السيد أيمن الأصفري ، تحية وبعد

ناديا مظفر سلطان

لقد وصفت سوريا في لقائك التلفزيوني بأنها مريض في العناية المشددة ، الذي قد تودي بحياته لفحة هواء بسيطة . وبالرغم من ذلك ، فقد فتحت في لقائك النافذة على مصراعيها ، معرضا هذا المريض للرياح والعواصف والثلوج والأمطار، بعد أن كادت تستقر حالته الحرجة ، ويتماثل قليلا للشفاء.

وباعتبارك الطبيب الاستشاري الملهم أمام هذه الحالة الحرجة ، فقد كان في اعتقادك أن الدواء جاهز فعلا لإنقاذ هذا المسكين ،وجرعة الدواء التي تناولها مريض الأمس هي الترياق الشافي لمريض اليوم بغض النظرعن اختلاف الحالة المرضية للاثنان .

ولكن جرعة البنسلين التي أنقذت مريض الأمس ، قد تكون قاتلة لمريض اليوم ،إن كان يشكو من التحسس الدوائي.

وهكذا يبدو أن إقامة الدولة العلمانية في اعتقادك ،هو الحل الأمثل الجاهز دوما بعد قيام أي ثورة، دون اعتبار لثقافة الشعب أو معتقداته أو تاريخه .

وقد قدمت التجربة الفرنسية كبرهان على أن علمانية الدولة هي الحل الأمثل لسوريا، ومصطفى كمال أتاتورك كان لديه الاعتقاد والانبهارذاته بتجارب الغرب ، فباءت تجربته بالفشل الذريع ، بعد أن فرض على الشعب جرعة العلمانية التي أدت إلى حالة أقتصادية متردية ... حتى أتى حزب العدالة والتنمية ذو الخلفية الدينية ، فأنقذ المواطن التركي من المصير البائس .

وإعلانك الصريح عن التخوف من خلافة إسلامية على الأراضي السورية ، من شأنه أن يوقف إمدادات الأكسجين والدم والسيروم ، لهذا المريض البائس، الذي تدعي رعايته وتخشى على سلامته بل وتغار على مصلحته . فالعقوبات الإقتصادية على سوريا لن ترفع ، بل قد تنزلق الأمور لما هو أسوأ مما هي عليه اليوم.

وسجناء صيدنايا قد صمدوا أمام آلات التعذيب والتصفية اليومية ، بالصلاة سرا تحت الأغطية . هكذا اعترفوا في مقابلاتهم .

والآن وبعد أن رفع عنهم الغطاء سوف ندعوهم من جديد إلى إلغاء هويتهم الإسلامية .وفي المثل الشعبي ( يازيد كأنك ماغزيت) .

السيد الأصفري ، من خلال مقابلتك بدوت إما أنك معارض، وفي العرف السياسي أن المعارضة خلال الأزمات (خيانة ). ونتنياهو استمر في حربه على غزة ضمانا لبقائه في الحكم وعدم معارضته لأن معارضوه يخشون اتهامهم بالخيانة !، وإما أنك فعلا لست سياسي محنك ، بل رجل أعمال بارع في تنمية رصيده البنكي ، وتاجر فذ لم يتفرغ لقراءة تاريخ الشعوب وعلوم الدين رغم أنك قد كررت في لقائك أنك (مسلم سني ) فلم تعلم أن العلم والتقوى يتناسبان طردا . وفي القرآن *إنما يخشى الله من عباده العلماء *

والدين لم يطالبنا بالذهاب للشيخ إن احتجنا لطبيب أو مهندس . ولكن

*بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه *

وإذ اتخذت من التجربة السنغافورية مثلا أعلى فإن( لي كوان يو )الذي استلم زمام الحكم بعد تحررها بقي حاكما لها ثلاثون عاما... سنغافورة التي وصل إليها الإسلام عن طريق التجار المسلمين بأخلاقهم ونزاهتهم وصدقهم ، وحتما تواضعهم .

وباعتبارك بريطاني إضافة لكونك سوري فإن المثل الإنكليزي يقول :

pride before fall

الفخر يسبق السقوط .

قليلا من التواضع لا يضر، وكثير من التفاؤل واجب ، وشيء من التناصح ، دون المجاهرة بالنقد المثبط محبب ، والثقة في المنقذ ضرورة حتمية ، لإنقاذ المريض من الهلاك قبل فوات الأوان.

وسوم: العدد 1123