دكاكين إعلامية..
هنادي نصر الله
طريقكم إلى المهنيةِ والإحتراف يمر عبر مركزنا الذي يهزُ البلد بمدربيه الأشاوس المحترفين المتمرسين من عشرات السنين؛ لا تتردد في اتخاذ القرار؛ فقط جهزْ مائة دولار أو أكثر أو أقل قليلا؛ وتعالْ انتسبْ إلى دورةٍ من دوراتنا التدريبية، أو لتأخذها كلها؛ لن نقفَ أمام رغبتكَ إن كنتَ ستدفع الرسوم مسبقًا" كاش" وإلا يا عزيزي فنحن نحذرك " العدد محدود والأولوية لمن يدفع أولا وإذا معكاش مركزنا ما بيلزمكاش".
هذا واقعُ غزة وقد اكتظتْ بعشرات المراكز التدريبية؛ التي تدعي الاستقلالية؛ وهي في الحقيقةِ ربحية تهدفُ إلى إفراغ جيوب الخريجين من أي شيكلٍ أو دولار، يُخدع كثيرون بهذه الشعارات وبأسماء تلك المراكز، وبالإعلانات الضخمةِ التي تُغريهم لجذبهم من كل حدبٍ وصوب..
بإمكانك أن تُصبح ما تُريد، حتى لو كان المدرب" المحترف" لا يعرفُ كيف يجذب " المتدرب" وكيف يُقدم له المعلوماتْ بطريقةٍ سلسلة، ولا يلم بأساليب العصف الفكري وطرق إثراء النقاش ؛ فالسواد الأعظم من المدربين يتم اختيارهم حسب رغباتِ من يُديرون هذه المؤسسات، من يحظى برضاهم ويدخلُ " مخهم" يُدرب، ومنْ يفشلْ في كسبِ ودهم؛ يُستبعد حتى لو كان أهلاً للتدريب...
لتكون النتيجة حاملو شهاداتٍ تدريبية من مراكزَ متخصصة في التدريب ـ على ذمة تلك المراكز ـ لا يعرفون كيف يصيغون الخبر بشكلٍ جيد، نرى خريجين جامعات وطلبة رغم خضوعهم للتدرب لا بد وأن تُراجع أعمالهم قبل أن ترى النور؛ لأنهم يرتكبون أخطاء فادحة تُصيبَ قداسة المهنةِ في أبسطِ أشكالها " الخبر الصحفي"..
لا معنى لأسماء مراكز براقة تدعي التدريب؛ ولا معنى لأسماء خريجين وحاملو شهاداتٍ جامعيةٍ وهم مايزالون لا يتقنون " حبو الأطفال" في مهنةِ المتاعب؛ ليبقى السؤال ألم تحن الفرصة بعد " لغربلة " المراكز الإعلامية التدريبية، ونصح المتدربين من الإعلاميين اليافعين حول أهلية وأحقية هذه المراكز؛ كي يُصبحوا قادرين على تحديد خياراتهم بدقة؛ والتفريق بين المركز السمين والغث، وكذلك بين المدربين...
لستُ ضد انتشار هذه المراكز، لكن لستُ مع كثرة الطباخين للطبخة الواحدة؛ فهذا من شأنه أن يحرق الطبخة، كما يقول المثل الشعبي" كثرة الطباخين تحرق الطبخة"؛ معروف أن الكثرة تخلق المنافسة في تقديم منتج أفضل، لكن وللأسف كثرة المراكز التدريبية تعني المنافسة في أيهما يحقق ربحًا أكثر...!!
احترام المتدربين وعدم الإستهانةِ بعقولهم أمانة وواجبٌ ديني وأخلاقي ووطني ومسئولية في رقبة أصحاب المراكز التدريبية، ذلك يعني إعادة نفض الغبار عن أهدافها؛ ومراجعتها؛ بحيثُ تكون الأهداف أولاً وأخيرًا تسعى لخدمة المجتمع وإضافة الطاقات النوعية، لا الربح وتحقيق الثروة والغنى الفاحش من جيوب الفقراء؛ الذين خدعتهم الكلمات البراقة، ولهثوا وراء صقلِ قدراتهم في الأماكن الخاطئة...