رسالة إلى معالي وزير الاستثمار الجديد
رسالة إلى معالي وزير الاستثمار الجديد
بدر محمد بدر
كتبت أكثر من مرة عن ضرورة مواجهة هذه الفوضى الإعلامية، وهذا التجاوز الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام منذ أكثر من عامين، وقلت إن الحرية بلا قيود وضوابط تحمي المجتمع والدولة، خصوصا في مراحل الأزمات والثورات، هي فوضى تؤدي حتما إلى الانهيار والفشل.
أنا مثل كل مواطن حر شريف، وكل صحفي غيور على مهنته ووطنه، أعشق الحرية وأحترم الرأي الآخر، وأبحث عن الحقائق والمعلومات، وأجتهد في أن أقدم لوطني ما يساعده على الرؤية الصحيحة والحكم المنطقي، وأبغض كل القيود والحواجز، وأكره التضييق على الرأي، بشرط ألا تؤدي هذه الحرية (أو الفوضى التي يمارسها البعض) إلى ضرر للآخرين، خصوصا ونحن نتحدث عن ظروف استثنائية خاصة تمر بها مصر حاليا، والمثل الشعبي يقول "أنت حر ما لم تضر".
لكن ما يجري منذ فترة في برامج بعض الفضائيات الخاصة ليس من باب الحرية التي أدافع عنها، وليس من زاوية الحق الطبيعي في الاختلاف، لأن التجاوز في استخدام الحرية يفتح الباب أمام الضرر الذي لا يمكن تفاديه، والشعب المصري ضج من أسلوب التحريض والتشويه والتدليس والكذب، الذي تمارسه بعض هذه الفضائيات، وكثيرون ممن ألتقي بهم يلقون باللوم على مؤسسة الرئاسة وعلى وزارة الإعلام في تركها الحبل على الغارب لتجاوزات هذه الفضائيات دون رادع.
وإذا كانت مؤسسة الرئاسة تأمل في أن تصلح المؤسسة الإعلامية من نفسها بنفسها ودون تدخل من أي جهة، وأن تجد من بين أبنائها الشرفاء من يواجه هذه التجاوزات، بل هذه الخطايا، فإن الواقع المر يقول بأن غالبية الإعلاميين غير راغبين، أو على الأقل غير قادرين على القيام بهذا الدور حاليا لأسباب عديدة، ليس أقلها هو تحكم جهاز أمن الدولة في اختيار معظمهم من الأساس، وأيضا توهم البعض أن هذا النظام لن يستمر طويلا وبالتالي يبرر هذا التجاوز الأثيم في حقه!.
إذن لن تنجح حاليا محاولات مواجهة هذه التجاوزات من داخل المنظومة الإعلامية الحالية، التي هي حصيلة ونتاج عهد بوليسي فاسد، وسيطرة تيارات علمانية ويسارية إقصائية، أو أصحاب مصالح خاصة، ولابد إذن من تحرك من خارج هذه المنظومة، لوضع أهم الضوابط المهنية والقانونية لممارسة الحرية الإعلامية بصورة إيجابية، خصوصا ونحن مقبلون على إجراء أهم انتخابات نيابية تمهد لبناء مشروع مصر الحضاري، وهذه مسئولية وزارة الإعلام أولا وأخيرا.
ولكن عندما راجعت بعض اللوائح الموجودة أصلا في القانون، اكتشفت أن بها الكثير من الضوابط التي تحتاج إلى تفعيل فقط من الجهات المسئولة، فيما يخص القنوات الفضائية الخاصة في المنطقة الحرة الإعلامية، ومنها مثلا قرار مجلس إدارة المنطقة (التابعة لهيئة الاستثمار)، الصادر في أبريل 2011 يضع الضوابط والمبادئ، التي يجب أن تراعيها القنوات الفضائية العاملة بالمنطقة ومنها: الالتزام بالموضوعية وعدم بث الوقائع بصورة مشوهة أو مبتورة وتحري الدقة والتوازن.
ومن بين الضوابط: عدم المساس بالمصلحة القومية للبلاد - عدم بث مواد إعلامية من شأنها الحث على التطرف وإثارة الفتن والحض على الكراهية أو ازدراء الأديان - احترام خصوصية الأفراد والمؤسسات وعدم التشهير بهم أو تشويه سمعتهم - الالتزام بحق الرد والتصحيح على ما سبق بثه من وقائع، هذه الضوابط وغيرها تحتاج من وزارة الاستثمار إلى إعداد الإطار التنفيذي لمتابعة هذه الفضائيات، والتأكد من عدم مخالفتها، وتوقيع العقاب على من يتجاوز.
إن العاملين الشرفاء في مجال الإعلام، الورقي والسمعي والبصري، يشعرون بالألم والمرارة من استمرار انتهاك القيم المهنية الراسخة دون رادع.