شيء عن الأكراد والمكونات القومية
شيء عن الأكراد والمكونات القومية
عقاب يحيى
في "مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية" أوائل الشهر السادس للعام الماضي، وبعد نقاشات ومجادلات طويلة مع ممثل الأكراد في اللجنة التحضيرية، الذي تميز بالانفتاح والتفهم.. تمّ التوصل لأعلى صيغة يمكن أن يحصل عليها الأكراد، بالاعتراف بهم قومية، بل وشعباُ له حقوقه الكاملة في دولة التعددية الديمقراطية، ووفق مواثيق الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان وتقرير المصير .. ولأمثالهم من القوميات الأخرى ..
ـ وحول الإجراءات التعسفية التي مورست ضدهم : كالتجنس، ومصادرة بعض الأراضي ونقل سكان قرى كردية ـ من زمن الوحدة، ثم البعث ـ إلى مناطق أخرى بسبب الغمر، فسد الفرات، و" الحزام العربي".. كانت التوصيات تقضي برفع الغبن وإقرار التعويض اللازم لكل المتضررين...وأمور متعددة متطورة....ومع ذلك، ورغم الروح الإيجابية التي امتاز بها الأخ كاميران حاجو ـ ممثل الأكراد في اللجنة ـ إلا أنه أصرّ على تسجيل تحفظ الأكراد على بعض الصيغ.. وحاولنا إقناعه بأن ما نصت عليه" وثيقة العهد" يتجاوز كل المعهود، والسقوف.. فتوقف مطولاً عند " قصة" : إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل عمليات الترحيل ، وقبل تسكين آلاف العائلات العربية.. أي إيجاد كركوك أخرى ..
***
ولأن صحبة جمعتنا مشبعة بالإلفة حدثت كاميران ، باختصار، عن قصة لي كتبتها ضمن واحدة من رواياتي قائمة على سخرية لاذعة بقدوم بذرة لذيذة المذاق حملها طوف كبير.. فأقبل الناس عليها بنهم شديد.. النساء والأطفال والرجال جميعاً، وحتى الحيوانات فتغيّر حال البلد وكل شيء، وانقلبت الأوضاع برمتها.. حتى تحولت لمصيبة استدعت اجتماعاً عاجلاً للقبائل والعشائر والأفخاذ والوجهاء.. وكان البند الأول في الاجتماع : إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه... فانبرى أحدهم في خطبة عصماء، منطقية، اقعية.. ترتكز على أن إعادة الأوضاع ضرب من المستحيل.. كعدداً الأسباب المانعة وهي كبيرة، ومتشعبة.. وقلت له : تطلبون المستحيل، وحالة من التطهير العرقي الذي لا يمكن لسوري أن يقبل به.. حيث كيف يمكن رمي آلاف العائلات القاطنة من عشرات السنوات.. واشتقدام من كان يوماً يسكنها؟.. وهل الوطن السوري ملكية احتمكارية لمجاميع بعينها فلا يسمح للآخرين العيش فيه، والتملك .. وأن هذا يتنافى وحقوق الإنسان، والعدل..لكن صاحبنا لم يكن يقدر على تجاوز قرار متخذ... لا رجعة فيه وعنه ...
***
طبعاً رفضت أغلبية المؤتمرين تعبير الشعب توصيفاً للأكراد وغيرهم من القوميات، لأنه يحمل مداليل خطيرة، واكتفت بتعبير قوميات، ولم تستجب لتغيير الفقرات الخاصة بالقوانين التعسفية : أي الموافقة على شروط الأكراد ب"إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه"، وتم تعديل الفقرة الخاصة المستندة إلى مواثيق الأمم المتحدة في تقرير المصير.. فانسحب الأكراد..
***
لا يفيد هنا، ولا في غيره التأكيد على المواقف الثابتة لجل المعارضة السورية التي صارت منسلمات، حول الأكراد وغيرهم من الأقليات القومية... في المساواة التامة . في الحقوق والواجبات، وفي استخدام الثقافة واللغة وممارسة الحقوق الطبيعية لتلك القوميات.. لأنها مثبتة من جهة، وليست مجالاً للمزاودة والابتزاز من جهة أخرى، وهي تطبيق صميم لجوهر الديمقراطية، وحقوق الجميع فيها.. لكن على قاعدة الانتماء لوطن واحد غير قابل للتشقيف، والتقسيم، وبعيداً عن أي أجندات إقليمية، ونزعات تعصبية، انقسامية .
ـ الأكراد وبقية المكونات القومية : السريان اآثوريين والتركمان وغيرهم، جزء رئيس من الشعب السوري ، وركن أساس في النسيج المجتمعي . وعامل مهم في صيانة وتعزيز الوحدة الوطنية، ولا يمكن أن يكونوا عامل تمزيق، أو أدوات تمرير مشاريع خارجية ..