بغير القصاص لن تصلح الثورات ما أفسده المفسدون!!
بغير القصاص
لن تصلح الثورات ما أفسده المفسدون!!
حذيفة العاصي
قال تعالي : " وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " البقرة 179 ، قاعدة ربانية اختطها الله تعالى لما يصلح به حال عباده ، وبغيرها لن تكون حياة بل موت وفساد ، وبتطبيقها لا يعتدي مخلوق على مخلوق ، ولا يتجاوز أحد على أحد ، لأنه سيعلم إن هناك جزاء ينتظره جراء عدوانه ، أو سرقته ، أو تطاوله على غيره بغير الحق ، فيرتدع هو أو يرتدع غيره من حملة " جينات " الفساد و المصابين بـ " فيروسات " العدوان والظلم ، في حال أقيم القصاص بحق أحدهم ، وإذا أقيمت الحدود واقتص من المعتدي حل العدل وأمن الناس على أنفسهم وأموالهم وبيوتهم ، وبهذه القاعدة الربانية التي يقتص فيها من الشريف قبل الغني عاشت الأمة الإسلامية تحت ظلال العدل الوارفة ، عزيزة كريمة خالية من الأحقاد والضغائن ، سادت على الأمم جميعها.
والقصاص هو أساس الحكم الذي دعا القرآن إلى إقامته ؛ الذي سيصل بنا إلى العدل وأداء الأمانات إلى أهلها ، يقول عز وجل : " إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ " النساء 58 ، وبهذا نصح الفاروق رضي الله عنه أميره سعد بن معاذ : " وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراساً من المعاصي منكم من عدوكم ، فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم ، وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله ، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة ، لأن عددنا ليس كعددهم ، وعدتنا ليست كعدتهم ، فإذا استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة ، وإلا ننصر عليهم بفضلنا ولن نغلبهم بقوتنا " ، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : في الفتاوي : " فإن الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة وعاقبة العدل كريمة ، ولهذا يروى : الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة ".
ولما أهملت هذه القاعدة الربانية اختفى العدل ، وتحولت الحياة إلى موت ، وحل مكان القانون شريعة الغاب ، وساد الظلم ، وأكل القوي الضعيف ، وطبقت الأحكام على الضعيف وترك الشريف ، فكان هلاكا وموتاً ، وفتنة في الأرض وفساد كبير ، ثم منّ الله على الذين استضعفوا في الأرض بأن استخلفهم فيها ومكن لهم ، لينظر كيف يفعلون ، ولكنهم ما رعوا هذا التمكين حق رعايته ، وإنما أطاعوا الغرب فيما ذهب إليه ، فأقروا على أنفسهم عدم محاسبة الظلمة مقابل وصولهم إلى الكرسي ، مفرطين بعدم رد الحقوق إلى أهلها ، فزادهم الله هواناً أكثر من الهوان الذي كان قد ران على من سبقهم ، وذلاً لم يكن ، وازدادوا هلاكاً وموتاً ، وزاد المفسدون في إفسادهم وإرجافهم بعد إن امنوا العقوبة ، وحدث عما يجري في بلاد الثورات من فتن لم تعهد من قبل ؛ ولا حرج .
وهذا ما يجب إن يفهمه الشعب السوري حتى لا تتكرر التجربة نفسها بعد سقوط نظام المجرم الأسد ، ويصل كرسل الحكم إلى غير أهله ، وأن يقدم من فوره على القصاص من القتلة والمفسدين ، ورد الحقوق إلى أهلها ، وإحباط مخططات الغرب الساعية إلى تصنيع أنظمة كما في السابق ، والتي ستمنع إقامة القصاص ، وتعمل على تضيع الدماء ، حتى لا تعود الأمة الإسلامية إلى الحياة من جديد .