مظاهرة سياسية!
أ.د. حلمي محمد القاعود
كان مؤتمر نادي القضاة مساء الاثنين الماضي مظاهرة سياسية بامتياز, فقد ضم كل أطياف الفريق المناهض لرئيس الجمهورية, في الوقت الذي كان فيه مجلس القضاء الأعلي
يناقش موضوع القضاة مع الرئيس في القصر الجمهوري. لغة المؤتمر كانت غريبة علي القضاة الذين يفترض أنهم يمثلون الهيبة والوقار والترفع عن المهرجانات الدعائية, وعدم التشبه بالمتظاهرين الذين خرجوا يوم الجمعة الماضي احتجاجا علي ما رأوه تفريطا في حقوقهم وحقوق الوطن.
لقد غضب بعض القضاة من تظاهر الشعب حول دار القضاء العالي, مع أن التظاهر حق لكل المواطنين, ثم جاء نادي القضاة ليصنع مظاهرة مماثلة تم فيها إطلاق أوصاف غريبة علي متظاهري الجمعة الماضية: العدوان البربري, والعدوان الممنهج, والقتلة الذين يتصدرون المشهد, والرغبات الشيطانية لهدم الوطن, وتجريف السلطة القضائية, والتهديد بملاحقة الداعين للمليونية أمام الجنائية الدولية, والاستقواء بأوباما بعد اتهامه بتمويل نشر الفوضي: إذا كنت لا تدري ما يحدث في مصر فتلك مصيبة, وإن كنت تعرف فهذه مصيبة أعظم, فما يحدث من تضييق علي الحريات والقبض علي النشطاء أمر يجل عن الوصف. علي أمريكا رفع هذا العبء عن الشعب المصري الذي يئن مما يتعرض له وفي مقدمتهم قضاة مصر, فإن الشجار والسب والتجريح ليس في قاموس القضاة, ولكن السن بالسن والعين بالعين والبادئ أظلم.
إن القضاء يتغيا العدل, والعدل يعني تطبيق القانون, ولا أحد يغضب من تطبيق القانون, ومن حق الناس أن يطالبوا بالمساواة وفقا للدستور, وما يراه الشعب من مفارقات تجري في ساحة العدالة يفرض علي كل السلطات أن تصغي لما يقوله الشعب, وحين يقول الناس لابد أن يتساوي القضاة مع غيرهم من العاملين في الإحالة علي التقاعد فهذه ليست مذبحة, وليست افتئاتا علي القضاء, خاصة أن نادي القضاة قبل الثورة كان هو الذي يطالب بخفض سن التقاعد في جمعياته العمومية, وكان الرئيس السابق للنادي قد نوي القيام بمسيرة لقصر عابدين منعها وزير الداخلية الأسبق. القضاة كبار السن سيتولون الفصل في القضايا دون إسناد مسئوليات إدارية إليهم مثلهم مثل أساتذة الجامعات, فأين هي المذبحة ؟ ولماذا لا نتوافق ونبني مصر بالتفاهم بدلا من التظاهر؟.