مهنة في خطر
أحمد الجمال الحموي *
هذا العنوان هو عنوان مقالة للدكتر فهمي هويدي (المصري) نشرتها جريدة السبيل الأردنية بتاريخ 31\3\2013 وغيرها من الصحف والمواقع الالكترونية
ويعرف كل من يتابع الدكتور فهمي أهمية مقالاته ووزنها حتى وإن كان للقارئ رأي آخر يخالف فيه الدكتور في بعض الأحيان
ومقالة الدكتور التي ذكرتُ عنوانها والتي سأتحدث عنها في مقالتي هذه مقالة خطيرة جداً وتكمن خطورتها فيما حوته من معلومات تكشف مدى التزوير والكذب الذي انحدر الإعلام إلى مستنقعه الآسن خضوعا للأهواء أو لأوامر الأعداء .
وإنه لمن غير المستغرب أن ينغمس إعلام يهودي أوصليبي في قذارة الكذب وتشويه كل ما له صلة بالإسلاميين ولكن المستغرب أن يقع في هذا إعلاميون يحملون أسماء إسلامية ويزعمون أنهم مسلمون .
وعلى الرغم من روعة مقالة الدكتور فإنني أريد أن أضيف إليه أن أوطاننا كلها في خطر من جوانب شتى اجتماعية وسياسية وفكرية وغيرها وليس تلك المهنة فحسب، ومن أسباب ذلك ، إعلام التدليس والتآمر السمج المفضوح الذي لم يعد خافيا على كثير من الناس .
وقبل أن أعرض مقتطفات من مقالة الدكتور سألفت الأنظار إلى بعض النقاط فيها ليسهل على القارئ الكريم رؤية تلك النقاط وملاحظتها ولولا خشية الإطالة لعرضت المقالة كلها لغناها ولأنها شهادة عظيمة من أهل المهنة قلّ أن تجد لها مثيلاّ وإليكم النقاط التي أود الإشارة إليها :
1 - أن المقالة تفضح أسرار تلك الحملة المسعورة على الرئيس مرسي وعلى الإسلاميين عامة وتجرد أرباب تلك الحملة حتى من ورقة التوت هذا إن كان هناك ورقة توت أصلاً.
2- أن الكلام الذي أورده الدكتور فهمي ليس من عنديّاته وإنما هو من العاملين في الحقل الإعلامي أنفسهم مما يمنحه قيمة كبيرة تدمغ ذلك الجيش المنحاز من الإعلاميين سواءً منهم من كانت عداوته للإسلام ذاتية أو مدفوعة الأجر.
3 - أن كلام الإعلاميين مع الدكتور فهمي كلام تلقوه من رؤسائهم وهؤلاء الرؤساء إعلاميون معروفون يمسكون بزمام كثير من الصحف المصرية مما يتيح لهم دورا كبيرا في توجيه الشعب وصياغة رأي عام معاد للدكتور مرسي وللإسلاميين وعلى رأسهم الإخوان المسلمون عن طريق الغش والتزييف .
4 – إن الكلام الذي سمعه الدكتور فهمي كان من مجموعة من المحررين والمحررات وليس من محرر واحد وفي هذا زيادة ثقة بما قالوه ونقلوه .
5 – هؤلاء المحررون يعمل كل واحد منهم في صحيفة غير التي يعمل فيها الآخرون لكن الأمر الذي ينبغي الوقوف عنده هو نوع الأوامر التي صدرت لهؤلاء المحررين من رؤسائهم وهي كلها تحريض ممنهج على الإسلام والإسلاميين، وهذا يدل على شيئين.
أولهما : أن ثمة رابطة أو جهة عليا تربط بعض هذه الصحف ببعضها الآخر وتنسق بينها وإلا لما صدر من رؤسائها تعليمات موحدة للمحررين العاملين في صحفهم .
وثانيهما : أن القاسم المشترك الأعظم هو عداوة الإسلام وكل ما يمت إليه بصلة ولئن قيل إن الإسلاميين شيئ والإسلام شيئ آخر فإن هذه كلمة حق أريد بها باطل ولم تعد هذه الحيلة تنطلي على أحد .
6 – أن هذا العدد من المحررين هم بَعض مَنْ تحركت ضمائرهم أو على الأقل من لهم معرفة بالدكتور أو هداهم تفكيرهم إلى بثّ شكواهم إلى الدكتور فهمي للاقتباس من حكمته والاستفادة من توجيهاته . لكن يا تُرى كم عدد المحررين الذين لم يملكوا الجرأة على الشكوى خوفاً على لقمة العيش ؟ أو كم عدد الذين لاصلة لهم بالدكتور فهمي أو لا يعرفون الطريق إليه .
7 – يلاحظ أن الأوامر التي صدرت للمحررين مؤيدة ومدعومة بتهديد لمن لا ينفذها في ظروف صعبة كثرت فيها البطالة والغلاء مما يزيد من تأثير التهديد على الحياد والنزاهة .
8 – هذا الذي يحصل في مصر هو صورة مكررة لما يحصل في دول أخرى ومعنى هذا ان الأمر أكبر من أن يكون محلياً محصوراً في مصر وهذا يدل على أن الجهات الراعية للتحريض جهات عالمية تملك إمكانات ومؤسسات ضخمة وذات امتداد ونفوذ واسعين .
وقبل أن أعرض مقتطفات المقالة الرائعة أقول : من يقرأ صحف الفلول التي عزّ عليها سقوط نظام الكنز الاستراتيجي لإسرائيل يحسب أن مصر كانت أفضل من سويسرا ومن مجموعة الدول السكاندنافية . فلما جاء الدكتور مرسي استطاع أن يدمرها قاصداً في بضعة أشهر وتباً بعد هذا للكاذبيبن الذين ليس في وجوههم قطرة ماء ولا ذرة حياء .
وهذه هي المقتطفات التي أردت أخذها من مقالة الدكتور فهمي هويدي :
(( يشكو لى بعض الشباب الصحفيين والصحفيات الضغوط التى تمارس عليهم من جانب رؤسائهم فى الصحف الخاصة التى يعملون بها، حين يطالبونهم بالانحياز إلى طرف دون آخر فى تغطيتهم الإخبارية للأحداث التى تشهدها مصر. وهى ضغوط بدأت بالتلميح والإيحاء فى مرحلة، ثم أصبحت تمارس صراحة وعلنا فى الأشهر الأخيرة.
سجلت خلاصة التوجهات التى تحدثوا عنها، ووجدت أنها تطالبهم بما يلى:
التركيز على أن الإخوان معتدون وأن الآخرين ضحايا
تصوير اللافتات التى تندد بالرئيس مرسى وتتحدث عن حكم المرشد
التأكيد على عدم شرعية الرئيس وبطلان تعيين النائب العام
الإشارة المستمرة إلى بطلان الجمعية التأسيسية والتركيز على أن الدستور وضعه فصيل واحد
المبالغة فى نطاق مظاهرات الأقاليم وفى تقدير أعداد المشاركين فيها
التركيز على استحواذ الإخوان على السلطة وتغلغلهم فى مفاصل الدولة
اضطهاد الإخوان للأقباط وعداؤهم للمرأة
الإلحاح على وجود أزمة بين الرئاسة والجيش والمطالبة بنزول الجيش إلى الشوارع وتوليه للسلطة
وجود أزمة بين الإخوان والسلفيين
اتهام حماس بالتآمر على مصر والإعداد لتخريب المنشآت العامة فيها
الإلحاح على أن الأَنفاق تمثل خطرا على مصر ومصدرا لتهريب السلاح إليها
الإصرار على أن حماس هى المسئولة عن قتل الـ16 ضابطا وجنديا مصريا فى رفح
تلميع قيادات جبهة الإنقاذ ومقاطعة قيادات الإخوان
إلى غير ذلك من الإشارات التى تصب فى مجرى تسييس الأخبار وتلوينها بحيث تعبئ القارئ لصالح اتجاه وتحرضه ضد اتجاه آخر.
حدثونى أيضا عن أجيال المتدربين الذين يلتحقون بالصحف على أمل التعيين فيها، وكيف أنهم الأسرع فى الاستجابة للتعليمات لإرضاء المسئولين وإقناعهم بجدارتهم بالتعيين.
أشفقت عليهم من ضراوة الاستقطاب وتحول الصحف إلى منشورات سياسية تتبنى موقفا واحدا وتقول كلاما واحدا كل يوم. وكانت فى ذهنى طول الوقت التجربة الأخيرة لزميلنا الأستاذ أسامة غريب الكاتب المتميز الذى منع عموده اليومى فى إحدى الصحف «الليبرالية» لأنه لم يكن منحازا مائة فى المائة مع خط الجريدة التحريضى التى يعمل بها، فتوقف عن الكتابة ثم انتقل إلى منبر آخر احتمله مرة واحدة فى الأسبوع.)) انتهت المقتطفات .
وقد ظهر بعد هذا العرض أن الحملة المسعورة على الإسلاميين حملة كاذبة خاطئة .
وأن وراءها جهات تعادي الإسلام والأمّة التي تعشق هذا الإسلام وتفديه بالغالي والنفيس.
وأن العاملين في هذه الحملة إما أنهم لا ينتمون إلى هذه الأمة على الحقيقة ، أو أنهم لا ينتمون إليها فكرياً ووجدانياً.
وسلامٌ بعد هذا على الحق الضائع عند أدعياء التقدم والحضارة
وسلامٌ على حرية الرأي وهيبة الإعلام التي داسها الأقزام المأجورون بأقدامهم القذرة .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين .
نائب رئيس جمعية علماء حماة سابقاً
عضو مؤسس في رابطة أدباء الشام
عضو مؤسس في رابطة العلماء السوريين
عضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين.