دبلوماسية البينغ بونغ
دبلوماسية البينغ بونغ
من عهد نيكسون إلى عهد أوباما
م. هشام نجار
المنسق العام لحقوق الإنسان - الولايات المتحده
أعزائي القراء..
مازلت متمسكا برأيي تجاه سياسة الولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بالثورة السورية حتى يثبت لي العكس. والذي عزز هذا الرأي آخر تصريح لوزير خارجية أمريكا يدغدغ أحلام الاسد بأنه لابد من محاورته وممارسة الضغط عليه حتى يقبل (الأسد) بالجلوس مع الأمريكان لإيجاد حل.. بعض الإخوة في المعارضة اعتبر ان هذا التصريح يمكن قبوله ضمن جنيف 1 .ولا اظن انه يصب حتى في هذا الإتجاه فكلمات السياسة فضفاضة الى اقصى مدى.
بينما أعتبره كوسيلة لتطبيع عقلية الشعب السوري بإعادة تأهيل المجرم ليأخذ حصته في سوريا المستقبل.
وقد إستندت في هذا الرأي إلى مراوغة الإدارة الأمريكية وتلاعبها بالالفاظ والجمل والكلمات منذ اربع سنوات وحتى الآن فيما يتعلق بالقضية السورية .
ولكن المثال الأقرب لتكتيك الأمريكان في معالجة الوضع السوري يشبه تكتيك نيكسون في ستينات القرن الماضي مع الصين الشعبية عندما اعترف بها كبديل عن الصين الوطنية .فلم تكن يومها مؤشرات العلاقة بينهما تشير الى ذلك.حيث كانت الإستفزازات الامريكية تتمثل يوميا بعدة طلعات جوية فوق البر الصيني والتجسس جهارا نهارا على دفاعات الصين واستفزازات كلامية متبادلة حتى وكأن الحرب قاب قوسين او أدنى بينهما... وفجأة تتبدل هذه السياسة الى دبلوماسية متواضعة سميت بدبلوماسية كرة الطاولة بين الفريق الأمريكي والفريق الصيني.. ولما إعترض المتشددون على هذا التقارب، قالت لهم الإدارة الأمريكية : هذا أمر لا علاقة له بالسياسة إنها الرياضة فلا تحملوها أكثر مما تحتمل!!..وما هي إلا أشهر معدودة حتى تم تطبيع العلاقات بين الدولتين.
هذا المثال الماثل أمام أعيننا يبين طريقة تعاطي الأمريكان في الأزمات ويشير إلى ممارسة خطوات خداعية لتصب في النهاية في مصلحة أهدافها.
وكذلك في سوريا فهي مازالت تعتبر أن الأسد لم يتم عصره تماما حتى آخر نقطة .. لذلك فهي بحاجة إليه ولكن عبر سياسة البينج بونج الصينية.
اعزائي القراء..
لقد كانت الأجواء بين أمريكا والصين في ستينات القرن الماضي متلبدة الى أبعد مدى .. وكل الإستنتاجات لمستقبل العلاقات بينهما تشير الى زيادة في التدهور.وفجأة تم اتخاذ خطوات وأساليب سياسية مضللة أدت في نهاية المطاف إلى التحاور العلني في إتجاه إنها القطيعة وتوليد التقارب في العلاقات الأميركية - الصينية من خلال دعوة الفريق القومي الرياضي الأميركي للبنغ - بونغ ( كرة الطاولة ) إلى بكين .
ورغم هذه الخطوة رفضت كل من الحكومة الصينية والإدارة الأمريكية إعطاء هذه الخطوة اي مدلول سياسي. إلا ان هذه الخطوة الرياضية ادت بالنهاية لتحسين العلاقات مع الصين، وبالتالي وضوح حاجة أميركا إلى تحالفات دولية جديدة للمحافظة على التوازن الإستراتيجي في منطقة جنوب شرق آسيا .هذه حقيقة .أما الحقيقة الثانية ، فهي الخطة الصينية للعب دور دولي أكبر وعقد تحالفات جديدة يكون فيها التقارب مع الولايات المتحدة حجر الزاوية وذلك لتعزيز الموقف الصيني في ضوء تطور الصراع الصيني - السوفييتي وتفاقمه وهكذا أخذ الموقفان الصيني والأميركي يتحركان بعد عقدين من المقاطعة عبر أقنية دبلوماسية سرية خوفا من العرقلة على يد السوفييت حيث أخبر شو إن لاي وزير الخارجية الياباني في حينه بأنه من الممكن أن يحصل تحسن درامى مفاجئ في العلاقات الصينية - الاميركية ، حيث لاحظ إقدام الرئيس نيكسون على تسمية الصين باسمها الرسمي ( جمهورية الصين الشعبية )
لقد كانت دعوة الفريق الأميركى للبينغ بونغ دورا كبيرا في التعجيل للوصول إلى قرار إعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين إذ سرعان ما أدت ( دبلوماسية البنغ بونغ ) إلى زيارة الرئيس نيكسون للصين الشعبية ونمو العلاقات الصينية الأمريكية بما يخدم الأهداف الأميركية و الصينية إزاء تعاظم النفوذ السوفييتي في العالم.
والآن زال الإتحاد السوفيتي.. وأحلوا مكانه مؤسسات الإرهاب.
فماذا يضير أمريكا ان تغازل الأسد تحت ذريعة محاربة تعاظم النفوذ الإرهابي.؟
فكلام مخفف وغامض عن الاسد ...
وزيارات لصحفيين....
واخرى لنواب ...
قد يكون الطريق الجديد للوصول لدبلوماسية البينج بونج.
فيا أيها السوريون ..
مهما كانت نيات امريكا ..علينا أن نأخذ الإحتمال الأسوأ
فسوء الظن بها فطنة..
فلنكن صاحين..
ومتحدين..
ومعتمدين على انفسنا ..
ولتبقى ثورتنا مستمرة حتى النصر.