الإخوان المسلمون من الحل إلى السحل
أبو طلحة الحولي
في البداية اعترف أني لست من جماعة الإخوان المسلمين ولكن تعلمت الإسلام بشموله وتوازنه وايجابياته ، ومن هنا كان هذا المقال دفاعا عن الإسلام ودفاعا عن جماعة الإخوان المسلمين، دون أن أنكر أن لهم أخطاء وثغرات ولكن الإسلام أمرنا أن نتوحد ضد أعدائنا ، وان ننصح بعضنا سرا ، وليس علانية ، وان نخفي اختلافنا عن أعدائنا .. فنكون يدا واحدة " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا " ...
إن إرهاب الناس والشعوب بوصفهم إخوانا هو شرف لكل إنسان مسلم وإن اختلف مع الإخوان ، فالأعداء لا يفرقون بين إخواني وغير إخواني مادام كليهما مسلما يعبد الله وحده ..
نقرأ في كتاب الله سبحانه أن أعداء الإسلام يعرفون الإسلام جيدا ، ويعرفون مدى خطره عليهم في حال قوته وفي حال سباته وفي حال استيقاظه قال تعالى { الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} (البقرة : 146)
ورغم التأمر العالمي الصليبي الصهيوني على محو الإسلام من الأرض ابتداء من القضاء على الدولة العثمانية وتفكيك الدول العربية وتقسيمها وانتهاء بزرع اتجاهات وطنية وقومية وغزو فكري وثقافي ، وإنشاء زعامات مصنوعة على عين المستعمر .. إلا أن الصليبية الصهيونية لا تخفي أن شعوب العالم الإسلامي قد تستيقظ من غفوتها .. وترفع راية العبودية لله وحدة ، وتكون هناك صحوة إسلامية ... وهذا ما كان فقد قام حسن البنا رحمه الله ودعا إلى : بناء الإسلام من جديد ..
فقد دعا رحمه الله إلى شمولية الإسلام وتكامله كدين ودولة ، وبناء المجتمع المسلم والإنسان المسلم ، فلم تكن دعوته إرشادية فقط ، أو سياسية فقط ، أو خيرية فقط وإنما كما يقول رحمه الله : " أيها الإخوان المسلمون ، اسمعوا :أردت بهذه الكلمات أن أضع فكرتكم أمام أنظاركم فلعل ساعات عصيبة تنتظرنا يحال فيها بيننا وبينكم إلي حين ، فلا أستطيع أن أتحدث معكم أو أكتب إليكم ، فأوصيكم أن تتدبروا هذه الكلمات وأن تحفظوها إذا استطعتم وأن تجتمعوا عليها ، وإن تحت كل كلمة لمعاني جمة
.أيها الإخوان : انتم لستم جمعية خيرية ولا حزبا سياسيا ولا هيئة موضعية لأغراض محدودة المقاصد . ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحييه بالقرآن ، ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله ، وصوت داو يعلو مرددا دعوة الرسول صلي الله عليه وسلم . ومن الحق الذي لا غلو فيه أن تشعروا أنكم تحملون هذا العبء بعد أن تخلي عنه الناس .
إذا قيل لكم إلام تدعون ? فقولوا ندعو إلي الإسلام الذي جاء به محمد صلي الله عليه وسلم ، والحكومة جزء منه والحرية فريضة من فرائضه ، فإن قيل لكم هذه سياسة ! فقولوا هذا هو الإسلام ولا نعرف هذه الأقسام ."
ولخص رحمه الله غاية جماعته فيقول في شرحه لركن العمل :
وأريد بالعمل ما يلي :
1. إصلاح نفسه حتى يكون قوي الجسم، متين الخلق، مثقف الفكر، قادرا على الكسب، سليم العقيدة، صحيح العبادة، مجاهدا لنفسه، حريصا على وقته، منظما في شؤونه، نافعا لغيره،
2. وتكوين البيت المسلم بأن يحمل أهله على احترام فكرته، والمحافظة على آداب الإسلام في كل مظاهر الحياة المنزلية، وحسن اختيار الزوجة وتوقيفها على حقها وواجبها، وحسن تربية الأولاد والخدم وتنشئتهم على مبادئ الإسلام
3. وإرشاد المجتمع بنشر دعوة الخير فيه، ومحاربة الرذائل والمنكرات، وتشجيع الفضائل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمبادرة إلى فعل الخير، وكسب الرأي العام إلى جانب الفكرة الإسلامية، وصبغ مظاهر الحياة العامة بها دائما
4. وتحرير الوطن بتخليصه من كل سلطان أجنبي غير إسلامي، سياسي أو اقتصادي أو روحي.
5. وإصلاح الحكومة حتى تكون إسلامية بحق، وبذلك تؤدي مهمتها كخادم للأمة وأجير عندها وعامل على مصلحتها، والحكومة إسلامية ما كان أعضاؤها مسلمين، مؤدين لفرائض الإسلام، غير متجاهرين بعصيان، وكانت منفذة لأحكام الإسلام وتعاليمه، ولا بأس بأن تستعين بغير المسلمين عند الضرورة في غير مناصب الولاية العامة، ولا عبرة بالشكل الذي تتخذه في نظام الحكم الإسلامي.
ومن صفاتها: الشعور بالتبعة والشفقة على الرعية، والعدالة بين الناس، والعفة عن المال العام والاقتصاد فيه.
ومن واجباتها: صيانة الأمن، وإنفاذ القانون، ونشر التعليم، وإعداد القوة، وحفظ الصحة، ورعاية المنافع العامة، وتنمية الثروة وحراسة المال، وتقوية الأخلاق، ونشر الدعوة، والعمل على قيام الدولة الصالحة التي تنفذ تعاليم الإسلام.
ومن حقها متى أدت واجبها: الولاء والطاعة، والمساعدة بالنفس والأموال، فإذا قصرت فالنصح والإرشاد، ثم الخلع والإبعاد، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
6. وإعادة الكيان الدولي للأمة الإسلامية بتحرير أوطانها، وإحياء مجدها، وتقريب ثقافتها، وجمع كلمتها، حتى يؤدي ذلك كله إلى إعادة الخلافة المفقودة والوحدة المنشودة.
7. وأستاذية العالم بنشر دعوة الإسلام في ربوعه { حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} (الأنفال :39) و { ويأبى الله إلا أن يتم نوره} (التوبة : 32) (انظر مجموعة الرسائل )
وللوصول إلى هذه الغاية كانت وسائله رحمه الله :
1. الإيمان العميق.
2. التكوين الدقيق.
3. العمل المتواصل.(رسالة بين الأمس واليوم ص 135)
ومنهجه في الدعوة هو: الحكمة والموعظة الحسنة والحوار الهادف بالتي هي أحسن ، مع الاستعداد وإعداد القوة إعدادا عمليا لقوله تعالى { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُو اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ } (الأنفال:60)
وبالتالي تميزت دعوته رحمه الله بخصائص فيقول رحمه الله :
أولا : أنها ربانية فلأن الأساس الذي تدور عليه أهدافنا جميعا ، أن يتعرف الناس إلى ربهم .
ثانيا : أنها عالمية فلأنها موجهه إلى الناس كافه لأن الناس في حكمها إخوة : أصلهم واحد ، وأبوهم واحد ، ونسبهم واحد ، لا يتفاضلون إلا بالتقوى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } )النساء:1) . فنحن لا نؤمن بالعنصرية الجنسية ولا نشجع عصبية الأجناس والألوان ، ولكن ندعو إلى الأخوة العادلة بين بني الإنسان .( دعوتنا في طور جديد ص63)
ثالثا : أنها إسلامية : دعوتنا دعوة أجمع ما توصف به أنها ( إسلامية ) و لهذه الكلمة معنى واسع غير ذلك المعنى الضيق الذي يفهمه الناس، فإنا نعتقد أن الإسلام معنى شامل ينتظم شؤون الحياة جميعا، و يفتي في كل شأن منها و يضع له نظاما محكما دقيقا، و لا يقف مكتوفا أمام المشكلات الحيوية و النظم التي لا بد منها لإصلاح الناس. فهم بعض الناس خطأ أن الإسلام مقصور على ضروب من العبادات أو أوضاع من الروحانية، وحصروا أنفسهم و أفهامهم في هذه الدوائر الضيقة من دوائر الفهم المحصور .
و لكنا نفهم الإسلام على غير هذا الوجه فهما فسيحا واسعا ينتظم شؤون الدنيا و الآخرة ، و لسنا ندعي هذا ادعاء أو نتوسع فيه من أنفسنا ، و إنما هو ما فهمناه من كتاب الله و سيرة المسلمين الأولين، فإن شاء القارئ أن يفهم دعوة الإخوان بشيء أوسع من كلمة إسلامية فليمسك بمصحفه و ليجرد نفسه من الهوى والغاية ثم يتفهم ما عليه القرآن فسيرى في ذلك دعوة الإخوان.
أجل : دعوتنا إسلامية ، بكل ما تحتمل الكلمة من معان ، فافهم فيها ما شئت بعد ذلك و أنت في فهمك هذا مقيد بكتاب الله و سنة رسوله و سيرة السلف الصالحين من المسلمين ، فأما كتاب الله فهو أساس الإسلام ودعامته و أما سنة نبيه فهي مبينة الكتاب و شارحته و أما سيرة السلف الصالح فهم رضوان الله عليهم منفذو أوامره و الآخذون بتعاليمه و هم المثل العملية و الصورة الماثلة لهذه الأوامر و التعاليم. .( رسالة المؤتمر السادس
رابعا : أنها شاملة لجميع نواحي الإصلاح : " كان من نتيجة هذا الفهم العام الشامل للإسلام عند الإخوان المسلمين أن شملت فكرتهم كل نواحي الإصلاح في الأمة ، وتمثلت فيها كل عناصر غيرها من الفكر الإصلاحية ، وأصبح كل مصلح مخلص غيور يجد فيها أمنيته ، والتقت عندها آمال محبي الإصلاح الذين عرفوها وفهموا مراميها ، وتستطيع أن تقول ولا حرج عليك ، إن الإخوان المسلمين :
( 1 ) دعوة سلفية : لأنهم يدعون إلى العودة بالإسلام إلى معينه الصافي من كتاب الله وسنة رسوله.
( 2 ) وطريقة سنية : لأنهم يحملون أنفسهم علي العمل بالسنة المطهرة في كل شيء ، وبخاصة في العقائد والعبادات ما وجدوا إلى ذلك سبيلا .
( 3 ) وحقيقة صوفية : لأنهم يعلمون أن أساس الخير طهارة النفس ، ونقاء القلب ، والمواظبة علي العمل ، و الإعراض عن الخلق ، والحب في الله ، والارتباط علي الخير .
( 4 ) وهيئة سياسية : لأنهم يطالبون بإصلاح الحكم في الداخل وتعديل النظر في صلة الأمة الإسلامية بغيرها من الأمم في الخارج ، وتربية الشعب علي العزة والكرامة والحرص علي قوميته إلي أبعد حد .
( 5 ) وجماعة رياضية : لأنهم يعنون بجسومهم ، ويعلمون أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ، وأن النبي صلي الله عليه وسلم يقول : (إن لبدنك عليك حقاً) و إن تكاليف الإسلام كلها لا يمكن أن تؤدي كاملة صحيحة إلا بالجسم القوي ، فالصلاة والصوم والحج والزكاة لا بد لها من جسم يحتمل أعباء الكسب والعمل والكفاح في طلب الرزق ، ولأنهم تبعاً لذلك يعنون بتشكيلاتهم وفرقهم الرياضية عناية تضارع وربما فاقت كثيراً من الأندية المتخصصة بالرياضة البدنية وحدها .
( 6 ) ورابطة علمية ثقافية : لأن الإسلام يجعل طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة ، ولأن أندية الأخوان هي في الواقع مدارس للتعليم والتثقيف ومعاهد لتربية الجسم والعقل والروح .
( 7 ) وشركة اقتصادية : لأن الإسلام يعني بتدبير المال و كسبه من وجهه وهو الذي يقول نبيه صلي الله عليه وسلم : (نعم المال الصالح للرجل الصالح) ويقول : (من أمسي كالاً من عمل يده أمسي مغفوراً له) ، (إن الله يحب المؤمن المحترف)
( 8 ) وفكرة اجتماعية : لأنهم يعنون بأدواء المجتمع الإسلامي ويحاولون الوصول إلي طرق علاجها وشفاء الأمة منها .
وهكذا نري أن شمول معني الإسلام قد أكسب فكرتنا شمولاً لكل مناحي الإصلاح .( رسالة المؤتمر الخامس ص 273)
خامسا : تحرير ولائها من أي حكومة من الحكومات :
وكلمة لابد أن نقولها في هذا الموقف هي إن الإخوان المسلمين لم يروا في حكومة من الحكومات من ينهض بهذا العبء، وكلمة ثانية أنه ليس أعم في الخطأ ظن بعض الناس أن الإخوان المسلمين كانوا في أي عهد من عهود دعوتهم مطية لحكومة من الحكومات أو منفذين لغاية غير غايتهم، أو عاملين على منهاج غير منهاجهم" (رسالة المؤتمر الخامس ص 275)
هذه دعوة الشهيد حسن البنا باختصار التي كان العالم الصليبي والصهيوني يرقبها ويدرسها ويرى مدى خطورتها والتي كانت تتزايد هذه الخطورة كما يقول المفكر الكبير محمد قطب " كلما تزايدت الجماهير الملتفة حول الدعوة الجديدة، التي تتحرك باسم الإسلام، ويتجمع الناس حولها باسم الإسلام00 ولكن الصليبية الصهيونية لم تكن تبينت بعد ما يجرى في داخل الجماعة ، من إعداد خطير غاية الخطورة ، إعداد جنود للدعوة ، مستعدين أن يموتوا في سبيل الإسلام !
ولكن القنبلة انفجرت عام 1948، وانفجرت في أخطر موقع يمكن أن تنفجر فيه، وفى أخطر موعد يمكن أن تنفجر فيه: في فلسطين ، في لحظة الإعداد لإنشاء الدولة اليهودية" (كيف ندعو الناس ص 61)
لقد تبين لهم أنهم أمام أصحاب عقيدة ، وليسوا أصحاب مسرحية حربية .. فأزعجهم الأمر ودقوا نواقيس الخطر إذ لم يكونوا يتصورون استيقاظ المارد بعد أن فعلوا ما فعلوا .. فكان لابد من القضاء على هذه الحركة لأنها تدعو إلى الإسلام الصحيح ، وضد مصالحهم الشيطانية في العالم الإسلامي وغزوه ثقافيا وفكريا وضد قيام إسرائيل .
فكتبت الصحف الأمريكية عن الشيخ حسن البنا قائلة :" إن هذا الرجل هو أقوى رجل في العالم الإسلامي اليوم ولا يمكن أن يغلب إلا أن تصير الأحداث أكبر منه" .
وقالت الكاتبة الصهيونية روث كارين:" إذا لم يدرك العالم حقيقة خطر الإسلام والإخوان المسلمين على الاستعمار وعملائه، فإن أوروبا قد تواجهها في العقد الحالي إمبراطورية إسلامية، تمتد من شمال أفريقيا إلى باكستان ومن تركيا إلى المحيط الهندي"
وقال بن جورين معقباً على اشتراك الإخوان المسلمين في معارك سنة 1948م " إنه لا سبيل إلى استمرار إسرائيل إلا بالقضاء على الرجعيين في العالم العربي والمتعصبين من رجال الدين، والإخوان المسلمين"
كما قال أيضا :" نحن لا نخشى الاشتراكيات ولا القوميات ولا الملكيات في المنطقة، إنما نخشى الإسلام هذا المارد الذي نام طويلاً وبدأ يتململ في المنطقة، إني أخشى أن يظهر محمد جديد في المنطقة" .
من أجل هذا اجتمع الزعيم البريطاني مع وزير الخارجية الأمريكية، والسفير الفرنسي في 10 نوفمبر سنة 1948م وقرروا ضرورة القضاء على جماعة الإخوان المسلمين ، وصدرت الأوامر إلى مصر بحل جماعة الإخوان المسلمين، ثم قتل قائدها ، ومن هنا كانت المؤامرة الكبرى والتي تعاون فيها الإنجليز مع الملك وحكومة السعديين بزعامة محمود فهمي النقراشي رئيس الحكومة وإبراهيم عبد الهادي ونائبه ففي سنة 1948 أبرقت إنجلترا إلى النقراشي بضرورة حل الجماعة وقد تبين هذا من نص البرقية المرسلة من قيادة القوات البريطانية في مصر إلى المخابرات الإنجليزية ونصها " فيما يختص بالاجتماع الذي عقد في فايد 10 نوفمبر سنة 1948 بحضور صاحب الجلالة البريطانية وأمريكا وفرنسا، أخطركم أنه سوف تتخذ الإجراءات اللازمة بواسطة السفارة البريطانية في القاهرة لحل جمعية الإخوان المسلمين "
وفي 20/11/1948 أرسل رئيس إدارة المخابرات فرع "أ" بقيادة القوات البريطانية بالشرق الأوسط، إلى إدارة المخابرات (ج-س-13) في القيادة العليا للقوات البريطانية في مصر خطابًا، هذا ترجمته الحرفية:
1. بخصوص مذكرتكم رقم 743 / أ ن ت / ب / 48 المؤرخة في 17/11/1948
2. لقد أخطرت هذه القيادة العليا رسميًا من سفارة صاحب الجلالة البريطانية بالقاهرة أن خطوات دبلوماسية ستتخذ بقصد إقناع السلطات المصرية بحل جمعية الإخوان المسلمين في أسرع وقت ممكن.
3. فيما يتعلق بالتقرير الذي كان قد رفع من الرعايا الأجانب المقيمين بمصر، فقد أرسلت لوزارة الخارجية للعلم.
التوقيع/ رئيس إدارة حرف "أ"
قيادة القوات البريطانية في الشرق الأوسط
كولونيل: أ ر م. ماك درموف
وأخطر الإنجليز القصر الملكي والحكومة ووافقت الحكومة على هذه المؤامرة فأصدرت أمراً عسكرياً بحل الجماعة واعتقال جميع أعضائها ومصادرة أموالهم وشركاتهم ومؤسساتهم وكل ما يخصهم... كما أرفق الاعتقالات أيضًا حملة شديدة في الصحف والإذاعة المصرية تتهم الإخوان بالإرهاب والإجرام ، وتساند الحكومة في إجراءاتها العنيفة والقاسية ضد الجماعة .
وفي ليلة عيد الملك 12/2/1949 قام البوليس السياسي بتدبير من إبراهيم عبد الهادي والملك بإطلاق الرصاص على الشيخ حسن البنا ، ولم يمت ساعتها بل طلب لنفسه الإسعاف وذهب إلى القصر العيني، وهناك صدرت الأوامر بعدم إسعافه بل تركوه ينـزف حتى الموت ومنعوا الناس من السير في جنازته فلم يحمله إلا والده الشيخ الكبير والنساء .
ودارت الأيام وتوالت الأحداث ومضت الأعوام وأعداء الإسلام يتصدون لدعوة الإخوان المسلمين في خصومة شديدة ، وعداوة قاسية ، وحقد أسود ويضعون في طريقها كل العراقيل . . واستعانوا في ذلك بالرؤساء والزعماء وذوي السلطة وجندوا لذلك كل الحكومات في محاولات يائسة للحد من نشاط الجماعة وتعطيل مسيرة الدعوة . . وأثاروا حول الدعوة والجماعة غبار الشبهات . . ووجهوا لها أظلم الاتهامات وحاولوا أن يلصقوا بها كل نقيصة وأن يظهروها للناس في أبشع صورة معتمدين في ذلك على قوتهم وسلطانهم ومعتدين بأموالهم ونفوذهم . . وأنزلت بالإخوان المحن . . فاعدموا . . وسجنوا . . واعتقلوا وشردوا وصودرت أموالهم . . وعطلت أعمالهم . . وفتشت بيوتهم وطالت بهم المحن ...
وحدثت ثورة 25 يناير 2011 وتم تنحية حسني مبارك ، ومن ثم قررت جماعة الإخوان المسلمين وجناحها السياسي المتمثل في حزب الحرية والعدالة، تقديم محمد مرسي مرشحا للرئاسة ، وبعد جولتين أعلنت لجنة الانتخابات الرئاسية المصرية محمد مرسي فائزا في الجولة الثانية من الانتخابات بنسبة 51,7% وذلك في يوم الأحد 24 يونيو 2012 .
فهل تركه أعداء الإسلام يحكم ؟ مع انه جاء كما يقولون بالديمقراطية والصناديق !!
وهل تعاون العالم العربي والإسلامي والعالمي معه ؟ مع أنه جاء بأنزه انتخابات كما وصفها رؤساء وصحف العالم !!!
مضى ـ حفظه الله ـ وقد ورث دولة مهدمة مخربة ، عبث فيها المفسدون على مدى ستين عاما من الحكم العسكري ، وخلال سنة من حكمه تكالب عليه الأعداء من الداخل من العلمانيين والفلول والليبراليين واليساريين والنصارى وكذلك من الخارج الدول الإقليمية والعالمية ..
تكالب عليه الأعداء وهو ـ حفظه الله ـ يعلم جيدا عداوة الصليبية الصهيونية للإسلام ، حيث أن الأمر واضح له ولكل مسلم يقرأ كتاب الله : قال تعالى { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم } (البقرة: 120) وقال تعالى { لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا } (المائدة : 82)
فتم تشويه صورة الإسلام وصورته شخصيا وصورة الإخوان المسلمين وصورة كل انجازاته ومشاريعه ... فلم يستقيل أو يتنحى وثبت حفظه الله ، فانقلبوا عليه بانقلاب عسكري بمسرحية 30 يونيو ، ثم إبادة الشعب المصري المعتصم سلميا في الميادين وخاصة في ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة ..
لقد اقتحم الزبانية الميادين يعيثون فيها قتلا وحرقا ، وسحلا وذبحا وتدميرا وفسادا. والمعتصمين ما بين راكع وساجد ومستغفر ومسبح ونائم وجالس يطالب بعودة حقه المسلوب ... مع تغطية اعلامية اجرامية قاتلة لا تقل عن القتل بالسلاح .. فاستشهد 2600 شهيد على الأقل ..
إذا فهمنا سر تدمير سوريا ، سنفهم سر تدمير مصر ، وبالتالي سنفهم حقيقة الهجوم الشرس على حرية الإنسان ، وكرامة الإنسان ، وأدركنا حقيقة الإصرار المحموم على ضرب الإسلام بأساليب شتى ..وبمسميات شتى ...
إن ما يجري ليس محصورا ضد الإخوان ، بل ضد الإسلام .. وضد تطبيق شرع الله ، وضد الرجوع إلى التمسك بالإسلام بشموله وتكامله وتوازنه فهو منهج حياة .. فما يحدث في سوريا وفي مصر ليس صراعا سياسيا ، وليس صراعا على المصالح والمكاسب ، وليس صراعا اقتصاديا ، وإنما صراع بين الحق والباطل ، بين الحرية والعبودية ، بين الوجود والعدم ، بين العزة والذل ...
لقد التقت دماء الشام مع دماء مصر فكانت حطين .. والتقت دماء الشام مع دماء مصر فكانت عين جالوت ... والآن تلتقي دماء الشام مع دماء مصر فماذا سيكون ؟
كل الأمل .. وكل الخير .. وكل الثقة بوعد الله ، وعلى ضوء السنن الربانية .. كلما كان هناك سعار محموم لإبادة الإنسان المسلم الحر .. يقوى هذا الإنسان المسلم الحر أكثر وأكثر .. فيستوي لديه الموت والحياة ...
وكلما سفك دماء الأمة الإسلامية ، واعتقل شبابها ودمرت ممتلكاتها كانت تعود أقوى عودا واصلب تماسكا ، وأطول نفسا .. وأنضج فكرا ، وأكثر وعيا ..
إن الإسلام قادم .. فاستبشروا يا أهل سوريا .. يا أهل مصر .. واستبشري أيتها الأمة الإسلامية .
" آلا إن نصر الله قريب"
والله اكبر والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين