حرب صليبية ثالثة – بالأصالة وبالوكالة !
حرب صليبية ثالثة – بالأصالة وبالوكالة !
عبد الله خليل شبيب
قد بدت البغضاء من أفواههم! وماتخفي صدورهم أكبر
!
( فلتات) ألسنتهم تدل على حقائق أفعالهم!:
حينما شن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية[ بوش
الصغير ] حملته العسكرية الأولى على بلاد المسلمين .. صاح [ بنشوة غبية تنضح حقداً
: إنها الحرب الصليبية]..!! وكأنه يرى نفسه [ ريتشارد الجديد] !
ولعل أحد خبثاء ؛ أو خبراء- -سواءً- الإدارة
الأمريكية المتآمرة .. لكَزه ؛ أوغمَزهُ فحاول أن يتراجع عن كلمته [ البلقاء -
البلهاء] أو [ يلفلفها !] – ولكن هيهات !
قد قيل ما قيل – إنْ صدقا وإنْ كذبا- فما اعتذارك من قول إذا قيلا ؟!
..وصدق الله..." قد بدت البغضاء من أفواههم
..وما تخفي صدورهم أكبر" !
..
لم يزد [بوش] بعبارته الغبية التي كشفت حقيقة خبيئة القوم .. عن أن كرر كلمة [
سلفه أللنبي] حين دخل القدس – في الحرب الصليبية الثانية .. [ الاستعمارية ] والتي أدت إلى سقوط
دولة الخلافة بعد 13 قرنا.. إذ قال أللنبي – منتشيا كذلك – حين دخل القدس غازيا -
: [ الآن انتهت االحروب الصليبية ] .. يقصد أن يربط الحروب الصليبية الثانية [
الاستعمارية ] بالحروب الصليبية الأولى المعروفة في القرون الوسطى ..والتي أدى
احتكاك الأوروبيين [ الهمج وقتذاك ]- فيها - احتكاكهم بالمسلمين في الشرق – وقبل ذلك
في الأندلس – إلى يقظة أوروبا وبدء سيرها على طريق النهضة .. متأثرة في كثير من
الجوانب بالمسلمين !
..أما [بوش أو – وبش- مع تغيير ترتيب الحروف
] فقد قصد : [الأن ابتدأت الحروب الصليبية الثالثة ] .. والمستمرة منذ ذلك الحين !
بل وقبله بسنين !
وحينما
غزت فرنسا مالي – مؤخراً - قال رئيس فرنسا – بصراحة : لنمنع قيام دولة إسلامية! ..
وتبعه وزير خارجيته ورسميون آخرون .. بتصريحات في نفس السياق ..! ولعلهم يتصورون
ذلك النمط الغريب من دولة طالبان – مع إضافات التشويه التي لم يقصر فيها إعلامهم
وإعلام توابعهم !
ومعلوم أن الفرنسيين جعلوا لهم طلائع تفديهم من عبيدهم [الأفارقة الفرانكفونيين]
..وتصرفوا ...وتصرف الجنود الماليون وبعض الأفارقة تصرفات وحشية ضد المدنيين
وقتلوا كثيرا منهم – عشوائيا ..وكان من ضخاياهم كثير من الأبرياء نساءًاً وأطفالاً
ومسالمين غير محاربين ..وصب همج الجيش المالي إجرامهم على العرب – خاصة- وعلى التجار
..ونهب البهائمُ ما وقع تحت أيديهم ..ورجعوا إلى طبائعهم وعصورهم البهيمية
بالرغم من ادعاء الغربيين التحضر والأخذ بالمباديء الإنسانية .. فالقوم
يقطرون حقدا على الإسلام والمسلمين !
هدموا الخلافة ؛ ويمنعون عودتها ؛وابدلوها
بدويلات كسيحة ! :
.. ومنذ نجاحهم في إسقاط راية الخلافة
الإسلامية – على علاتها حينها – [والعلات من المسلمين حكاما وشعوبا لا من شرعة
القرآن المحفوظ ربانيا أزليا وأبدا].. منذ ذلك الحين وهم يحرصون على منع قيام أية خلافة أو دولة أو
وحدة إسلامية ..ولذا حرصواعلى تجزئة مناطق الخلافة ..إلى دويلات هزيلة .لا يستطيع
معظمها البقاء –أو القيام على رجليه ..إلا بالاعتماد على غيره ..وقد كرسوا أوضاع
الهزال والافتقار إلى الاعتماد على الآخرين .. في أوضاع تلك الدويلات _ بوسائل
مختلفة .. كإشاعة الفساد ..ـ ودعم الظلم والتفرقة والفتن – على مختلف مستوياتها –
ونهب خيرات البلاد .. ومنع استغلال مواردها استغلالا أمثل – وإن كان فبأيديهم وتحت
إشرافهم ..ولهم – بشكل لا يُستغنى عنهم فيه – ونادرا ما يكون لأهل البلاد دور فاعل
– حتى في إدارة موارد بلادهم .. فمعظم أزمة الأمور في أيديهم .. ..وأثقلوا كواهل
معظم تلك الدويلات بديون خارجية باهظة ..تتنامى ..ولا يكاد يسدد المدينون فوائدها
وخدماتها .. وهي تتضخم – حتى تكون عبئا ثقيلا على الدويلة ..أو على كل من أراد أن
يرث تلك الأوضاع المهلهلة – كما حصل مع ورثة دول الربيع العربي ..!
وربطوا معظم الدول بقيود وظروف تترك معظمها [ كسيحة ] لا تكاد تستغني
عنهم..!
ورتبوا معظم الأوضاع ترتيبا فنيا محكما .. بحيث
يستطيعون تحريك معظمها – أو توجيهه [بالريموت كنترول]!
وأفرزت حركات الاستعمار الصليبي ومؤامراته .. ما سموه [ العالم الثالث] ..
والعالم العربي من ضمنه – بل هو أهمه ومحوره – وتتميز معظم دول ذلك العالم
بالتجزئة والمشاكل المتنوعة والاستبداد والفساد وبالتالي التبعية – حيث أنهم كرسوا
الخلاف بين حاكم ظالم مستبد مستأثر بمعظم الخيرات –وشعوب بائسة مقموعة بالكاد تجد اللقمة
..وغالب ما يعتبر الحاكم مالكا للبلاد والعباد .. فإذا أتاح لأحد أن يكسب أو أن
يتحرك .. منَّ عليه واعتبر ذلك فضلا منه عليه !
.. وغاص عالمنا – حينا من الزمن .. فيما يشبه
[القرون الوسطى في أوروبا ].. من ظلم وظلمات وتفرق وصراعات .. وكثيرا ما كانت المظالم
الفادحة تمر دون أن يعلم عنها كثير من الناس – أو ينكرونها – من الداخل أو الخارج..
... واحتياطا [ وإحباطا] لحركات الوعي
الإسلامي الصحيح – في العصر الحديث ..أوجدوا تيارات مقلدة لهم .. بعيدة عن فكر
الأمة وحضارتها بل ومناقضة لها .. ليكونوا عوامل تعويق ..وتعطيل ..ومجابهة –
داخلية ومحلية- ..لأي نهضة حقيقية تقوم على أساس إسلامي سليم .. وجهزوها بالشعارات
البراقة الخداعة التي تدغدغ عواطف الجماهير – كما كانت الشيوعية- قبل أن تسقط
وتنكشف .. وينكشف دعاتها – بعد أن نقطع عنهم[ إمداد الروبلات ] من المصدر :الأم –
الاتحاد السوفييتي ..
من أسباب انتصار الانتفاضات الحديثة على
الظالمين:
ولقد كان بديهيا أن يدخل عالمنا في نطاق الحركة العالمية .. وتنشر فيه
الفضائيات – التي ربما سمح لها – ابتداء للإفساد والتضليل وتعظيم الزعماء الملهَمين
..إلخ!..ولكنها شاعت وتكاثرت ..وانفتحت الأجواء ..لكافة وسائل الاتصال من إنترنت
وتوابعه وفضائيات وغيرها .. حتى لم يعد بالإمكان إخفاء شيء عن أحد!..وهذا هو الذي
ساعد على كشف عيوب النظم الفاسدة .. ومظالم الطغاة .. وغير ذلك ..
.. المهم أنه مما ساعد على نجاح ونفاذ ثورات
الربيع العربي –إضافة إلى جرأة الشعوب وتضحياتها واستيئاسها – ورفض بعض الأجهزة
القمعية من الانسياق معها في حصد الشعوب..وإقامة [حمامات دم لها وفيها ] ..وربما
لخشية الحكام من عقابيل ذلك .. المهم أن أهم ما ساعد على النجاح ..أن أحداث
الثورات منقولة بمعظم تفاصيلها – على الهواء مباشرة .. وكذلك وجود عيون ( دولية
وإنسانية ) مراقبة .. وصعوبة إنكارالوقائع أو التنصل من المسؤولية ..
اختلاف الأمر في سوريا:
ولقد اختلف الوضع في سوريا - وزاد من تعقيده –
الوضع الطائفي الشاذ .. حيث كرس الحكم نفسه خلال أربعين عاما في حزب معين وطائفة
معينة- كثيرا ما كان الحزب ستارا لها ولا يزال - .. وأراد آل الأسد أن يوهموا الطائفة
العلوية [النصيرية ] أنها في خطر من انتقام الآخرين – وخصوصا أهل السنة .. لأنهم أكثر
الناس معاناة من جرائم النظام الذي حاول أن يوهم الجميع أن الطائفة كلها مشاركة في
الجرائم والمجازر والسرقات والمفاسد – بينما اقتصر الأمر على بضع عائلات وعصابات
وأفراد – ساقوا الكثير معهم وورطوهم في مشاركتهم الجرائم ..وأغدقوا عليهم
..وأتاحوا لهم نهب الآخرين وظلمهم والتنكيل بهم ووراثة مقتنياتهم.. فغاصوا في النعم
المحرمة .. بعد أن كان معظمهم يعاني من البؤس والتهميش !
توظيف التناقضات لحروب بديلة لاستمرار أمن
الدولة الصهيونية
.. لم يغب عن [ قوى الشر ] الخارجية والداخلية
..أن توظف التناقضات .. المعدة والمعبأة .. لإشعال الصراعات ..أو زيادتها وتوسيعها
.. واستثمارها .. ! ولقد وقفوا من الموضوع السوري- مثلا – موقفا غريبا – موقف
المتفرج على جرائم رهيبة تثير الحجر .. ولم يكد التاريخ يشهد لها مثيلا في فظاعتها
!!.. موقفاً يضمن استمرار إراقة الدماء وتدميرمقومات سوريا وإبادة شعبها– لتحتاج لهم
للتعمير .. وحتى لا تقوم لها قائمة لسنين .. ليظل الكيان اليهودي آمنا سالما
مسيطرا – كما كان طيلة حكم آل الأسد -! .. وحتى لا يستكمل (الطوق الإسلامي) الذي
يتوجس منه اليهود .. لأنه – حتما كما يتوقعون – سيكون مشنقة دولتهم الدخيلة!
ففي الوقت الذي تنهال فيه الأسلحة على عصابات
شبيحة الاحتلال الأسدي ..من روسيا وإيران والعراق ..وحزب نصر الله وغيرهم..والمقاتلون
كذلك .. يمنع المجتمع الدولي [ الذي سميناه الكفرة الفجرة ٍ يمنعون السلاح الفعال
عن ثوار سوريا الأحرار الذين يرفضون قبول اي قيد يريد المتآمرون وضعه في أعناقهم!؛
والذين ترجح بسالتهم على ما في أيدي شبيحة الجحش – وما يردهم من سلاح فتاك !..ولذا
يحاول [ ذلك المجتمع الدولي ..أي أمريكا وحواشيها ] إيجاد البديل ..بقوات يدربونها
–وربما يسلحونها بسلاح أحدث وأفعل أملا في أن ترجح على الثوار الأحرار ..أو على
الأقل ,,توجد رافدا جديدا للفتنة ..والتي هي امتحان عسير آخر لثورة التحرر في
سورية..!
.. وفي نفس الوقت .. يوظفون المعركة السورية
.. كإحدى الوقائع البديلة في الحرب
الصليبية الثالثة !!
هل تتجه النوايا الخبيثة ..لإشعال معارك أخرى
بديلة ؟! :
ويبدو أنهم يستعدون [ لإشعالها وتأريثها ] في
أماكن أخر ..كالعراق مثلا .. حيث يسدر النظام الطائفي في غيه وعربدته ..ويتحدى أهل
السنة الذين [ فاض بهم الغرام ] ..ولم يجدوا بديلا عن تصعيد الاحتجاجات .. التي قد
تتصاعد إلى الاشتباكات المسلحة ..وقد يتكرر ما يشبه [السيناريو السوري] ..وإيران
جاهزة لصب النار على الوقود الطائفي ..إشباعا لمطامعها الفارسية الإمبراطورية
..وأحقادها الصفوية التاريخية !!
.. وقد يقال حينها : إن أهل السنة هم البادئون
..وقد حركتهم قوى أجنبية [ ضد حكومات أمريكا العراقية ]!..ولا يقول المتعامون..إن
عشرات الآلاف .. من أهل السنة الأبرياء في سجون النظام الطائفي الأمريكي الصفوي
..وإنهم يلقون أسوأ المعاملة .. تحت تعذيب شنيع .. وهتك أعراض رجال ونساء وأطفال
.- عداعمَّن تم إعدامهم-أو تصفيتهم منهم ومن رموزهم ..وتشريد الملايين ولا ذنب لهم
إلا انتماؤهم المذهبي –وأحيانا ً أسماؤهم!! وكذلك ليبدو الشيعة أكثرية – وهم في
الحقيقة أقلية !
الغلاة:أعداء أنفسهم ..ومن يناصرون!! :
ومما يزيد المأساة عمقا ؛ وعوق انتصار الثورة السورية
– تحديدا ً.. : نفر من الغلاة الذين – أبلى بعضهم بلاءً حسناً في مواقع عديدة – مع
ثوار سوريا .. – وصنفتهم الولايات المتحدة كإرهابيين ..ولم يؤثر ذلك في موقف
الثوار منهم بل دافعوا عنهم ورفضواعزلهم!- حيث لا يهمهم التصنيف – بقدر ما يهمهم
البسالة في مواجهة الظالمين ..
..ولكن هؤلاء – وهم لفيف من أقطار عدة
..ومعهم بعض السوريين ..وهم بضعة آلاف - ..قاموا بتصرفات غير مناسبة أساءت لهم
وللثورة .وللإسلام بشكل عام ..وساعدت في زيادة تحشيد ودعم موقف الأعداء التشبيحيين
!..
فقد
صرحوا بمبايعتهم للدكتور الظواهري – زعيم القاعدة الوارث !.. مما وجه ضربة في الصميم
للثورة السورية ..تزيد من تعنت القريب والبعيد ضدها ..وحشد القوى الدولية في
مواجهتها ومحاصرتها ..مما يصب في صالح بشار الأسد وعصاباته.., ويرفع
معنوياتهم..ويكون له أثر أكثر من كل السلاح الذي يردهم من السوفيات وغيرهم ..!
.. ثم إنهم كانوا يتهددون بتدمير بعض الأضرحة
المقدسة عند الشيعة – عدا العلويين- ..مما استعمله الأسد للدعاية وتأليب طوائف
الشيعة لحماية مقدساتهم.. فجاءه عشرات الآلاف من العراق ولبنان وإيران..وأثخنوا في
الثورة والثوار .. !..وربما فقدت الثورة على أيديهم أكثر مما قتل الغلاة من
الشبيحة وعصاباتهم!
كما سبق أن دمروا تمثال أبي العلاء المعري –
رحمه الله – في معرة النعمان! .. وعدوا ذلك – لجهلهم- تحطيما للأصنام ..إلخ
..ولوكان أبوالعلاء حيا ..لأوجع – جهلتهم ومنغلقيهم – بشعره الحكيم ..وبرباعياته
الصميمة !..ولعل غيره ينوب عنه في ذلك !
.. لقد كانت هذه [التصرفات الحمقاء] في غير
زمانها وغير مكانها ..وآذت الثورة السورية أكثر مما نفعها أؤلئك ببسالتهم النادرة
!..ولذا يثور أكثر من استفهام ..عن مثل تلك التصرفات ..والدوافع إليها ..ويوجد
مشكلات جديدة للثورة _ خصوصا وأن بعض أؤلئك الغلاة ..أوجدوا شبه إمارات منفصلة في
مواقع سيطرتهم..مما يوجد مشكلةعويصة – بعدالنصر في إقناعهم-أو التخلص منهم- كما أن
أمثالهم عقبات كأداء في وجه الثورة والإصلاح في بلاد أخرى !
.. وقد يقال – حينها- إن سوريا الجديدة –
وريثة الأسد .. تتواءم مع أمريكا في عدائها للقاعدة !
.. المصيبة أن أمثال هؤلاء- والفكر الذي
نبعوا منه – يرون أنفسهم- وحدهم على حق .. وسائر الناس على باطل !.. ويريدون
بأقليتهم وتعنت رأيهم الذي يخالف آراء الأغلبية من المسلمين – أن يفرضوا أنفسهم وأفكارهم
على الآخرين..الذين قد يرمونهم بالكفر أو الابتداع..أو غير ذلك !
.. أحد قادة الجيش الحر – وهو رتبة عسكرية
كبيرة ..سبق أن صرح – قبل أكثرمن سنة بوجوب رجوع جميع المقاتلين – من غيرالسوريين
إلى بلادهم- سواء كانوا من المناصرين للثورة أو لأعدائها ..إلا من كان يقوم بمهمات
إنسانية وإغاثية – غير قتالية ..ولم يتكرر بيان ذلك القائد ..ولم يره أحد من بعد
..فلعل هذا الموقف هو الذي يؤخذ به ..حتى ترتاح الثورة من بعض [ وجع الرأس]!!!