عقوبات أوروبية على الأسد بالذكرى الخامسة للثورة
عقوبات أوروبية على الأسد
بالذكرى الخامسة للثورة
م. عبد الله زيزان
قبيل أيام قليلة من دخول الثورة السورية عامها الخامس فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على عدد من أنصار بشار الأسد (رجال أعمال وكيانات)، معللاً ذلك بأنها محاولة أخرى للضغط على النظام السوري بعد "تدهور" الأوضاع في البلاد على حد قول الاتحاد، فقد أكّد الجمعة 6 آذار الحالي إن سبعة أشخاص وست منظمات أضيفوا إلى قائمة سابقة تضم 211 فردا و63 كيانا، لأنّ أكثر من مائتي ألف شخص استشهدوا منذ اندلاع الثورة..
إذاً وبعد سقوط هذا العدد الهائل من الشهداء، تنبه الأوروبيون بأنّ هناك مأساة في تلك البلاد، وأنّ عليهم أن يزيدوا من الضغط على ذلك النظام، ويزيدوا من طول قائمة المعاقبين هناك، في أسوأ صور الاستهتار بعقول ودماء الشعوب، وكأنّ ما كان ينتظره السوريون منذ خمسة أعوام عقوبات أوروبية تحرم أفراداً من النظام السوري من متعة السفر إلى أوروبا وقضاء عطل نهاية الأسبوع هناك...
واللافت أنّ من بين الأفراد والمؤسسات التي شملتها العقوبات الأخيرة متهمون بتزويد النظام بالأسلحة الكيماوية التي استخدمت صيف 2013، أي قبل أكثر من عام ونصف، ليتذكر الأوروبيون الآن أن هناك حقوقاً بشرية قد انتهكت ولا بد من عقاب مرتكبيها ومنعهم من السفر إلى بلادهم، وتجميد أصولهم إن كان لهم من أصول أساساً في أوروبا..
ويبدو من خلال تتبع سلسلة العقوبات الأوروبية منذ بداية القضية السورية، أنّ لدى الاتحاد قائمة من الأفراد والمؤسسات ينتظرون دورهم في العقوبات، بحيث يفعّلون تلك العقوبات كلما اقتضت الحاجة الإعلامية لذلك، ليثبوا لشعوبهم وشعوبنا أيضاً أنهم لا زالوا دعاة لحقوق الإنسان، وأنهم غير راضين لما يحدث من انتهاكات مريعة لحقوق الإنسان في تلك البقعة من العالم، وكأن تلك العقوبات الهزيلة ستوقف تلك الانتهاكات أو ستحدّ منها على أقل تقدير..
والواقع أنّ العقوبات الأخيرة لم تفضح ادعاءات الأوربيين بحماية حقوق الإنسان فحسب، بل أيضاً كذّبت ادعاءاتهم بمحاربة الإرهاب عموماً، ومحاربة تنظيم البغدادي خصوصاً، حيث شملت العقوبات رجل الأعمال جورج حسواني وهو الوسيط في صفقات للنظام السوري لشراء النفط من ذلك التنظيم، علماً أنّ تلك الصفقات بدأت بعيد سيطرة داعش على حقول النفط السورية ولم تكن وليدة اللحظة، وهذا يشير بكل وضوح إلى عدم جدية الغرب في حربه على الإرهاب، وأنّ تلك الحرب ليست أكثر من شماعة يمرر من خلالها الغرب أجندته الخاصة في المنطقة، فتكون تلك الحرب ذريعة للقضاء على الإسلاميين المعتدلين، وكذلك لحرف مسار ثورات الربيع العربي عموماً والثورة السورية خصوصاً...
فلا يخفى على أحد أنّ من أهم مصادر التمويل لتنظيم البغدادي هو حقول النفط التي سيطر عليها في سورية، حيث لم يجد ذلك التنظيم زبوناً أفضل من النظام السوري لتسويق منتجاته هناك، وبالتالي تمويل عملياته الإجرامية في مناطق نفوذه والمناطق التي يسعى للسيطرة عليها، وهو ما يعني أنّ كل الزوبعة الإعلامية وكل العمليات التي يقوم بها التحالف ضد هذا التنظيم لا تؤثر عليه فعلياً طالما أن تمويله من النظام السوري قائم، وطالما أنّ هناك عناصر جديدة تلتحق به يومياً من مختلف دول العالم دون أي رقيب حقيقي على حركة المسافرين...
وخلاصة الأمر أنّ ثورة الشعب السوري لا تحتاج إلى فقاعات إعلامية مفضوحة وتحركات هزيلة لذرّ الرماد في العيون، بل تحتاج إلى خطوات حقيقية فاعلة، توقف نزيف الدم، وتغلق باب الانتهاكات الهائلة لحقوق الإنسان، ولا يكون ذلك إلا بتوقف الدعم الغربي غير المعلن لإيران وبالتالي للنظام السوري، فالشعب السوري لم يعد يطلب الدعم ممن يدّعون صداقته بل فقط ما يريدونه رفع الغطاء عن المجرمين الحقيقيين وعلى رأسهم دولة الإرهاب الأكبر في إيران...
إنّ العقوبات الهزيلة التي يفرضها الغرب على هذا الفرد أو ذاك أو على هذه المؤسسة أو تلك لا يمكن أن تكون حلاً للقضية السورية، ولا يكون الحل إلا باستبعاد إيران من أي عملية سياسية في المنطقة، وعدم الانجرار وراءها طلباً للعون في الحرب على الإرهاب، كما ألمحت الإدارة الأمريكية لذلك في أكثر من مناسبة، فلا يمكن أن يكون إرهابيو إيران جزءاً من الحرب على الإرهاب المزعوم في المنطقة...