لافروف والشواذ جنسيا

د. خالص جلبي

[email protected]

لعل المتتبعين لأخبار السياسة يرون في لافروف نموذجا للسياسي الكذاب المتحذلق، ولكن خلفيته البيولوجية غير معروفة، حتى تأتيك الأخبار من مصادر روسية؛  فلافروف حسب رواية المجلة الروسية المعارضة (Nowoje wermja – the new Times) وحسب ما أوردته مجلة در شبيجل الألمانية (العدد 10\2013 ص 161) قالت (تحت عنوان فرعي قبلات الحب من موسكو Liebegruesse aus Moskau) بالحرف الواحد: 

هل يستطيع وزير روسي في المستقبل أن يظهر للرأي العام مع وزير أجنبي وهو المعروف بالشواذ الجنسي (عفوا لوطي!). 

هنا أظهرت المجلة الأسبوعية لقطة حميمية بين الوزيرين (مع الألماني) في مؤتمر الأمن الذي انعقد في ميونيخ في 2 فبراير من عام 2013م؛ حيث ظهر الاحتضان المريب بين سيرجي لافروف 62 سنة والوزير الألماني جيدو فيسترفيله 51 عاما. 

هذا اللقاء حصل بعد أن ودع البرلمان الروسي قرارا ينص على تحريم الدعاية للشواذ جنسيا (عفوا اللوطيين). 

قال تحرير المجلة إنه يجب أن لا يكتفي التحريم على تسليط البوليس بالعصي والهراوات ضد الشواذ لتفريق جموع مسيراتهم وتظاهراتهم واحتشاداتهم؛ بل يجب الانتباه أيضا إلى الترويج لمثل هذه المناظر ولو بصفحات الانترنت، وحين ظهر لافروف وهو يرتمي في لقاء حميم بصورة غير لائقة في أحضان الوزير الألماني قالت المجلة يجب أن ينص القانون على تجريم مثل هذه الصور أيضا. 

هنا انكشف لي سر من قصة لوط في القرآن وقفت أمامها طويلا. حين وقف قوم لوط يقولون أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون!. 

قلت في نفسي إذا كان لافروف يؤتى مثل الغلمان في دبره فمرحى لسياسة يقودها وزير لوطي في الدفاع عن النظام الأسدي. 

تذكرت هنا (جان مسلييه) من التاريخ الأوربي وله قصة حين قال إن الأوغاد واللوطيين والسفلة واللصوص والمجرمين ونزلاء السجون والحرامية والقوادين هم من يقف بالمرصاد للتغيير الأخلاقي في أتون الثورات كما نرى مع وقفة روسيا بجنب (العجي بتعبير أهل الرقة).  

إذا كان (سيرجي لافروف) وزير الخارجية الروسي (الشاذ جنسيا) من يمثل واجهة روسيا يدخل المؤتمرات من قفاه بدل ناصيته الكاذبة الخاطئة فأبشر بطول سلامة يا مربع كما جاء في المثل العربي! 

ومن يريد أن يفتح هذا الباب الغريب العجيب الذي تحدث فيه القرآن في ثلاثين موضعا، حين يتحول البشر فيه إلى أمساخ فتستحق المدن أن يجعل عليها سافلها؛ فليذهب إلى كتاب (كولن ولسن) عن راسبوتين والغابة الجنسية فقد قرأت الكتابين وراعني الخبرين. 

ومن يريد أن يتتبع مسير هؤلاء الأمساخ الأوساخ (عفوا اللوطيين) الذين انضم إليهم الخبيث (لافروف) الذي يمول العصابات الدموية من فصيلة السنوريات الأسدية بالسلاح والخبرة والرجال والدبابات فليتأمل في سيرة مرض الايدز؟ 

أنا شخصيا عكفت على الظاهرة طويلا وخرجت بكتاب زاد عن 400 صفحة بعنوان (الايدز طاعون العصر)، الذي مات فيه حتى كتابة هذه الأسطر أكثر من ثلاثين مليونا، ومن يحمل المرض يفوق عشرة أضعاف هذا الرقم، ومن نشر المرض هم أمثال لافروف الممسوخ. 

في القرآن نماذج مكررة بدون ملل عن انحرافات اجتماعية مخيفة:

ـ الأول في مثل شعيب ومدين عن الانحراف المالي الذي يدمر المجتمع كما هو حال الرأسمالية المتوحشة. 

ـ والثاني في نموذج عاد وبناء المصانع لعلهم يخلدون وهو نموذج الاشتراكية الصفراء. 

ـ والثالث في نموذج صالح بالاعتداد بالبنيان والنحت في الجبال كما في محاولات التسابق في ناطحات السحاب وقتل الحياة في عقر الناقة. 

ـ والرابع هو الانحراف الجنسي الأعظم حين يتورط فيه مجتمع بأكمله؛ فيقولوا للنبي ألم ننهك عن العالمين؛ فيقول الرب لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون.

والمسخوط الخبيث لافروف من قوم لوط الذين يرون أن الطهارة ذنب يجب أن يعاقب أهلها بالإخراج من الديار، كما يفعل السنور الصغير في دمشق مع أهل داريا والقابون ومعضمية الشام. 

وحتى نزيد في الطنبور نغما فمن المفيد أن نورد للقاريء مصيبة المنحرفين جنسيا أمثال (لافروف) لنعلم لماذا حلت اللعنة بقوم لوط فأحرقت المدينة ببركان جعل عاليها سافلها.

قوم لوط  لم تكن حادثة فردية أو حارة في مدينة تضم الشواذ كما هو في مونتريال في كندا، ولكنها كانت ظاهرة اجتماعية تورط فيها مجتمع بأكمله،  وو انتشر الأيدز قديما لأنهى حضارات فلم يكن ثمة حرق للفيروس وحامليه إلا الحرق وقد يكون هذا تفسيرا للدمار الرهيب الذي أنهى حياة المدينة وأهلها من الداعرين الشواذ.

لذا كان من الضروي استعراض الأمراض الجنسية عبر التاريخ وكيف فتك الزهري (الإفرنجي Syphilis) بأجيال كاملة لمدة أربعة قرون قبل القضاء عليه بتطور الطب واكتشاف البنسلين. 

إنها قصة مهمة للسرد في ختام حديثنا عن لافروف اللوطي المسخوط بتعبير المغاربة. 

 

قصة مرض الزهري

 

إن أثر مرض الزهري هو أكثر مما يبدو للوهلة الأولى فالتأثير ليس عضويا فقط، بل يصيب الكيان الأخلاقي للفرد والمجتمع، وبهذا فإن مثل هذا التطور يمتد ليشمل كل العلاقات الاجتماعية..

الفيلسوف "شوبنهاور"

 

أما ما هو شنيع حقا فذلك هو القادم عن طريق الشبق السم تحت الورد والأفاعي ملأت لك الدرب مع لحظات المتعة الدافئة والخليلة ذابت في الحب تقرع الضمير الغارق معلنة همسات الخطر كامنة في القرب

الشاعر "جوته"

 

تذكر جائحة الايدز بجائحة الزهري Syphilis أو المرض الإفرنجي كما لقب والشيء بالشيء يذكر..

المعرفة الصحيحة هي بتتبع البداءات الأولية وتطورها، أو على حد تعبير القرآن كيف خلقت، وفي الأمراض الجنسية هذه من المفيد والطريف معرفة البداءات 

نقلت مجلة الشبيجل "المرآة" الألمانية (40\1985) عن محللي التاريخ قصة هذا المرض بأن بداياته الأولى كانت مع عهد الملك كارل الثامن الفرنسي الذي اشتهر بنزواته وشهواته.. 

بدأت القصة عام 1493 في الخريف حيث تحركت خواطره في السيطرة على مدينة نيابل Neapel على أساس أنها تخصه من الإرث وأن يستخلصها بالقوة ولكن قصة الفتح هذه ترافقت بالشؤم، انطلق الملك ومعه ثلاثون ألف رجل من المرتزقة كان بينهم عدد من الأسبان والفرنسيين وعدد كبير من الهولنديين، السويسريين والألمان وفي نهاية اللجب جيب من الداعرات قوامه 500 أنثى، يقودهن رهط من النسوة العاهرات.

من هنا بدأت قصة الزنى، الملك الفرنسي كارل الثامن، موكب دخوله إلى مدينة نيابل في ايطاليا، وصف الرجل بوجه يفيض بالشهوانية، وجسد غليظ مشوه، ورأس نادر مجوف يفيض بالبلادة، لم يعرف القراءة ولا الكتابة ولا الحساب، كل ما عرفه وبرع فيه وأتقن فيه الصنعة كعشرة أبالسة هو السفاد. 

حكم فرنسا 15 عاما كاملة كغول بشع؛ مع هذا مات عن عمر يناهز الـ 28 عاما فقط. وكان ذلك عام 1498 بدون أن يترك هذا الأحمق الشبق أي أثر سياسي في مملكته. لم يشع من فنائه أية نبضات ثقافية أو روحية، كل تطلعاته في الحياة كانت التقلب في فراش الحب مع آلاف الإناث من كافة الأصناف والأشكال والأعمار. وتحول بذلك إلى مخلوق بهيمي أعطى الأغلى مقابل الأخس كما قال ابن مسكويه صاحب كتاب تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق.

مشى الى ايطاليا بجيش من الأوغاد المرتزقة يجر خلفه ذنبا غليظا من 500 داعرة للصحبة والإيناس، واجتمع في روما بشبق شاذ مثله هو البابا اسكندر السادس الذي أصيب بدوره بالزهري.

كان تجوال هذا الجيش من الأسافل، بسبب شدة فسقه وإباحيته الزنا الذي قدح في مرض الزهري حيث قضى أول ما قضى على قبطانه وربانه فمات الملك الشهواني عن عمر صغير، بعد ثلاثة أعوام من دخول المدينة ثم عم مرض الزهري أوربا بالكامل حتى روسيا بل انتقل بشكل جزئي إلى أصحاب الشهوات في كل صقع من العالم بما فيها العالم الإسلامي والصين، وأما استفحاله وشدته فكانت في أوربا ولذلك سمي بالافرنجي.. ظل هذا المرض يحصد الناس والفساق بمنجله حتى عام 1928 لحين اكتشاف البنسلين على يد فلمنغ بشكل رئيسي.-

وعندما قفل الملك راجعا على ليون بعد عام من رجلته هذه كان قد أهدى أوروبا كلها مرض الزهري من مجموعة جنوده الخليطين من كل أوروبا...

هذا المرض الذي أقض مضجع أوروبا ونشر فيها الذعر والرعب لمدة أربعة قرون تقريبا 1496-1928... (432 سنة لحين اكتشاف البنسلين على يد فلمنغ أو 413 سنة لحين اكتشاف السلفارسان 606 عام 1909 على يد باول ايرليش...).

هذه المرة لم يكن الجذام، الجدري، الطاعون الأسود، أو الحمى الصفراء ذلك الذي ترك أثرا أشبه بالشلل القاتل بل مرض الحب الغريب "الزهري". 

والفرق ليس فقط أنه قاد إلى السقم والعجز والموت المملوء بالألم للملايين، بل تسلل مع نسمات العناق الدافئة بين المرأة وزوجها بين الآباء والأبناء بين الصديق والصديق ليصيب الرباط الإنساني المقدس بالعفن والتحلل.

إن الشيء الذي ترافق به مرض الزهري عجز عنه حتى الطاعون الكوليرا أو مؤخرا السرطان واحتشاء القلب.

واليوم يعيد الايدز الهجمة حيث يتناول مرة أخرى بالتماس جذر الوجود الإنساني حيث الغريزة الجنسية والحب. 

كتب المؤرخ الثقافي الألماني ايجون فريدل ما يلي: لقد جلب المرض معه عنصر عدم الثقة في العمل الأرضي والميتافيزيقي والعلوي والسفلي للإنسان، وبهذا فقد ضوعف فيه السم مرتين.

يقول البروفسور مانفرد ديتريش العامل فيمعهد برنهارد- نوخت لأمراض البحار والناطق المدارية ما يلي: هناك تشابه كبير بين البارحة واليوم بين الزهري والايدز...

على سبيل المثال كلا المرضين هو مرض الحب والجنس ويترك ندباته الأخلاقية بل والعضوية على ضحيته، في كلاهما تعاف النفس ممارسة الحب النظيف والجنس الحلال، في كلا الضحيتين خلافا للكوليرا والجدري يقوم الصحيح الذي سيصبح مريضا وبإرادته بنقل المرض إلى حسده من خلال

ما يزيد على أربع قرون مرت قبل معرفة مجرثومة المرض أعني اللولبية الشاحبة، خلال هذه الفترة لم يترك المرض ساحة أو قرية إلا وضربها وعطب سكانها، من الغريب أنه بدا للناس أن مصدره هو الشيوعية الجنسية لكن الهوى كان أكبر ومع استفحال الهوى مضى المرض يشق طريقا أعرض..

من ذكريات عام 1886 حيث استشرى مرض الزهري وتفاقم، وبدا في افتراس أجمل ما يملك الإنسان.. كان المرضى بدون أي فكرة عن طبيعة المرض وجراثيمه فضلا عن العلاج الجذري للمرض، وكذلك الحال مع الايدز اليوم.. حيث لا لقاح ركب، ولا علاج في اليد يعطى...

هذا المخلوق الضعيف الذي يشبه السلك المتعرج انه يشبه الدودة أو الأفعى النحيفة الصغيرة إنها جرثومة بل إحدى جراثيم الزنى، هذا المخلوق لا يعيش خارج بدن الإنسان إلا ضعيفا ولفترة قصيرة يموت بعدها، في حين أنه يتكاثر وينمو داخل أخلاط البدن الداخلية وينتشر مع القبلة العميقة والاتصال الجنسي عن طريق مفرزات الغشاء المخاطي ليدخل الدم ويخرب الأعضاء النبيلة بعد ذلك كالدماغ، والشرايين وينخر العظام، ويشوه الوجه كما في الصورة أعلاه..-

الشيوعية الجنسية، حتى إذا سقط فريسة المرض تخلى عنه رفقاؤه وخلانه...

وهناك فرق هام له وزنه بين المرضين فالزهري قديما مع كل مناظره المخيفة كما رأيناه وهو يحطم النخاع الشوكي للفيلسوف والشاعر هاينريش هاينه ويدفنه في فراشه مدى الحياة، وهو الذي سطا على عبقرية نيتشه فحطم أهم جهاز عنده أعني دماغه بالصمغ الافرنجي، مع كل هذا كانت نسبة الوفيات من كل إصابات الزهري حوالي 5% لا أكثر، أما اليوم وحتى كتابة هذه السطور فإنه يعني الموت المحقق. على حد تعبير البروفسور جالو: اعتقد أن كل المصابين سيمرضون.

يناسب الوقت تماما ما قاله العبقري الواقعي شوبنهاور (لا يستبعد إصابته بالزهري أيضا) قبل ستة أجيال ذلك الذي كره النساء بكل مرارة واتسمت فلسفته بالتشاؤم. مع ما ينتشر اليوم ويصبغ العقد الثامن للقرن العشرين بصيغته. قال الفيلسوف المتشائم عن الزهري في تلك الأيام وآثاره للإنسان والمجتمع: "إن مرض الزهري ينشر أثره أكثر مما يبدو للوهلة الأولى، انه ليس فقط فيزيائيا بل هو أخلاقي أيضا، والتأثر غير المباشر لمثل هذه التغيرات في تضاعيف المجتمع تمتد لتشمل كل العلاقات الاجتماعية الأخرى..

تماما كما يقول ابن خلدون في مقدمته الشهيرة فالماضي أشبه بالحاضر من الماء بالماء، وهذه هي أيضا قصة الزهري والإيدز، فما فرح به قوم لوط ليقضوا وطرهم في وحل الجنس بشكل حلقات وهيئات، كان أصحاب الزهري قديما يمارسون الشيوعية الجنسية بمجموعات صغيرة ولكنها نشطة متحركة حيث شكلت وسيلة النقل وشيوع المرض وانتشار الجائحة.

نعود إلى قصة الجيش المرتزق لكارل الثامن لقد مضى في طريقه في ايطاليا عاما كاملا لا يدمر ويحرق بل يعاقر الخمرة ويمارس الفاحشة والدعارة في كل مدينة حط ترحاله فيها.

كانت أجراس الكنائس تقرع وهي تستقبل السنة الميلادية الجديدة مع دخول رايات جيش كارل الثامن الفرنسي إلى روما حيث طلع إلى استقباله البابا الكسندر السادس الذي اشتهر هو وابنته الجميلة لوكريسيا بورجيا كلاهما بالفسق والدعارة إلى درجة الإصابة مؤخرا بمرض الزهري.

ما يقرب من 30.000 (ثلاثين ألف) خادمة داعرة منها 14 ألف من الفتيات الاسبانيات الجميلات هي وجيش كارل الظافر مارست الدعارة بدون توقف لمدة أربعة أسابيع بالكامل وبدأت نياشين النصر توزع على الجنود الأشاوس في صورة "حامي الجنس الجميل"؟! وبقيت الليالي الملاح على هذه الكيفية حتى انقشع الجيش العرمرم عن عاصمة النصرانية روما؟!!. باتجاه مدينة نيابل Neapel..

وعندما وصل الجيش إلى حواف مخلفات بركان فيزف حيث تقبع مدينة نيابل فتح أهل المدينة الأبواب، وانسل ملكهم الجبان فرديناند الثاني هاربا، تعاون الرجال مع الجيش الفاتح وخانوا مدينتهم، أما نساء المدينة فبذلت أجسادهن كيفما اتفق، كل الذين عمدوا إلى المقاومة كانوا 800 رجل في قلعتين واستحال حصار القلعتين إلى حفلات مجونية حمراء طويلة (على ما ذكره مؤرخ)...

إن الفيلسوف الشاعر جوته والذي حرم على نفسه الزواج حتى أصبح عمره 34 سنة خوفا من عدوى الزهري وصف تلك اللعنة بأن فتيات المدينة اصطادوا الرجال المارين ليمنحنهم حبا لا ينسى كيف لا حينما بدا الزهري يفعل فعله في احدهم فيشوي جلده ويحرق أحليله ويفترس أوعيته الدموية وأحشاءه وينخر في عظامه؟! حقا كانت ذكريات الحب جميلة لا تنسى؟... والذي حدث بعد هذا أن تفرق الجيش العتيد شذر مذر ليحمل المرض إلى كل أوروبا. وأما الملك الشاب الذي حكمه الزهري بعد ذلك فقد سلم روحه إلى بائها عام 1498 وأودع جسده في مقبرة تابعة لكاتدرائية سانت- دنيس في باريس...

ويتناقل الناس نكتة بعد خمسين عاما من وفاته بأن طبيبا مشهورا هو تيري دي هيري انبرونستينج جثا على ركبتيه يصلي أمام قبر المذكور ويقول الحمد لله الذي سخرك لأنك أمكنتني من جمع ثروة طائلة، لأنه بموبقاته كان السبب في نشر هذا المرض... 

كتب سكرتير القيصر مكسيميليان الأول جوزيف جورنبيك فون بوركهاوزن يصف الأفواج الأولى المصابة بالزهري: البعض كان مغطى من مفرق الرأس حتى أخمص القدم باندفاعات جلدية حاكة مثل الجرب، طائفة ثانية تحمل اندفاعات جلدية محددة ولكنها في قساوة لحاء الشجر، آخرون قد غطت أجسامهم التقيحات والبثور والفقاعات، وطائفة قد علت البثور وجوههم، الآذان، أو الأنف، بما يشبه الأورام أو الخوابير أو تآليل قاسية خشنة كبيرة الحجم، مع رائحة تذكر بالطاعون، في عام 1496 ضرب المرض بجناحيه السوداوين أوروبا بالكامل وفي أيلول- سبتمبر من العام المذكور كتب الدكتور سباستيان برانت ومؤلف الكتاب المشهور "سفينة الحمقى" يصف الحالة المظلمة للوضع: "من فرنسا جاءت اللوثة اللئيمة وتسلل الزهري عبر الألب متجاوزا نهر الدانوب إلى ألمانيا، والآن يحصد في تراتسيا في بوهيميا ووصل الذعر إلى بولونيا، حيث يسرع إليها".

ثم تتابع زحف المرض حتى غطى اليابسة كلا حسب فسقه ودعارته...