وإحلال السلام.

كاتب مصري

في دفاعه عن حقه، غير القابل للنزاع، في وطن قومي مستقل آمن، لم يبخل الشعب الفلسطيني بشيء، حتى الدم والروح، منذ الحرب العالمية الأولى حتى اليوم. وقد استخدم، ولا يزال، سلاح المقاومة لإبقاء قضيته على جدول أعمال المنطقة والعالم؛ فلا مجال لإبقاء «الحق في الوطن» على قيد الحياة، بغير الصمود واستمرار الوفاء بالعهد لشهداء مسيرة المقاومة. ولا صمود بغير البندقية، التي هي هوية الفلسطيني حتى يكون له وطن، إسرائيل تعلم ذلك، وهي بعد فشلها في اغتيال البندقية بالحرب، تبحث الآن عن سلاح لطعن الصمود من الداخل، ومحاولة توظيف آخرين لاغتيال البندقية الفلسطينية، في هذه الظروف فإن خط الدفاع الرئيسي لحماية البندقية هو وحدة البيت الفلسطيني.

الموقف الإسرائيلي

موقف حكومة نتنياهو بعد الاجتماع الأمني الأخير مساء السبت الماضي 29 مارس يمكن تلخيصه في ما يلي: الهدف النهائي للحرب في غزة هو حرق الأرض وتهجير الفلسطينيين وتمكين المستوطنين بلا عائق. ويتضمن الطريق إلى تحقيق ذلك: نزع سلاح حماس مقابل السماح لقادتها بالخروج، وإنهاء وجودها تماما إداريا وعسكريا. ويتحقق ذلك بواسطة الضغوط العسكرية القصوى، وأن تكون مفاوضات استعادة المحتجزين تحت النار. ويعتقد نتنياهو أن هذا «يتيح الظروف الملائمة» لإطلاق المحتجزين. وبعدها تتولى إسرائيل «مسؤولية الأمن»، وتنفيذ ما يسمى خطة «الهجرة الطوعية». نتنياهو في اجتماع الحكومة الأمنية قال بلا مواربة: «نحن لا نخفي ذلك»! وفي رسالة موجهة إلى الرأي العام الإسرائيلي قال، إن «الجمع بين الضغط العسكري والسياسي» هو الطريق الوحيد الذي أعاد المحتجزين.

طبقا لذلك، فإن مهمة استعادة المحتجزين ليست هدفا في حد ذاته، وإنما هي تتعلق بإزالة عائق أساسي يحول دون تحقيق هدف إسرائيل المركزي في إعادة احتلال قطاع غزة، وتحقيق هدف حرب الإبادة بتفريغ غزة من شعبها، إما بالقتل أو بالتهجير واحتلالها وتوسيع المشروع الصهيوني. مسألة ما إذا كان التهجير سيوصف بأنه «قسري»، أو «طوعي» لا تهم في شيء، مع أنه يجب التأكيد على أن التهجير تحت الاحتلال هو جريمة حرب. واستنتاجا من تصريحات نتنياهو أيضا فإن مسألة إعادة بناء، قطاع غزة ليست هدفا عاجلا، لأنها يجب أن تتم فوق أرض محروقة خالية من السكان، تحكمها إسرائيل عسكريا وأمنيا. وطبقا لتصريحاته فإنه يعيد تأكيد مبدأ «التفاوض تحت النار»، الذي يفك الارتباط بين أي اتفاق لتبادل الأسرى والمحتجزين، ووقف إطلاق النار، إلا في ما يتعلق فقط بإجراءات المساعدة على تجميع وتسليم العدد المتفق عليه. الشرط الأساسي لتحقيق هدف إسرائيل المركزي، حرق الأرض وإبادة الشعب، هو تجريد الفلسطينيين من السلاح، وهو شرط لا يتحقق مع وجود حماس، ويتطلب نزع سلاحها ورحيلها تماما عن قطاع غزة. ليس ذلك فقط، بل إن إعادة بناء غزة يتطلب، من وجهة نظره، ألا تحل السلطة الوطنية الفلسطينية محلها، بل تتولى القوات الإسرائيلية والأجهزة الأمنية المسؤولية الكاملة. هذه هي الصورة بلا رتوش، كما يرسمها ويريدها نتنياهو منذ قرر من جانب واحد تغيير قواعد اللعبة، بالخروج من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين، إنه توعد أيضا أمام الكنيست يوم الأربعاء الماضي بإعادة احتلال قطاع غزة، بعد أن كانت القوات الإسرائيلية قد انسحبت من وسطه وجنوبه، تنفيذا لشروط المرحلة الأولى من الاتفاق. عودة إسرائيل لاحتلال محور نتساريم، وخان يونس، ورفح، وتهجير من عادوا إلى شمال قطاع غزة أو قتلهم، تعني ضياع معظم المكاسب التي حصل الفلسطينيون عليها من تنفيذ المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار. وقد عاد الوضع الآن في قطاع غزة إلى ما كان عليه تقريبا قبل بدء تنفيذ الاتفاق.

الأوضاع في غزة والضفة

طبقا لتقارير مكتب تنسيق عمليات الأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة، فإن القوات الإسرائيلية صعدت من وتيرة الهجمات الجوية والقصف الصاروخي منذ الساعات الأولى من صباح يوم 18 مارس الفائت، ما أسفر عن استشهاد وإصابة المئات، بمن فيهم مدنيون، منهم عاملون في المجال الإنساني وصحافيون. ولحقت الأضرار بالبنية التحتية المدنية إلى حد التدمير، بما فيها المنازل والمدارس التي تًستخدم كمراكز للإيواء، والمستشفيات والخيام التي تؤوي النازحين. وبعد يومين، أعاد الجيش الإسرائيلي الانتشار على امتداد الجهتين الشرقية والوسطى من «محور نتساريم»، وفَرَض حظر التنقل بين شمال غزة وجنوبها، إلا عبر طريق الرشيد (الساحلي). وقد أسفرت الأنشطة العسكرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي وأوامر النزوح التي أصدرها عن موجات جديدة من النزوح في شتى أنحاء القطاع. وتشير التقديرات الأولية إلى أن أكثر من 142 ألف فلسطيني نزحوا بين يومي 18 و23 من الشهر الماضي. في الوقت نفسه لا تزال الحكومة الإسرائيلية تمنع إدخال المساعدات الإنسانية، وأي إمدادات أخرى إلى غزة، عبر جميع المعابر البرّية منذ ثاني أيام شهر رمضان المبارك، ما يُعَدّ أطول فترة إغلاق من هذا القبيل منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023. وفي أول أيام عيد الفطر المبارك اعتدت إسرائيل على مستشفى ناصر في خان يونس، ما أدى لاستشهاد أكثر من 20 مريضا، منهم 13 طفلا وثلاث سيدات. وطبقا لأرقام وزارة الصحة في قطاع غزة، فإن أكثر من 50 ألف فلسطيني استشهدوا خلال حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين على القطاع حتى 23 من الشهر الماضي، ما يعادل حوالي 2.1 في المئة من سكان القطاع البالغ عددهم قبل الحرب حوالي 2.3 مليون نسمة.

الكتابة واضحة تنطق على الجدران، تقول إن «الحق في الوطن» تحميه البندقية، وإن وحدة البيت الفلسطيني هي الطريق لتحقيق الهدف التاريخي: إنهاء الاحتلال وإقامة الوطن وإحلال السلام

وفي الضفة الغربية، ارتفع عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا بسبب العمليات الإسرائيلية منذ بداية العام الحالي إلى 99 شهيدا، 60 في المئة منهم في أربع مناطق فقط، هي مخيم جنين (25)، وبلدة طمون في محافظة طوباس (15)، ومدينة جنين (12)، ومخيم نور شمس في محافظة طولكرم (8). كما أن العمليات الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية، تركت وراءها عشرات الآلاف عاجزين عن العودة إلى منازلهم، من بينهم حوالي 16 ألفا و600 شخص من مخيم جنين، 12 ألفا و100 شخص من مخيم طولكرم، و10 آلاف شخص من مخيم نور شمس حتى نهاية فبراير الماضي. وكانت عمليات الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الضفة قد بدأت عام 2022. وطبقا لبيانات الأمم المتحدة، فإن عدد الشهداء في الضفة الغربية بلغ حوالي 1170 شهيدا، في حين بلغ عدد الجرحى ما يقرب من 27 ألفا و500 فلسطيني، منذ بداية حرب جنين في عام 2022 حتى 27 من الشهر الماضي. وعلى التوازي مع عمليات القتل والتهجير، هدمت إسرائيل خلال شهر رمضان المبارك 106 منشآت في مختلف أنحاء الضفة الغربية، بحجة افتقارها إلى تراخيص البناء (التي يستحيل الحصول عليها من السلطات الإسرائيلية) بالمقارنة مع 77 منها هُدمت خلال شهر رمضان من العام الماضي. كما زادت عمليات الهدم خلال الربع الأول من العام الحالي مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي، حيث بلغ عدد المنشآت المهدمة 363 منشأة مقابل 273، بنسبة زيادة 33 في المئة. وخلال أسبوع واحد (18-24 مارس)، وثّق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية هدم 27 منشأة في شتّى أرجاء الضفة الغربية، بحجة افتقارها إلى رخص بناء. وكانت جميع تلك المنشآت في المنطقة (ج)، باستثناء منشأة واحدة في القدس الشرقية. وفي إحدى العمليات هدمت القوات الإسرائيلية ستة منشآت زراعية واقتلعت المئات من الأشجار الناضجة والشتلات، ودمرت معدات زراعية في إحدى قرى المنطقة (ج) في محافظة القدس يوم 18 من الشهر الماضي. وفي اليوم نفسه، هدمت حظيرتين للماشية ونظامين كبيرين للألواح الشمسية في تجمع للبدو في محافظة أريحا. تضاف إلى ذلك عمليات الهدم والحرق والقتل في الضفة الغربية والقدس الشرقية، التي يقوم بها المستوطنون في حضور وحماية قوات الجيش والشرطة.

إن هذه المؤشرات تكشف حقيقة أن حرب الإبادة لا تستهدف قطاع غزة فقط، ولا حماس فقط، وإنما تجري وقائعها أيضا في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، بواسطة أجهزة الحكومة الإسرائيلية والمستوطنين، لجعل حياة الفلسطينيين مستحيلة في الأرض المحتلة، وجعل الهجرة هي المخرج الوحيد أمامهم. هذه الحقيقة يجب ألا تترك ذرة من الشك في الإيمان بوحدة الكفاح الفلسطيني من أجل «الحق في الوطن»، وضرورة وحدة البيت الفلسطيني، لأن الكتابة واضحة تنطق على الجدران، تقول إن «الحق في الوطن» تحميه البندقية، وإن وحدة البيت الفلسطيني هي الطريق لتحقيق الهدف التاريخي: إنهاء الاحتلال وإقامة الوطن وإحلال السلام.

وسوم: العدد 1122